الأوكرانيون يلملمون جراحهم في الشرق ويهاجمون في الجنوب

تحذير أوروبي من طول أمد الحرب

مساعٍ لإخماد حرائق ناجمة عن قصف طال مبنى سكنياً في خاركيف أمس (أ.ف.ب)
مساعٍ لإخماد حرائق ناجمة عن قصف طال مبنى سكنياً في خاركيف أمس (أ.ف.ب)
TT

الأوكرانيون يلملمون جراحهم في الشرق ويهاجمون في الجنوب

مساعٍ لإخماد حرائق ناجمة عن قصف طال مبنى سكنياً في خاركيف أمس (أ.ف.ب)
مساعٍ لإخماد حرائق ناجمة عن قصف طال مبنى سكنياً في خاركيف أمس (أ.ف.ب)

حاول الأوكرانيون، أمس (الاثنين)، لملمة جراحهم في منطقة دونيتسك بشرق البلاد حيث واصل المسعفون عمليات البحث عن ناجين بين أنقاض مبنى سكني تعرّض لغارة روسية الأحد، ما أسفر عن 15 قتيلاً في شرق البلاد، وبدأوا في المقابل شنّ هجوم على مدينة خيرسون التي تحتلها روسيا في جنوب البلاد.
واستهدفت الغارة، التي شنت ليل السبت - الأحد، بلدة تشاسيف إيار الصغيرة، البالغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، والواقعة في منطقة دونيتسك، في وقت تسعى القوات الروسية للسيطرة عليها. وشوهد عشرات المسعفين يعملون بين أنقاض المبنى المدمّر جزئياً، مستخدمين جرافة.
وأعلنت أجهزة الإنقاذ المحلية في منشور على موقع «فيسبوك»: «خلال عمليات الإنقاذ، عُثر على 15 جثة في المكان، وتمّ انتشال 5 أشخاص من تحت الأنقاض»، مشيرة إلى أنها تواصلت مع 3 أشخاص عالقين بين الركام. وكتب حاكم منطقة دونيتسك، بافلو كيريلينكو، عبر «تليغرام»: «هناك 30 شخصاً على الأقل تحت الأنقاض». وأشار إلى أن المبنى المؤلف من 4 طوابق استهدفه صاروخ روسي من طراز أوراغان.
وجاء هذا تزامناً مع تحذير أطلقه رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، خلال زيارته لكييف أمس (الاثنين) من أن حرب أوكرانيا يمكن أن تطول أكثر من المتوقع، مشدداً على ضرورة أن تواصل الدول الغربية دعم أوكرانيا «بكل الوسائل الممكنة». وقال روته، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «هذه الحرب يمكن أن تطول أكثر مما توقعنا أو أملنا. لكن هذا لا يعني أننا نستطيع البقاء مكتوفي الأيدي ومراقبة كيفية حصولها من دون القيام بشيء. علينا أن نحتفظ بتركيزنا، وأن نواصل دعم أوكرانيا بكل الوسائل الممكنة». وأعلن روته إرسال منظومات جديدة للمدفعية البعيدة المدى إلى أوكرانيا، إضافة إلى مساعدة مالية بقيمة 200 مليون يورو.
وقُتل 591 مدنياً، وأصيب 1548 آخرون حتى الآن في منطقة دونيتسك منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط)، وفقاً لحاكم المنطقة، كيريلنكو، الذي قال الجمعة إن موسكو تستعد «لشن عمليات جديدة» في شرق البلاد.
بدوره، قال إندري يرماك، مدير مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في منشور على «تليغرام»، إن الضربة كانت «هجوماً إرهابياً آخر»، وإنه يجب تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب نتيجة لذلك. وتنفي روسيا، التي تقول إنها تنفذ «عملية عسكرية خاصة» لنزع سلاح أوكرانيا، تعمد استهداف المدنيين.
وتضم منطقة دونباس إقليمي لوغانسك ودونيتسك، وهي المنطقة الصناعية في شرق أوكرانيا التي أصبحت أكبر ساحة معارك في أوروبا منذ عقود. وتريد روسيا انتزاع السيطرة على دونباس لصالح الانفصاليين الذين تدعمهم.
وتقول موسكو إن طرد الجيش الأوكراني من المنطقة أمر مهم لما تسميه «عمليتها العسكرية الخاصة» لضمان أمنها، وهو هجوم مستمر منذ أكثر من 4 أشهر، ويصفه الغرب بأنه عدوان لا مبرر له.
