مفتي ميانمار الحكومة ترعى الإرهاب.. وتمنع أي مساعدات للأقلية المسلمة

قال لـ {الشرق الأوسط}: إن السلطات تمنع أبناء المسلمين من مواصلة التعليم في الكليات إمعانًا في تحجيمهم وإفقار مجتمعاتهم

طفل من أقلية الروهينجا يلعب ببالونات داخل مخيم مؤقت أقيم في كوالا كانغكواي بأندونيسيا بعد وصوله من تايلاند مع عدد كبير من اللاجئين خلال حملة لمحاربة الاتجار في البشر.. وفي الإطار د. عبد السلام بن منير أحمد مفتي مسلمي ميانمار(«الشرق الأوسط») (رويترز)
طفل من أقلية الروهينجا يلعب ببالونات داخل مخيم مؤقت أقيم في كوالا كانغكواي بأندونيسيا بعد وصوله من تايلاند مع عدد كبير من اللاجئين خلال حملة لمحاربة الاتجار في البشر.. وفي الإطار د. عبد السلام بن منير أحمد مفتي مسلمي ميانمار(«الشرق الأوسط») (رويترز)
TT

مفتي ميانمار الحكومة ترعى الإرهاب.. وتمنع أي مساعدات للأقلية المسلمة

طفل من أقلية الروهينجا يلعب ببالونات داخل مخيم مؤقت أقيم في كوالا كانغكواي بأندونيسيا بعد وصوله من تايلاند مع عدد كبير من اللاجئين خلال حملة لمحاربة الاتجار في البشر.. وفي الإطار د. عبد السلام بن منير أحمد مفتي مسلمي ميانمار(«الشرق الأوسط») (رويترز)
طفل من أقلية الروهينجا يلعب ببالونات داخل مخيم مؤقت أقيم في كوالا كانغكواي بأندونيسيا بعد وصوله من تايلاند مع عدد كبير من اللاجئين خلال حملة لمحاربة الاتجار في البشر.. وفي الإطار د. عبد السلام بن منير أحمد مفتي مسلمي ميانمار(«الشرق الأوسط») (رويترز)

