معارك الضالع تنتقل إلى مشارف مدينة قعطبة.. والسكان ينزحون شمالاً

المقاومة تصعد من هجماتها على الميليشيات وقوات صالح في عدن وشبوة

طائرة روسية تجلي رعايا روساً من مطار صنعاء أمس (رويترز)
طائرة روسية تجلي رعايا روساً من مطار صنعاء أمس (رويترز)
TT

معارك الضالع تنتقل إلى مشارف مدينة قعطبة.. والسكان ينزحون شمالاً

طائرة روسية تجلي رعايا روساً من مطار صنعاء أمس (رويترز)
طائرة روسية تجلي رعايا روساً من مطار صنعاء أمس (رويترز)

مع اشتداد وتيرة المعارك في جبهات عدن والضالع وشبوة وأبين، تفقد الميليشيات الحوثية وقوات صالح كثيرا من رجالها وعتادها وسيطرتها أيضا.
في الأيام الماضية كانت الميليشيات المدعمة بقوات الجيش الموالية للرئيس المخلوع قد بدأت بالتراجع والتقهقر، مما أجبرها على الانسحاب من مواقع لطالما استماتت في الدفاع عنها، تجلى هذا في معارك الضالع، ومن ثم الآن في شبوة، وغدا في عدن، فمؤشرات الهزيمة الماحقة بدأت تظهر في جبهات عدة، ومنها بالطبع جبهات عدن والعند في لحج، فكلما طالت واستمرت هذه المعارك، كان ذلك إيذانا بنهاية وشيكة بدأت ملامحها تتضح.
بالمقابل، كان لاتفاق السفارة اليمنية مع السلطات في المملكة العربية السعودية حول فتح باب التأشيرات للسفر الاضطراري وعبر أي منفذ، وقعه الإنساني على شريحة واسعة تقطعت بها سبل العبور الآمن من وإلى وطنهم اليمن.
وفي محافظة عدن، ما زالت المعارك مستمرة في جبهة جعولة شمال مدينة دار سعد، وقال سكان محليون في مكان المواجهات لـ«الشرق الأوسط» إن غارات الطيران ضربت وبشكل كثيف أماكن توجد بها هذه الميليشيات والقوات الموالية لصالح والحوثي، فمنذ صباح أمس الخميس والطيران لا يتوقف عن ضرب هذه القوات المتمردة التي حاولت قبل أيام التغلغل إلى مواضع متقدمة شمال المدينة، وأضاف السكان أن لعلعة الرصاص لم تتوقف نظرا لاشتداد المواجهات بين المقاومة وتلك الميليشيات التي سبق دحرها إلى خارج مدينة سعد.
وقال مصدر بالمقاومة في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة العريش بمدينة خور مكسر شهدت معارك عنيفة مساء الأربعاء وأمس الخميس، ولفت المصدر إلى أن اشتباكات اندلعت بين المقاومة والميليشيات الحوثية وقوات صالح، وتحديدا في المنطقة المحيطة بمطار عدن الدولي، وأن المقاومة تتقدم من جهة المملاح وعبد القوي جنوب مدينة الشيخ عثمان إلى المطار والعريش وإن بشكل حذر، خاصة في ظل انسحاب القوات الموالية للحوثي وصالح من الأماكن التي كانت تسيطر عليها.
مصدر طبي في عدن أكد لـ«الشرق الأوسط» أن حصيلة أول من أمس الأربعاء كانت 5 قتلى و81 جريحا.
وفي جبهة سناح شمال مدينة الضالع ما زالت المواجهات محتدمة بين المقاومة وميليشيات الحوثي المدعمة بقوات الجيش الموالية للرئيس الأسبق، وقال السكان في منطقة المواجهات لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات وقوات صالح المتمركزة في سناح وشمال مدينة قعطبة قامت بقصف مدفعي بالدبابات والـ«كاتيوشا» و«غراد»؛ بدءا من عصر أول من أمس وحتى ظهر أمس الخميس، وأضاف السكان أن هذه القذائف والصواريخ سقطت بكثافة على قرى حبيل السوق وحازة العبيد ولكمة صلاح والبجح والقبة والعطرية.. وغيرها من القرى المأهولة بالسكان والتي عاشت ساعات من القصف العبثي العشوائي، وأشار السكان إلى أن القصف خلف أضرارا في الأرواح والممتلكات؛ إذ قتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرون؛ أحد القتلى سقط مساء أول من أمس الأربعاء، فيما القتيلان الآخران سقطا أمس في قرية لكمة صلاح بقذيفة دبابة.
وقال مصدر في المقاومة في جبهة سناح لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية وقوات الجيش الموالية للرئيس الأسبق صالح وبعد أن منيتا بهزائم متتالية أجبرتهما على الانسحاب من معظم المواقع والمعسكرات، حاولتا استعادة شيء مما فقدته، خاصة بعد تعزيزهما بقوات وأفراد، إلا أن محاولتهما هذه ووجهت بمقاومة شرسة من رجال المقاومة في هذه القرى الواقعة غرب منطقة سناح، وأضاف المصدر أن رجال المقاومة كبدوا هذه الميليشيات والقوات نحو أربعين شخصا ما بين قتيل وجريح، فضلا عن تركها عتادا حربيا استولت عليه المقاومة أمس. ولفت المتحدث إلى أن المقاومة قصفت بأسلحتها الثقيلة مواقع إطلاق النيران شمال وجنوب مدينة قعطبة، وأن المقاومة مستمرة بدحر وملاحقة هذه القوات التي حاولت التسلل باتجاه قريتي جوس الجمال، وحبيل السلامة، ثم فرت منهما إلى قرية المعزوب شمال غرب قعطبة، ومن ثم الهروب باتجاه قعطبة.
من جهة أخرى، شهدت مدينة قعطبة (30 كلم شمال مدينة الضالع) نزوحا كثيفا للعائلات، وذلك على أثر اشتداد المواجهات بين المقاومة الجنوبية وهذه الميليشيات والقوات المنسحبة، وقالت مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن النزوح كان إلى مدن دمت وإب وسواها من المناطق التي نزحوا إليها خوفا من المعارك المحتدمة التي باتت مدينتهم ساحة لها، خاصة بعد انسحاب الميليشيات وقوات الجيش والأمن إليها مؤخرًا، واتخاذها مركزا لتحركاتها وضربها للمقاومة جنوبا.
وفي محافظة شبوة شرق عدن، كانت المقاومة الجنوبية قد تمكنت أول من أمس وأمس الخميس من تطهير مفرق ﺍﻟﺼﻌﻴب من ميليشيات الحوثي وقوات صالح.
وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة صارت على مشارف عاصمة المحافظة «عتق». وأضاف أن اليومين الماضيين شهدا مواجهات شرسة أسفرت عن سيطرة المقاومة صباح أول من أمس على «مفرق الصعيد» و«صدر بارأس»، وهما منطقتان مهمتان تمت السيطرة عليهما بعد معركة عنيفة استخدمت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة. ولفت المتحدث إلى أن المقاومة وبدعم من طيران التحالف تمكنت أيضا من دحر الميليشيات وقوات صالح من موقع الجبل الأبيض؛ إذ كان طيران التحالف قد أغار على مواقع هذه القوات الموجودة في مفرق الصعيد، وكذا «اللواء 21 ميكا»، ونقطة الجلفور، وهو ما مكن المقاومة من التقدم صوب عاصمة المحافظة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.