وقال الجيش الأوكراني إن القوات الروسية هاجمت مواقع أوكرانية قرب بلدة سلوفيانسك في دونيتسك، لكنها اضطرت للانسحاب، وأضاف أن القوات الروسية شنّت هجوماً بصواريخ كروز على مدينة خاركيف الشمالية الشرقية من جانبها من الحدود. ولم يورد أي تفاصيل عن سقوط قتلى أو جرحى أو وقوع أضرار.
وقال سيرهي غايداي، حاكم إقليم لوغانسك، إن القوات الروسية تتجمع في منطقة قرية بلوهوريفكا على مسافة 50 كيلومتراً، شرق سلوفيانسك. وأضاف على تطبيق تليغرام: «العدو... يقصف المناطق السكنية المجاورة، ويشن هجمات جوية، لكنه لا يزال غير قادر على احتلال إقليم لوغانسك بكامله على نحو سريع». وكانت روسيا قد أعلنت سيطرتها على إقليم لوغانسك بالكامل مطلع الأسبوع.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها دمرت حظيرتي طائرات قرب بلدة كوستيانتينيفكا في دونيتسك، تضمّان مدافع هاوتزر الأميركية من طراز «إم 777» التي قالت إنها كانت تستخدم في قصف مناطق سكنية في دونيتسك. ونقلت وكالات أنباء روسية عن مسؤولين انفصاليين قولهم، يوم الأحد، إن الجيش الأوكراني يقصف دونيتسك باستخدام مدافع عيار 155 مليمتراً منذ الصباح، ما أسفر عن إصابة اثنين من السكان. ولم يتسنَ على الفور التحقق من الروايات عن المعارك. كما لم يتسنَ الاتصال بالمتحدث العسكري الأوكراني للتعليق.
وفي خاركيف (شمال شرق)، ثاني مدن البلاد، تحدث الحاكم أوليغ سينيغوبوف عبر «تليغرام» عن إطلاق صواريخ جديدة استهدفت «مؤسسة تعليمية» ومنزلاً، ما أدى إلى سقوط جريح. وصرح زيلينسكي أن «الجيش الأوكراني صامد، ويصدّ الهجمات من جهات مختلفة»، مضيفاً: «لكن بالطبع، لا يزال هناك كثير من العمل كي تُسبب الخسائر الروسية فعلاً مثل هذا التوقف».
وفي الجنوب، قالت قيادة الجيش الأوكراني إن القوات أطلقت الصواريخ ونيران المدفعية على مواقع روسية، ضمنها مستودعات ذخيرة في منطقة توشرنوبيافكا. وحثّت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك المدنيين في منطقة خيرسون التي تحتلها روسيا، يوم الأحد، على إخلاء المنطقة بسرعة مع استعداد القوات الأوكرانية لشنّ هجوم مضاد هناك، ولم تحدد موعد القيام بهذه العملية. ونقلت وكالة «رويترز» عن كتيبة مشاة أوكرانية قولها، أمس (الاثنين)، إن القوات الأوكرانية استعادت قرية إيفانيفكا في منطقة خيرسون. وقالت الكتيبة: «الشيء الوحيد الذي تركه المحتلون الروس في إيفانيفكا هو ذكريات مرعبة ومعدات عسكرية (ميتة)». ولم يتسنَ على الفور التحقق من ذلك، علماً بأن هناك أكثر من قرية في المنطقة تحمل اسم إيفانيفكا، إحداها على خط الجبهة.
واتّهم مسؤولون أوكرانيون أيضاً القوات الروسية بالتسبب من خلال ضرباتها باندلاع حرائق في الحقول لتدمير المحاصيل. وفي الوقت نفسه، أعلنت السلطات التي عيّنتها روسيا في خاركيف أن «حملة حصاد (القمح) بدأت في الأراضي المحررة في المنطقة»، وفق ما أوردت وكالة ريا نوفوستي الروسية.
واتّهمت أوكرانيا منذ أسابيع روسيا بسرقة محاصيلها من القمح في المناطق المحتلة لبيعها بشكل غير قانوني في السوق الدولية. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، أن القيود التي تفرضها روسيا على صادرات الحبوب الأوكرانية قد تكون ساهمت في اندلاع الاضطرابات في سريلانكا الناجمة عن نقص حاد في الأغذية والمحروقات. وقال بلينكن للصحافيين في بانكوك: «نرى تداعيات هذا العدوان الروسي في كل مكان. قد يكون ساهم في الوضع في سريلانكا، نشعر بالقلق إزاء انعكاساته في أنحاء العالم». وجدد بلينكن دعوته لموسكو من أجل السماح بخروج نحو 20 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.