نتنياهو: مبادرة السلام العربية لم تعد تتلاءم مع التطورات في المنطقة

الأمم المتحدة قد تستبعد إسرائيل من قائمة الدول التي ترتكب الانتهاكات

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو
TT

نتنياهو: مبادرة السلام العربية لم تعد تتلاءم مع التطورات في المنطقة

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مبادرة السلام العربية التي أطلقت قبل 13 عاما لم تعد تتلاءم والتطورات في المنطقة، مشيرا في تصريحات أدلى بها الليلة قبل الماضية للصحافيين، بحسب الإذاعة الإسرائيلية، إلى أن القلق الذي تشعر به إسرائيل وبعض الدول الأخرى حيال البرنامج النووي الإيراني، والنشاط العدائي الإيراني في المنطقة، يكمن في طياته احتمالات للتعاون فيما بينها.
وأوضح رئيس الوزراء أنه يدعم فكرة حشد دعم دول عربية لدفع عملية السلام والأمن الإقليمي، مبينا أنه يدرس هذه الفكرة منذ فترة، لا سيما على خلفية التطورات التي تشهدها المنطقة.
يذكر أن نتنياهو ينتقد الاتفاق الشامل الذي تجري بلورته بين إيران ومجموعة الست (بريطانيا وفرنسا والصين والولايات المتحدة وألمانيا وروسيا)، والذي من المقرر التوصل إليه مع حلول 30 يونيو (حزيران) المقبل لأنه يعتبر أن الاتفاق سوف يجعل طهران على عتبة دولة نووية. وقد أعربت إسرائيل أكثر من مرة عن خشيتها من امتلاك إيران أسلحة نووية على ضوء تصريحات المسؤولين الإيرانيين، الداعية إلى محو الدولة العبرية من الخريطة. غير أن إيران تنفي باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية.
وعلى صعيد غير متصل، قالت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة إن الأمين العام بان كي مون يميل إلى عدم وضع إسرائيل في قائمة سنوية للدول المسؤولة عن انتهاك حقوق الأطفال في مناطق الصراع، رغم اقتراحات بوضعها في القائمة. ورغم أن وزارة الخارجية الإسرائيلية نفت ممارسة أي ضغط على بان، لكن عددا من المصادر الدبلوماسية المطلعة قالت، بشرط عدم الكشف عن هويتها، إن الإسرائيليين قاموا بعملية ضغط نشطة على مكتبه لضمان عدم وضع بلادهم في قائمة الدول التي ترتكب انتهاكات. وفي هذا الشأن صرح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، بأن بان لم يتخذ قرارا بعد بشأن تضمين إسرائيل في تقرير الأمم المتحدة الذي سيصدر خلال الأسابيع القليلة القادمة. وتشمل هذه القائمة الدول التي وقعت فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الطفل.
وشملت مسودة تقرير الجزائرية ليلى زروقي، المبعوثة الخاصة لبان لشؤون الأطفال والصراعات المسلحة، القوات الإسرائيلية بسبب عدة أحداث، أبرزها مهاجمة مدارس ومستشفيات في الحرب التي دارت في قطاع غزة العام الماضي. كما شملت الانتهاكات التي ارتكبتها حركة حماس خلال الصراع.
وجاء في تحقيق نشرته الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) الماضي أن الجنود الإسرائيليين فتحوا النار على سبع مدارس تابعة للأمم المتحدة في حرب غزة، مما أدى إلى مقتل 44 فلسطينيا كانوا يحتمون ببعض المواقع، بينما أخفى مقاتلون فلسطينيون أسلحة وشنوا هجمات من عدد من المدارس الشاغرة التابعة للأمم المتحدة. وقالت مصادر دبلوماسية إن الضغوط التي تمارسها إسرائيل بشأن القائمة أثيرت لأول مرة في مقال نشر في صحيفة الغارديان في 17 من مارس (آذار) الماضي، وبعد ذلك مالت الأمم المتحدة نحو إدراج إسرائيل في القائمة، ثم ما لبثت أن غيرت اتجاهها مؤخرا.
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أمانويل نحشون «لا يوجد على الإطلاق أي ضغط إسرائيلي على الأمين العام للأمم المتحدة. الضغوط تأتي من تلك الدول التي تريد إدراج إسرائيل في أسوأ قائمة ممكنة»، وأضاف أن «تلك الدول تحركها الكراهية، وهي عمياء تماما عن إخفاقاتها. هذه محاولة شائنة تتسم بالنفاق لتشويه صورة إسرائيل ومصيرها الفشل».
وزودت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان الأمم المتحدة بحجج تساعدها على وضع القوات الإسرائيلية وجماعات فلسطينية مثل حماس في القائمة. لكن أحد المصادر قال إنه «تحت ضغط إسرائيل يميل الأمين العام الآن إلى عدم الإصغاء لتوصيات السيدة زروقي، ولن يدرج إسرائيل على الأرجح».
وعبرت مصادر دبلوماسية أخرى عن نفس الرأي، وتحدثت عن مناقشات ساخنة بين كبار مسؤولي المنظمة الدولية، وكان المنطق وراء أحد الآراء هو أنه يجب عدم وضع القوات الإسرائيلية جنبا إلى جنب مع جماعات أخرى مثل طالبان الأفغانية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.