أزمة إغلاق النفط الليبي تتفاقم بعد وقف التصدير

تضارب في أرقام الإنتاج... والوزارة تتهم صنع الله بـ«مخالفة التشريعات»

محمد عون مستقبلاً المدير العام لشركة «إيني» شمال أفريقيا فرع ليبيا (وزارة النفط)
محمد عون مستقبلاً المدير العام لشركة «إيني» شمال أفريقيا فرع ليبيا (وزارة النفط)
TT

أزمة إغلاق النفط الليبي تتفاقم بعد وقف التصدير

محمد عون مستقبلاً المدير العام لشركة «إيني» شمال أفريقيا فرع ليبيا (وزارة النفط)
محمد عون مستقبلاً المدير العام لشركة «إيني» شمال أفريقيا فرع ليبيا (وزارة النفط)

يأمل قطاع كبير من السياسيين والمواطنين الليبيين في «فك أسر» قطاع النفط ببلادهم من قيود النزاعات السياسية الدائمة، والخلافات الجهوية المُستحكمة، مطالبين «بحل سريع» يُنهي أزمة توقف التصدير التي دخلت شهرها الثالث، وسط تضارب حول أرقام الإنتاج.
وأغلق ليبيون موالون لـ«الجيش الوطني» عدداً من الحقول ومواني تصدير النفط، الواقعة قرب مناطقهم بشرق وجنوب البلاد، بداية من 17 أبريل (نيسان) الماضي، اعتراضاً على حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وعدم تسليمها السلطة لحكومة «الاستقرار»، بقيادة فتحي باشاغا، مما تسبب في تراجع عائدات النفط.
ووسط تصاعد الخلافات بين وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة»، محمد عون، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، تضاربت أرقام الكمية الحقيقية التي تنتجها ليبيا حالياً. ففي الرابع عشر من يونيو (حزيران) الجاري، نقلت وكالة «رويترز» عن عون قوله إن إنتاج النفط تراجع بشكل كبير، ووصل إلى 100 ألف برميل يومياً، من 1.2 مليون برميل، وذلك في حديثه إلى محللي «إيه إن زد ريسيرش»؛ لكنه عاد ليقول بعد أسبوع من هذا التصريح بأن الإنتاجية بلغت نحو 700 ألف برميل يومياً.
ودخل النفط الليبي دائرة المناكفات السياسية بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، وسط خلافات حول طريقة إنفاق عائداته. وسبق أن أعلنت مؤسسة النفط «القوة القاهرة» في حقلي «الفيل» و«الشرارة» وميناءي الزويتينة والحريقة النفطيين، محذرة من تأثير هذه الإغلاقات على أوضاع القطاع.
وأرجع المبعوث الأميركي لدى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، تضارب أرقام إنتاج النفط الليبي، وفق شبكة «سي إن إن» الأميركية: «إلى وجود أطراف معينة تسعى للحصول على ميزة من خلال تحريف أرقام إنتاج النفط، وذلك على خلفية التوترات السياسية في البلاد»، ورأى أن الإنتاج الفعلي «أعلى بكثير مما أعلنه وزير النفط».