دعا الدكتور عبد السلام بن منير أحمد، مفتي مسلمي ميانمار (بورما سابقا) «الدول الإسلامية والعربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر، إلى التحرك بالوسائل الدبلوماسية وتقديم المساعدة الاقتصادية بالتنسيق فقط مع حكومة ميانمار، من أجل إنقاذ المسلمين المقهورين في هذا البلد»، وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» خلال زيارته إلى القاهرة أننا «نعيش واقعا من التعصب البغيض من طرف البوذيين، والحكومة ترعى الإرهاب وتمنع أي مساعدات تقدم لمسلمي ميانمار، بحجة أن البوذيين لا يريدون ذلك»، مؤكدا أن «حل المشكلة هو أن يكون هناك تدخل بحماية عسكرية للأقلية المسلمة في أراكان»، على اعتبار أنها تمثل أكبر تجمع إسلامي في ميانمار، وسكانها من «الروهينغيا» الذين يدينون بالإسلام.
كما أوضح بن منير أحمد أن «ما يحدث من تجاوزات للمسلمين أو الجماعات الإرهابية والمتطرفة في دول أخرى ينعكس على المسلمين في ميانمار، وأن الدستور مجرد ورق ونصوصه لا تفعل على أرض الواقع»، وفيما يلي نص الحوار.
* هل بإمكانك رصد حالة المعاناة التي يعيشها مسلمو ميانمار الآن؟
- الأوضاع سيئة للغاية، فقتل المسلمين الأبرياء واضطهادهم الديني وتشريدهم مستمر بشكل كبير جدا، ومسلمو ميانمار ضحايا لمختلف الأنظمة.. فلا حق لهم في الحياة، وهم يعيشون رهن العزلة أو التهجير، ولا يسمح للمسلمين باستضافة أحد في منازلهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب، إلا بإذن مسبق. أما مبيت أحد الأقارب فيعتبر جريمة كبرى ربما يعاقب بهدم المسكن أو اعتقال صاحبه، أو طرده من البلاد هو وأسرته.. إنهم يعيشون واقعا من التعصب البغيض من طرف البوذيين، وحكومة ميانمار تفتح أذرع التطهير العرقي لكل مسلم من دون أي سبب، فهناك من يقدس البقر والحيوانات بحرية من جانب البوذيين، وتحظى بمكانة لديهم أفضل من المسلم، لكن عندما يطلب المسلم أبسط حقوقه تجده يتعرض للتنكيل، بل وللقتل دون أي أسباب، غير أنه يحمل هوية إسلامية.
* هل تعتقد أن ما يحدث من قبل بعض الجماعات التي تدعي انتماءها للإسلام مثل تنظيم داعش يؤثر عليكم؟
- للأسف ما يحدث من تجاوزات للمسلمين في دول أخرى ينعكس على المسلمين عندنا، فهم يحملوننا أي خطأ قد يرتكبه مسلم أو جماعة مسلمة في أي دولة في العالم، ولديهم تعصب شديد ضدنا.
* هل يحمي دستور ميانمار الأقليات المسلمة ويمنحهم حرية العبادة؟
- الدستور يحمي الأقليات المسلمة، لكن نصوصه لا تفعل على أرض الواقع، ولا يسمح للأقليات بأخذ أبسط حقوقهم، فالمسلم مجرد جنسية فقط، وليس مواطنا له حقوق وعليه واجبات.
* وهل هناك تمييز في الوظائف ضد الأقلية المسلمة؟
- نعم.. ففي أول وزارة تم تشكيلها عام 1948 كان هناك ثلاثة وزراء مسلمون؛ أما اليوم فلا يوجد أي وزير مسلم في الحكومة، فضلا عن وجود تمييز في الوظائف القيادية، كما يحرم على أبناء المسلمين مواصلة التعليم في الكليات والجامعات إمعانا في نشر الأمية وتحجيمهم وإفقار مجتمعاتهم.
* ما هو موقف الدول المجاورة لميانمار مثل تايلاند والهند والصين وإندونيسيا؟ هل تجدون صعوبة في التواجد على أراضيها كلاجئين؟
- بعد الاستقلال عام 1962 كان نظام الحكم مدنيا ديمقراطيا، وعندما تولى أمور البلاد الحكم العسكري غابت الديمقراطية، وأصبحت تضيق على «الروهينغيا» أكثر فأكثر. فالنظام يقوم بكل أنواع التنكيل والقهر والتعذيب، والتهجير الإجباري لأغلب المسلمين، ومن يفر من مجازرهم الوحشية متجها إلى إحدى دول الجوار إما أن يموت جوعا أو غرقا، أو تعذيبا في السجون على الحدود. وهناك دول تستضيف الفارين لمعرفتهم بهول المجازر التي يتعرضون لها، لكن بالمقابل هناك دول أخرى تغلق كل منافذ الدخول، وهناك أناس يظلون معلقين بين الحدود.. أحيانا نحاول النجاة فنصطدم بواقع مرير، فحينما نتجه لبنغلاديش يعاملوننا على أساس أننا بوذيون، وإذا أردنا العودة لديارنا يحسبوننا على مسلمي البنغال.
* بنظرك.. كيف يمكن أن تساعد الدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها السعودية ومصر، ميانمار؟
- لا بد من التحرك بالوسائل الدبلوماسية عن طريق وزارات الخارجية في الدول الإسلامية والعربية، والمساعدة الاقتصادية بالطرق الشرعية، والتنسيق مع حكومة ميانمار فقط لأن هذا سيخدمنا كثيرا وسيجعل لنا مخرجا في سبيل إيصال المساعدات إلى ذوينا المقهورين ظلما وعدوانا.. أي أن الحل يكون دبلوماسيا واقتصاديا، على أن تغير الحكومة مواقفها في اضطهادنا وتمنحنا حقوقنا، وإن كنت أشك في استجابتها لوضع نهاية لمأساتنا، خاصة مع وجود النظام العسكري الذي يقابل الحلول بوجوه عدة، فتارة بتقديم الوعود التي ينقضها، وتارة أخرى يقول إنه يريد المساعدة ويقبلها لكنه يوزعها على المواطنين البوذيين.
