لا يختلف اثنان أن التسوق عملية استهلاك وترف. لكن ماذا لو تحولت إلى عمل خير يُدخل السعادة على الغير ويُغير حياة البعض للأحسن؟
سؤال أجابت عنه مجموعة «بيستر فيلج» التي تنضوي تحت جناحيها 11 قرية تسوق حول العالم من بينها «بيستر فيلاج» في أوكسفورد و«لافالي» بباريس وغيرهما، بتعاونها مع شركة «سمايلي» لتزيين كل قرُاها هذا الصيف بالرمز التعبيري الباسم. فهذا الرمز البسيط والمتميز بدائرة بلون صفار البيض وعيون سوداء مستطيلة وابتسامة واسعة أصبح لغة عالمية يعرفها الصغير والكبير. وبما أن قُرى «بيستر فيلج» تستقبل سنويا ما لا يقل عن 46 مليون شخص فإن اللبنانية شانتال خويري رئيسة قسم الثقافة في مجموعة التسوّق «بيستر فيلاج» والمُشرفة على عدد من المؤسسات الخيرية التي ترعاها المجموعة، رأت أن الاستعانة بهذه الابتسامة لتحفيز الزوار على فعل الخير تحت شعار Smiley X DO GOOD مشروع إنساني محض. فالمنتجات المطروحة للبيع في محل مؤقت إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) سيذهب كل ريعها لصالح مؤسسات خيرية ترعاها المجموعة.
تم تصميم المحل المؤقت بشكل يُغري بالتقاط صور سيلفي
من جهته، يقول نيكولا لوفراني، الرئيس التنفيذي لشركة «سمايلي» في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»: «الابتسامة صدقة، وهي ليست مرادفا للسعادة والأفكار الإيجابية فحسب بل هي أول وسيلة نتفاعل بها مع الغير لأنها أبلغ من لغة الكلام». يشرح أن رمز «سمايلي» وُلد منذ 50 عاماً بهدف واحد وهو نشر الأمل والسعادة، وأن ولادته جاءت قبل أن تكتسب «الإيموجيز شعبيتها». ما لم يتوقعه أحد حينها أن خربشة بسيطة على جريدة فرنسية من قبل والده الصحافي الفرنسي في جريدة «لوسوار» فرانكلين لوفراني تتحول إلى ثقافة عالمية. كانت فكرة فرانكلين بسيطة للغاية أن تكون الرسمة على الجريدة مضادا للأخبار السلبية والمآسي التي تُنشر يوميا ومن تم تحفيزا على الفرح من باب «ابتسم تبتسم لك الدنيا». لقيت فكرته قبولا بدليل أنها تحولت إلى شعار الهيبيز في السبعينات لتصل إلى الولايات المتحدة في عام 1977 بعد أن استعملتها فرقة «توكينغ هيدز» في طرف غلاف ألبومها «سايكو كيلر». لكن الفضل في تحويل هذه الفكرة إلى لغة عالمية قائمة بذاتها يعود لابنه نيكولا. فهو الذي وسعها في عام 2001 إلى علامة تجارية قائمة بذاتها.
فستان طرحته المصممة كارولينا هيريرا احتفالاً بعام «سمايلي» الـ50
ففي عام 2017، ومدفوعا برغبته في أن ينشر السعادة والابتسامة أكثر، أطلق هذا الأخير «سمايلي موفمنت» وهي حركة إنسانية غير ربحية هدفها نشر التغيير الإيجابي في المجتمع وزيادة الوعي بأهمية البيئة والقضايا الإنسانية والاجتماعية. تقول شانتال خويري إن تعاون مجموعة «بيستر فيلج» مع شركة «سمايلي» كان خطوة طبيعية «بل اعتبرها بمثابة زواج مثالي في هذه الفترة بالذات، حيث تحتفل (سمايلي) بميلادها الـ50 والعالم لا يزال يعاني من الكثير من الاضطرابات. ولأن هدفنا كان دائماً إدخال السعادة وتغيير المجتمعات إلى الأفضل فإن التوقيت مناسب». وتتابع: «أقل شيء يمكن أن ننتظره من هذه الشراكة هو تسليط الضوء على الجمعيات الخيرية التي نرعاها، بالنظر إلى أننا نستقبل ما يقارب من 46 مليون زائر سنويا. أنا متأكدة أن هذه المحلات المؤقتة لـ(سمايلي) ستفتح جدلا فكريا وإنسانيا خصوصا أن كل أرباح هذه المبادرة ستكون من نصيب أعمال خيرية، يهتم بعضها بتمكين المرأة وإعطاء فرص أفضل للأطفال حول العالم وبعضها يقتصر على بث الأمل بمستقبل أفضل وهو ما لا يمكن أن يستهان به أيضاً».
