بعد 4 سنوات على محاولة اغتياله.. صالح متمردًا

رئيس اليمن المخلوع خسر ألقابه السياسية والعسكرية ليعول على تحالفه مع الحوثيين

علي عبد الله صالح في أول ظهور له بعد استهدافه حيث ألقى خطابًا من الرياض في 11 يوليو 2011 حيث تلقى العلاج بعد إصابته (أ.ف.ب)
علي عبد الله صالح في أول ظهور له بعد استهدافه حيث ألقى خطابًا من الرياض في 11 يوليو 2011 حيث تلقى العلاج بعد إصابته (أ.ف.ب)
TT

بعد 4 سنوات على محاولة اغتياله.. صالح متمردًا

علي عبد الله صالح في أول ظهور له بعد استهدافه حيث ألقى خطابًا من الرياض في 11 يوليو 2011 حيث تلقى العلاج بعد إصابته (أ.ف.ب)
علي عبد الله صالح في أول ظهور له بعد استهدافه حيث ألقى خطابًا من الرياض في 11 يوليو 2011 حيث تلقى العلاج بعد إصابته (أ.ف.ب)

مر يوم أمس الذكرى الرابعة لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، يوم 3 يونيو (حزيران) 2011، في «جامع النهدين» داخل مبنى «دار الرئاسة» جنوب العاصمة صنعاء، وهي المحاولة التي قلبت سير العملية السياسية داخل اليمن؛ إذ نجا صالح من المحاولة رغم مقتل 9 من حراسه، إضافة إلى رئيس مجلس الشورى السابق عبد العزيز عبد الغني، لكنه واجه ضرورة التخلي عن السلطة.
ورغم مرور هذه الأعوام الأربعة، فإن تفاصيل محاولة الاغتيال لم تكشف، حتى اللحظة، وما زالت أحد ألغاز السياسة المتقلبة في اليمن وتاريخ علي عبد الله صالح.
المحاولة الجريئة وغير المسبوقة التي تعرض لها صالح داخل «جامع النهدين» ومعه كبار المسؤولين في حكومته، جرت في أوج ثورة الشارع اليمني الذي خرج في فبراير (شباط) عام 2011، للمطالبة برحيل صالح عن الحكم، بعد 33 عامًا قضاها في السلطة، خلفت بلدًا فقيرًا ومدمرًا ببنية تحتية هشة ونسبة فقر مرتفعة؛ إذ بحسب الأمم المتحدة، 35 في المائة من الشعب اليمني كان يعيش دون خط الفقر بحلول عام 2011.
وتعرض صالح لإصابات وحروق بليغة في محاولة الاغتيال، التي يعتقد أنها تمت بواسطة صاروخ موجه أطلق من إحدى المناطق القريبة من دار الرئاسة. وحسب الصور التي كشف عنها أخيرًا، فقد كان صالح مصابًا إصابات بالغة، وقد بادرت المملكة العربية السعودية، إلى استقبال صالح والتوجيه بمعالجته.
وبعد بضعة أشهر من ابتعاد صالح عن الأنظار؛ إذ كان يخضع للعلاج، ظهر في يونيو 2011 في الرياض بعد علاجه. وكان كثير من الناس غير مصدقين أن المخلوع صالح عاد إلى الحياة مجددًا. وتوقع المراقبون، حينها، أن صالح سيعلن تطليق العمل السياسي ويعتزل لمراجعة حساباته لفترة حكمه، غير أنه ما لبث وبدأ يناور من أجل الحصول على حصانة قانونية من الملاحقة القضائية له ولعدد كبير من أفراد أسرته وأتباعه ورموز نظامه. وقد عملت السعودية ودول الخليج على إقناع الأطراف اليمنية بتلك الحصانة، حرصًا على اليمن ومنعًا للاقتتال داخلها، مقابل تنحي صالح عن السلطة. ووقّع صالح في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) على اتفاق نقل السلطة سلميًا تحت بنود «المبادرة الخليجية» وقبِل بنقل سلطاته إلى نائبه، الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، الذي انتخب رسميًا من قِبل الشعب اليمني في 21 فبراير 2012.
إلا أن منذ لك الوقت، عمل صالح على عرقلة التسوية السياسية الحالية في ضوء «المبادرة الخليجية» وآليتها التنفيذية، وذلك عبر المسؤولين الموالين له في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والذين أتى بهم إلى السلطة إبان فترة حكمه. ويقول مراقبون في الشأن اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «التطورات والأحداث التي يمر بها اليمن منذ منتصف العام الماضي وحتى اليوم، بينت أن صالح كان شريكًا حقيقيًا للحوثيين في التخطيط للانقلاب على السلطة الشرعية والدستورية منذ مغادرته السلطة في 2011، وإن هذا التخطيط كان عسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا وعلى مختلف الصعد، بدليل التنسيق الواسع والكبير بين الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح في القوات المسلحة اليمنية. وهذه التحركات تتناقض مع ما كان صالح يعلنه من اتهامات للحوثيين بتقويض أمن البلاد وخوضه ضدهم ست حروب، بدءًا بالحرب الأولى التي اندلعت في منتصف عام 2004، وانتهت بمقتل زعيم الحوثيين السابق، حسين بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الميليشيا الحوثية الحالي، عبد الملك الحوثي.
وبعد أن ظهر جهد صالح الحثيث لإجهاض العملية السياسية، حاول المجتمع الدولي ردعه عبر فرض عقوبات أممية بحق في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 7 نوفمبر الماضي ضد صالح، وعبد الخالق الحوثي، وأبو علي الحاك القائد الميداني لجماعة الحوثي. وطوال الفترة الماضية، حاول صالح التنصل من عملية الانقلاب العسكري الذي قاده الحوثيون على نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي، رغم أن كل المؤشرات والوقائع بينت تواطؤ القوات الموالية له في الجيش والأمن والسماح للحوثيين بالسيطرة على محافظة عمران، ثم العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي. ومع تطورات الأحداث، أصبحت القوات الموالية للمخلوع صالح جزءًا أساسيًا من عملية تمرد ميليشيا الحوثي، بظهور تحالف الحوثي - صالح، أو «الحوعفاشي»، كما بات يعرف في الأوساط اليمنية، وذلك نسبة إلى الحوثي وعفاش؛ وهو لقب أسرة صالح.
وبعد عملية القصف التي استهدفت منزله في شارع حدة من قبل قوات التحالف في 10 مايو (أيار) الماضي، خرج صالح على قناة تلفزيونية يمتلكها وأعلن صراحة تحالفه مع الحوثيين.
وبحسب تصريحات مع عدد من السياسيين اليمنيين الذين طلبوا من «الشرق الأوسط» عدم ذكر أسمائهم، فإن صالح خسر لقب «الرئيس السابق» ولقب «الزعيم» الذي أطلقه عليه أنصاره أو أطلقه على نفسه بعد خلعه من السلطة، كما خسر كل الألقاب السياسية والعسكرية. وبات، في ضوء مشاركة قواته في غزو المحافظات اليمنية، شخصية متمردة. وبهذه التحركات تبخر حلم صالح أن يتسلم نجله الأكبر، العميد أحمد علي عبد الله صالح، الرئاسة بسقوط مشروع التوريث وخلع صالح، ثم بالعقوبات الدولية التي فرضت على نجله أحمد من قبل مجلس الأمن الدولي أيضًا.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».