وتعقّدت أزمة النفط في ليبيا أكثر بعد انتهاء «خريطة الطريق» التي سبق أن حدد لها «ملتقى الحوار السياسي» تاريخ 21 يونيو الجاري، بالإضافة لتمسك الدبيبة بالبقاء في السلطة، ومن ثم أُغلق باب أي تفاوض بين حكومته و«الجيش الوطني» راهناً حول إعادة الإنتاج والتصدير.
ورأى عضو مجلس النواب الليبي، يوسف الفرجاني: «عدم إمكانية التوصل إلى تسوية بين الجانبين، على غرار اتفاق سابق عقده القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، مع أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي السابق، في سبتمبر (أيلول) 2020، وقال إن «هذا غير وراد»؛ مرجعاً ذلك لاختلاف رؤية القيادة العامة لحكومة «الوفاق»، حينها، عن تقييمها لحكومة الدبيبة حالياً، لذا يرى أن «السيناريو الأكثر واقعية هو بقاء الأوضاع على ما هي عليه، لحين التوصل لحل سياسي شامل، وإن كانت لا توجد مؤشرات على قرب تحققه».
ورغم إقرار الفرجاني بأن هذه الإجراءات تُلحق خسائر كبيرة بالاقتصاد الليبي؛ فإنه قال إن الجهات التي أغلقت الحقول والمواني ترى أن «الخسارة الأكبر تتمثل في إهدار العوائد النفطية عبر تسليمها لحكومة تمارس توزيعها بشكل انتقائي، فضلاً عن تهم الفساد التي طالت بالفعل عدداً من وزرائها وكبار مسؤوليها».
في غضون ذلك، لا يزال الجدل يتصاعد بين وزارة النفط والغاز الليبية، والمؤسسة الوطنية للنفط، إذ تلقي الأولى باللائمة على الجهة الثانية في تضارب الأرقام الحقيقية لإنتاج النفط.
وسبق للوزارة القول إن المؤسسة الوطنية ملحقة بوزير النفط، و«هذا يعطيه حق الإشراف والرقابة بالتوجيه والمراجعة والإرشاد، أو التدخل الحازم إذا تطلب الأمر، حفاظاً على مصدر الدخل الوحيد لليبيين». وقالت إن مصطفى صنع الله «يخالف القوانين والتشريعات المنظمة لقطاع النفط، كما ارتكب مخالفات للأسس الفنية في إدارة مكامن الحقول، سببت وستُسبب كوارث وخسائر فادحة، ومشكلات فنية لها آثار سلبية على أداء القطاع والمعدات السطحية».
وزادت وزارة النفط من اتهاماتها لصنع الله، قائلة إنه «حجب المعلومات والبيانات عنها بخصوص الكميات التي تنتجها ليبيا من النفط والغاز، رغم توجيهه في عديد من المرات من رئاسة الوزراء؛ لكنه مستمر في تعنته وتحديه حتى لرئاسة الحكومة». ورفض مصدر بمؤسسة النفط تحدث إلى «الشرق الأوسط» اتهامات وزارة النفط، وقال إن المؤسسة «تعمل بكل شفافية لخدمة الليبيين»؛ مشيراً إلى أنها لا تلجأ لإعلان «القوة القاهرة» إلا «للحرص على حياة العاملين والفنيين والمهندسين بالقطاع، والجميع يعلم الجهة التي تغلق الحقول والمواني لأغراض سياسية، وأهداف جهوية».
ويعاني قطاع النفط الليبي منذ عشرة أعوام ونيف من حالة ارتهان لأسباب سياسية وأزمات اقتصادية؛ لكنه يظل رغم ذلك المورد المالي الوحيد لليبيين، كونه يشكل 98 في المائة من إيرادات الدولة.