يلتقط منها نيكولا لوفراني خيط الحديث ليُعلق أنه تعاون مع العديد من الماركات العالمية، وأقصى ما عاينه منهم هو التبرع بنسبة تتراوح ما بين 10 في المائة و20 في المائة من مبيعاتهم «لكن أن تذهب 100 في المائة من المبيعات للخير، فهذا شيء استوقفني وأذهلني في الوقت ذاته بالنظر إلى المصاريف التي تكبدوها فيما يخص المواد والخامات والجُهد وغيرها من عناصر الإنتاج».
دخلت «سمايلي» عالم المجوهرات بتعاونها مع «ميسيكا» احتفالاً بعامها الـ50
وأضاف: «الآن أكثر من أي وقت مضى، نحن في أمس الحاجة إلى ما يُدخل السعادة إلى قلوبنا بسبب الفوضى التي تحيط بنا من كل صوب، وهذا ما يجعل تكاثفنا من أجل الخير مهماً جدا، وإن كان هذا من خلال شراء منتج بسيط رُسم عليها وجه سمايلي ليُذكرنا بأهمية تأثير الابتسام على الآخر».
ولأن الموضة تنجح دائماً في تذكيرنا بالأشياء الجميلة، ستُعرض في كل قرى التسوق التابعة لمجموعة «بيستر فيلج» منتجات تشمل قمصاناً قطنية وقبعات وأحذية وزجاجات مياه، بالإضافة إلى حقيبة كبيرة الحجم مصنوعة بالكامل وفق معايير الاستدامة على أن تُطرح قريباً مجموعة ثانية خاصة بالدخول المدرسي تشمل حقائب الظهر وباقي المستلزمات المدرسية. يعتبر نيكولا لوفراني رمز «سمايلي» ثقافة تماما مثل الموضة، لهذا كان سهلا عليه أن يجمع بينهما. فقد سبق له العمل في مجال الموضة مع المصمم أوزوولد بوتانغ في سافيل رو، وعندما استنجد به والده لينفض غُبار السنين عن «سمايلي» في التسعينات من القرن الماضي، كان أول ما قام به أنه استفاد من تنامي عالم الديجيتال في بداية الألفية، ليُدخل «سمايلي» إلى عالم الموضة من أوسع الأبواب، أي من خلال شراكات مع بيوت أزياء مهمة لتصبح الشركة واحدة من أكبر مؤسسات الترخيص العالمية. الآن تُشكل الموضة من «60 إلى 70 في المائة من عملنا، فنحن نقدم حوالي 10.000 منتج موضة سنويا» حسب قوله. وبمناسبة ميلادها الـ50 تعاون مع 85 علامة من مختلف المستويات، مثل كارولينا هيريرا وموسكينو وفندي ومونكلير وساندرو و«أيتش أند إم». كلها شراكات تتمحور حول الأمل والتفاؤل.
تشي شيرت بسعر 25 جنيهاً إسترلينياً كلها لصالح جمعيات خيرية
لكن رغم تاريخ «سمايلي» وما تعنيه، فإنها لم تدخل العالم الخيري بشكل فعلي إلا منذ 5 سنوات تقريباً حسب تصريح لوفراني: «كان ذلك عندما أطلقنا شعار أن الأخبار السارة لا تقتصر على الابتسامة بل هي أولا وأخيرا عن أشخاص يفعلون الخير ويعيدون لنا الثقة بإنسانيتنا.
وهكذا بدأنا نُسلط الضوء على المؤثرين في هذا المجال والمفاجأة أننا اكتشفنا أن عدد هؤلاء الجنود المجهولين يفوق 5000 شخص في بريطانيا وحدها. 1000 منهم يخصصون كل أوقاتهم لأعمال خيرية، و4000 منهم متطوعون بشكل منتظم، عدا عن الملايين الأشخاص الذي يساهمون بجمع التبرعات أو تقديم المساعدات بين الفينة والأخرى».