* وما دور منظمات العالم الإسلامي في تقديم مساعدات إلى مسلمي ميانمار؟
- الحكومة تمنع أي مساعدات للمسلمين هناك، وتعلل ذلك بأن هناك مواطنين بوذيين لا يريدون ذلك، وهناك منظمات كثيرة قدمت الكثير من المساعدات؛ لكن الحكومة لا ترفض بشكل صريح، بل يستخدم رجالها حيلا تقنع مقدم المساعدة ويتسلمونها منه، لكن خلال عملية التوزيع لا يتم توزيعها إلى مسلمي ميانمار ويقتسمها البوذيون فيما بينهم.
* وماذا عن مآسي مسلمي ميانمار من الناحية الاقتصادية؟
- تصادر الحكومة أراضي المسلمين وقوارب صيدهم دون سبب واضح، وتفرض الضرائب الباهظة على كل شيء وغرامات مالية، كما تمنع بيع المحاصيل إلا للجيش أو من يمثلهم بسعر زهيد، بهدف إجبار المسلمين على ترك ديارهم.
* وهل للمسلمين حرية إقامة شعائرهم الدينية؟
- لا تسمح الحكومة بطباعة الكتب الدينية وإصدار المطبوعات الإسلامية إلا بعد إجازتها من الجهات الحكومية، وهذا أمر صعب جدا، ولا تسمح للمسلمين بلبس الزي الإسلامي في أماكن عملهم، كما تصادر ممتلكات الأوقاف والمقابر المخصصة لدفن المسلمين وتوزعها على غيرهم، وعلاوة على ذلك يمنع استخدام مكبر الصوت لإطلاق أذان الصلاة. كما تتدخل الحكومة بطريقة غير مشروعة في إدارة المساجد والمدارس بهدف فرض إرادتها عليها، ويمنع المسلمون من أداء فريضة الحج، باستثناء قلة من الأفراد الذين تعرفهم الحكومة وترضى عن سلوكهم.
* حدثنا عن محاولات فرض الثقافة البوذية على المسلمين؟
- هناك محاولات مستميتة لـ«برمنة» الثقافة الإسلامية، وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي قسرا، فقد فرضوا الثقافة البوذية والزواج من البوذيات، وعدم لبس الحجاب للبنات المسلمات، والتسمي بأسماء بوذية، وطمس الهوية والآثار الإسلامية.
* وماذا عن وضع المرأة المسلمة؟
- تقوم حكومة ميانمار بمنع النساء من الإنجاب في حالات كثيرة، ورفع سن الزواج للفتيات لـ25 عامًا والرجال لسن الثلاثين، كما تمنع عقود الزواج إلا بعد إجراءات طويلة وإذن من السلطات، فضلا عن منع التعدد مهما كان السبب، ومنع الزواج مرة أخرى للمطلق أو الأرمل إلا بعد مرور سنة، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للسجن والغرامات الباهظة أو الطرد.. والهدف من كل ذلك هو القضاء على المسلمين أو تقليل أعدادهم.. وإذا حملت الزوجة فلا بد من ذهابها طبقا لقرار السلطات الحاكمة إلى إدارة قوات الأمن الحدودية «ناساكا» لأخذ صورتها الملونة، كاشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وذلك للتأكد من سلامة الجنين، كما تدعي السلطة. كما يتم أخذ النساء عنوة من منازلهن وإجبارهن على العمل في معسكرات الجيش دون مقابل، وإجبار الفتيات المسلمات على الزواج من البوذيين، وإرغام المسلمات غير المتزوجات على الحضور إلى قيادة القوات المسلحة والعمل لمدة 6 أشهر تحت إشراف أفراد قوات حرس الحدود.
* هل تحرض وسائل الإعلام في ميانمار ضد المسلمين؟
- أي إعلامي أو صحافي يلتقط صورة أو يبث تسجيلا لنصرة الحق تتم ملاحقته والتنكيل به، أو يتم سجنه، والإعلامي الذي يقول الحقيقة يعذب ويقتل. لكن إعلام الدولة لا يبث هذه المشاهد المفزعة.
* هل تعتقدون أن المجتمع الدولي يغض الطرف عما يعانيه المسلمون في ميانمار؟
- العالم يريد المساعدة لكن البوذيين يمتنعون، رغم أن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون أكد من قبل «أنه لا بد من الأخذ بالمواطنة وترسيخ هذا المبدأ سواء كان المواطن بوذيا أو مسلما، وكل من يحمل الجنسية له حق المواطنة في المأكل والمشرب والإقامة والتمتع بكل الحريات»؛ لكن الدولة لا تنظر لما يحدث للمسلمين، بل ترعى الإرهاب الفكري والبدني ضدهم في المخيمات.
* في حال اعتداء بوذي على مسلم بورمي في نفس الدولة.. هل تتم محاكمته؟
- أي مسلم بورمي يذهب إلى قسم الشرطة لتقديم شكوى يتم إرسال بلطجية له، ويقتل قبل الوصول للمحكمة، ويتم إلصاق تهمة قتله لأي بنغلادشي مسلم.
* الآن نرى عمليات التهجير.. كم عدد «الروهينغيا»؟ وما هو الحل في نظرك؟
- كان عدد المسلمين الروهينغيا مليوني نسمة، لكن بعد المجازر والتطهير العرقي خرج ما يزيد على المليون و300 ألف، وتبقى على أرض أراكان ما يقرب من 700 ألف مسلم. وحل المشكلة يكمن في تأمين حماية عسكرية للأقلية المسلمة في أراكان.. والمدهش أن الغرب تدخل سريعا لحل المشكلة الأوكرانية؛ لكنه لا يلتفت لنا الآن.. ونحن يتم ذبحنا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».