الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تطالب بتعزيز الجهود لاستئناف المفاوضات وتنفيذ حل الدولتين

بان كي مون في احتفالات الذكري الـ 65 لإنشاء «أونروا»: احتياجات اللاجئين تفوق الإمكانات

ابنة الأسير خضر عدنان تقف بجانب ملصق لوالدها في قرية عرابة قرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
ابنة الأسير خضر عدنان تقف بجانب ملصق لوالدها في قرية عرابة قرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تطالب بتعزيز الجهود لاستئناف المفاوضات وتنفيذ حل الدولتين

ابنة الأسير خضر عدنان تقف بجانب ملصق لوالدها في قرية عرابة قرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
ابنة الأسير خضر عدنان تقف بجانب ملصق لوالدها في قرية عرابة قرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أرجع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إنشاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» قبل 65 عاما، إلى حسابات الفشل السياسي للمجتمع الدولي، وغياب حل عادل ودائم لمحنة اللاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى تفاقم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية على مدى السنوات الماضية، من دون التوصل إلى حل لمشكلاتهم. وطالب الأمين العام المجتمع الدولي بمساندة اللاجئين الفلسطينيين.
وقال بان كي مون خلال جلسة احتفال بمناسبة الذكرى 65 لإنشاء «أونروا»، أقيم صباح أمس، بمقر الأمم المتحدة: «إننا نحتفل اليوم بما قدمته هذه الوكالة خلال الـ65 عاما الماضية التي تعد شريان الحياة لملايين الفلسطينيين. إلا أن أعداد اللاجئين تتخطى إمكانات الأونروا حيث تستمر احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في النمو، بما يفوق الموارد المتاحة للأونروا، وتتفاقم هذه الفجوة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، والنتيجة هي تعميق الألم والضعف للاجئين الفلسطينيين».
وأضاف مون: «يجب ألا يؤدي الفشل السياسي لحل القضية الفلسطينية إلى فشل أخلاقي، فالفلسطينيون يستحقون الحصول على حقوقهم».
وأشار مون إلى الخدمات التعليمية التي تقدمها الأونروا، وارتفاع معدلات البطالة إلى 60 في المائة بين الفلسطينيين في قطاع غزة، مشيرا إلى معاناة اللاجئين بسبب الحصار والقصف والاضطرابات. ودعا إلى تكثيف الجهود لإعادة إعمار غزة. كما دعا قادة إسرائيل وفلسطين وكل الأطراف التي لها تأثير إلى استئناف مفاوضات ذات مغزى من دون تأخير، وشدد على ضرورة تجنيب مخيم اليرموك في سوريا المزيد من المشكلات.
وأشادت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالخدمات التي قدمتها أونروا منذ إنشائها. وأشارت إلى المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لسبعة عقود. وشددت على أنه لا يوجد حل آخر سوى حل إقامة الدولتين.
من جانبه، حذر بيير كراهنبول، المفوض العام للأونروا من التحديات غير المسبوقة التي تواجهها الوكالة في مناطق عملياتها الخمس بقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن، بما يؤثر على خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين هناك، مشيرا إلى عجز مالي حاد يقدر بنحو 106.7 مليون دولار.
ودعا كراهنبول إلى رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، والإسراع في عمليات إعادة الإعمار مطالبا المانحين الدوليين بالوفاء بتعهداتهم المالية.
جدير بالذكر أن الأونروا تأسست كوكالة تابعة للأمم المتحدة، بقرار من الجمعية العامة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو خمسة ملايين من لاجئي فلسطين المسجلين لديها، وتقتضي مهمتها تقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم. وتشتمل خدمات الأونروا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات وتقديم القروض الصغيرة.
ولم تواكب التبرعات المالية للأونروا مستوى الطلب المتزايد على الخدمات، والذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين المسجلين، والحاجة المتنامية والفقر المتفاقم. ونتيجة لذلك، فإن الموازنة العامة للوكالة التي تعمل على دعم الأنشطة الرئيسية لها، والتي تعتمد على التبرعات الطوعية بنسبة 97 في المائة، تعاني من عجز كبير متوقع. وفي الوقت الحالي، يبلغ العجز المالي في الموازنة العامة للوكالة ما يزيد مجموعه على 106 ملايين دولار.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.