هل الإجراءات المتبعة كافية لحماية المستهلك من الغش التجاري؟

تقوم بها هيئات الإشراف على سلامة الأغذية

مهمة هيئات الاشراف الغذائي التأكد من صلاحية الطعام ونظافته
مهمة هيئات الاشراف الغذائي التأكد من صلاحية الطعام ونظافته
TT

هل الإجراءات المتبعة كافية لحماية المستهلك من الغش التجاري؟

مهمة هيئات الاشراف الغذائي التأكد من صلاحية الطعام ونظافته
مهمة هيئات الاشراف الغذائي التأكد من صلاحية الطعام ونظافته

تعمل هيئات الإشراف الغذائي الحكومية على التأكد من صلاحية الأغذية ونظافتها، كما تتعاون مع السلطات المحلية من أجل تطبيق معايير السلامة الغذائية على منافذ بيعها كافة.
وفي بريطانيا تشرف الهيئة الحكومية المختصة (Food Standards Agency) على معايير سلامة إنتاج وبيع الأغذية في أنحاء بريطانيا، وهي تتأكد من توفير المعلومات الكافية للمستهلكين من أجل اتخاذ قرارات صحيحة فيما يتعلق بما يستهلكونه من غذاء، وهي تُعنى أولا وأخيرا بالصحة العامة.
وتقول الهيئة عن استراتيجيتها لعام 2015 إنها تضع صحة المستهلك أولا وتضع لنفسها عدة أهداف؛ منها أن يكون الطعام المنتج داخل بريطانيا صالحا للاستهلاك، وكذلك الأطعمة المستوردة من الخارج. وهي تهتم بأن يلتزم منتجو الأغذية ومطاعم تناولها بقواعد النظافة والتغليف والحفظ الصحيح للأغذية. وتعمل الهيئة على أن تكون المعلومات عن الأغذية المختلفة متاحة للمستهلك؛ لكي يتخذ قراراته عن معرفة، وأخيرا فهي تُعنى بتطبيق شروط السلامة الغذائية على كل الأعمال والمنافذ التجارية التي تعمل في هذا المجال.
وتمثل هذه الهيئة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ضمن هيئة مماثلة تنسق بين الدول الأعضاء وتطبق معايير السلامة الغذائية أوروبيا. ويعمل في الهيئة الأوروبية مجموعة من العلماء من مختلف المجالات يجرون اختبارات السلامة اللازمة على مختلف أنواع الأغذية التي تباع في أوروبا أو يتم استيرادها إليها. وهي تشرف على مراحل الإنتاج ومجالات التغذية كافة بداية من الحقول وحتى طبق المستهلك. ويشمل هذا سلامة الغذاء وصحة الحيوانات الموردة للحوم والألبان وحالة الزراعات والمبيدات التي تستخدم فيها.
ويلجأ الاتحاد الأوروبي إلى هذه الهيئة واسمها «EFSA» من أجل إسداء النصيحة فيما يتعلق بسلامة الأغذية. ويمكن للهيئة أن تجري أبحاثها أيضا في المجالات التي تهمها، وذلك بالتعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويستند الاتحاد على قرارات الهيئة في إصدار التشريعات المختلفة التي تحمي المستهلك.
ويعمل في الهيئة نحو 400 موظف، ويتعاون معها 1300 عالم من أنحاء أوروبا. ويتم اختيار هؤلاء العلماء بدقة مع ضرورة إفصاح كل منهم عن عدم وجود أي علاقة له بالشركات التجارية العاملة في مجال صناعة أو إنتاج أو توزيع الغذاء.
وهذا مثال على عمل الهيئة؛ تم التحقيق في معدلات مادة الميلانين المضافة إلى بودرة الحليب المصدرة إلى أوروبا، وهي مادة ممنوعة في أوروبا؛ لأنها سامة وضارة بالكلى. وبعد البحث العلمي توصلت الهيئة إلى أن الكميات المستخدمة من الميلانين في بودرة الحليب المستورد، التي تدخل في صناعات غذائية مثل الشوكولاته والبسكويت، ليس لها أضرار واضحة لدى الكبار؛ نظرا لكميات الميلانين المحدودة فيها. وحتى لدى الصغار لا يشكل الميلانين خطرا إلا عند استهلاك كميات كبيرة من الشوكولاته أو البسكويت الذي يدخل فيه الحليب المستورد بوصفه أحد العناصر؛ ولذلك صدر التصريح لمادة الميلانين مع تحديد واضح للكميات المسموح بها من المادة.
وتهدف الهيئة في نهاية المطاف إلى التأكيد على سلامة الأغذية الأوروبية ودعم الثقة الشعبية في أن الأغذية الأوروبية تخضع لأعلى مستويات النظافة والسلامة في العالم.
وتوجد هيئة أميركية مماثلة للإشراف على سلامة الغذاء اسمها «FDA»، وهي تُعنى بدائرة أوسع من الإشراف، تشمل إصدار التراخيص للأدوية الجديدة والمنتجات البيولوجية والمعدات الطبية. كما تقوم الهيئة باستدعاء المنتجات الغذائية أو الطبية لفحصها والتأكد من التزامها بشروط الإنتاج. وتشمل حالات الاستدعاء أطعمة لدى وجود أي شكوك في أنها مصابة ببكتريا مثل الليستريا، أو بمكونات لم يتم التصريح بها. وفي بعض المخالفات تصدر الهيئة قرارات منع توزيع الأغذية المخالفة أو توجه خطابات تحذير إلى الجهات المخالفة.
ويمتد نشاط الهيئة الأميركية أحيانا إلى خارج الحدود؛ حيث ساهمت في العام الماضي في تطوير لقاح عاجل ضد وباء «إيبولا» في بعض الدول غرب أفريقيا. وأشرفت على إرسال معدات طبية وأجهزة فحص إلى المناطق الموبوءة.
ولكن على الرغم من جهود هيئات الإشراف في الدول المختلفة، فإن المسؤولية تبقى في النهاية على المستهلك للتأكد من خيارات الأطعمة التي يشتريها بحيث يراجع تاريخ الصلاحية وحالة الغذاء بوجه عام وسمعة المتجر الذي يشتري منه الطعام. كذلك تجب مراعاة الأسلوب الصحيح لطهي الأطعمة وعدم التعامل مع لحوم غير مطهية وأغذية أخرى على سطح واحد في المطبخ. كما يجب اتباع الإرشادات الصحية بعد شراء الغذاء؛ حيث يخرج هذا عن نطاق هيئات الإشراف الغذائي كافة.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».