مقالات ذات صلة

منطقة روسية تعلن حالة الطوارئ بسبب تسرب نفطي في البحر الأسود

أوروبا متطوعون ينظفون التلوث الذي غطى الشواطئ الرملية في منتجع أنابا الصيفي بعد تسرب نفط من ناقلتين في البحر الأسود (رويترز)

منطقة روسية تعلن حالة الطوارئ بسبب تسرب نفطي في البحر الأسود

أعلنت السلطات في منطقة كراسنودار بجنوب روسيا، اليوم الأربعاء، حالة الطوارئ على مستوى المنطقة، قائلة إن النفط لا يزال يتدفق إلى الساحل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد الدكتور سعد البراك خلال مشاركته إبان توليه حقيبة النفط في الكويت بندوة «أوبك» الدولية في فيينا بالنمسا بشهر يوليو 2023 (إ.ب.أ) play-circle 02:09

رجل الأعمال الكويتي سعد البراك: استثمرت في تقنيات المستقبل... وتكامل الخليج ضرورة استراتيجية

رجل الأعمال الكويتي وزير النفط والشؤون الاقتصادية والاستثمار السابق بالكويت الدكتور سعد البراك يأمل في ايجاد تقنيات تواجه تحديثات المستقبل

مساعد الزياني (الكويت)
الاقتصاد يراقب متداولو العملات شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الوون ببنك كيب هانا في سيول (أ.ب)

تراجع الأسهم الآسيوية مع إغلاق معظم الأسواق العالمية بمناسبة أعياد الميلاد

تراجعت الأسهم في طوكيو وشنغهاي، الأربعاء، بين الأسواق العالمية القليلة التي واصلت التداول في يوم أعياد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد مصفاة «بهارات بتروليوم كوربوريشن» في مومباي (رويترز)

الهند: شركات تكرير حكومية تتطلع لنفط الشرق الأوسط لتعويض النقص الروسي

تدرس شركات التكرير الحكومية الهندية استغلال سوق الخام بالشرق الأوسط في ظل انخفاض الإمدادات الفورية من روسيا، أكبر مورديها، في خطوة قد تدعم أسعار النفط.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد حفار يعمل في حقل «مونتيري» الصخري بكاليفورنيا (رويترز)

أسعار النفط تتحرك في نطاق ضيق قبل عطلة أعياد الميلاد

ارتفعت أسعار النفط الثلاثاء بعد تكبدها خسائر في الجلسة السابقة، مدعومة بتوقعات إيجابية للسوق على المدى القصير، لكن التعاملات جاءت ضعيفة قبل عطلة أعياد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
TT

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

أعلن «الحوثيون» في اليمن، الأربعاء، إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب، أصاب 16 شخصاً.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح اليوم، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء في بيان للجيش، نشر على تطبيق «تلغرام» قرابة الساعة 4:30 صباحاً بالتوقيت المحلي (2:30 بتوقيت غرينيتش)، أنه «تم اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل دخوله الأجواء الإسرائيلية».

وأشار إلى إطلاق صفارات الإنذار «في مناطق عدة بوسط إسرائيل»، في إجراء احترازي خشية سقوط شظايا وحطام جراء عملية الاعتراض، بحسب البيان.

وكان المتحدث العسكري باسم جماعة «الحوثي» اليمنية، يحيى سريع، قال، في بيان، إن جماعته استخدمت في الهجوم «صاروخاً باليستياً (فرط صوتي) نوع فلسطين 2».

ومساء الأربعاء، أعلن سريع عن «تنفيذ عمليتين عسكريتين استهدفتا هدفين» في تل أبيب، وكذلك «المنطقة العسكرية في عسقلان»، بالطائرات المسيرة الهجومية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة «سقطت في منطقة مفتوحة»، بعد دوي صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل، قرب قطاع غزة.

وكانت جماعة «الحوثي» قد أعلنت، الثلاثاء، استهداف وسط إسرائيل بصاروخ باليستي من طراز «فلسطين 2». وأفاد الجيش الإسرائيلي بدوره عن اعتراضه قبل دخوله المجال الجوي.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بدأ الحوثيون شنّ هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، في إطار «دعم» الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل و«حماس» منذ أن شنّت الحركة هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وخلال الأشهر الماضية، تبنّى الحوثيون إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل، التي تعلن اعتراض معظمها.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد، الاثنين، أنه أوعز إلى الجيش «تدمير البنى التحتية للحوثيين»، بعدما أطلقوا صاروخين على الأقل باتجاه الدولة العبرية الأسبوع الماضي، أسفر أحدهما عن إصابة 16 شخصاً بجروح طفيفة في تل أبيب.

وشنّت إسرائيل غارات جوية على اليمن 3 مرات خلال الأشهر الماضية، آخرها في 19 ديسمبر (كانون الأول) استهدفت مواني وبنى تحتية للطاقة في صنعاء والحديدة، وأعلن الحوثيون أن هذه الضربة أسفرت عن مقتل 9 مدنيين.