إسرائيل قلقة من حملة روسية ضدها في مجلس الأمن

موسكو لطرح مشروع يدين قصف تل أبيب لمطار دمشق

طائرة سورية في مطار حلب بعد أن تم تحويل الرحلات من مطار دمشق في أعقاب الغارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
طائرة سورية في مطار حلب بعد أن تم تحويل الرحلات من مطار دمشق في أعقاب الغارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل قلقة من حملة روسية ضدها في مجلس الأمن

طائرة سورية في مطار حلب بعد أن تم تحويل الرحلات من مطار دمشق في أعقاب الغارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
طائرة سورية في مطار حلب بعد أن تم تحويل الرحلات من مطار دمشق في أعقاب الغارة الإسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أعربت مصادر دبلوماسية في تل أبيب عن قلق إسرائيلي من حملة دبلوماسية تستعد روسيا لإطلاقها ضد الغارات على سوريا. وحسب تقرير بث في الإذاعة العبرية الرسمية «كان»، أمس الأحد، فإن موسكو تعمل على طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين إسرائيل، على قيام طيرانها بقصف مدمر على المطار القديم للعاصمة السورية دمشق، قبل نحو أسبوعين، والتسبب بخروج المهابط بالمطار عن الخدمة.
وقالت هذه المصادر، إن إسرائيل كانت قد أبلغت موسكو عن هذا القصف مسبقاً، عن طريق لجنة التنسيق العليا بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، ولم تشعر بأن الأمر مثير لغضب الروس بشكل خاص. ثم فوجئت عندما تم استدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو، أليكس بن تسفي، في العاشر من يونيو (حزيران) الحالي، إلى وزارة الخارجية الروسية، حيث التقاه نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، في جلسة توبيخ، وطالبه بتقديم توضيحات حول القصف العدواني الذي استهدف مطار دمشق الدولي وأخرجه من الخدمة.
وبعد اللقاء حرص بوغدانوف على التأكيد، بأن «التبرير الذي ورد من الجانب الإسرائيلي غير مقنع ولا يرضي الكرملين»، وأبلغه بأن «روسيا لن تسمح بتحول سوريا إلى ميدان قتال لدول أخرى، حتى لو كان ذلك بحجة ما يسمى (محاربة الإرهاب الإقليمي)». وحاول الإسرائيليون ترطيب الأجواء مع موسكو معتبرين الغضب الروسي «مؤقتاً، وجاء للاستهلاك المحلي». لكن الروس دأبوا على تسريب معلومات تفيد بأنهم ينوون ملاحقة إسرائيل في مجلس الأمن وغيره من المؤسسات الأممية. ولا ينوون غض النظر عن هذا القصف. وخشي المسؤولون الإسرائيليون من أن يؤدي هذا الموقف إلى تصعيد عسكري يتسبب في تصعيد الرد السوري وتحسين أدواته، وربما المشاركة الروسية المباشرة في الرد.
وحسب تلك التسريبات، جاء في مشروع القرار الروسي إلى مجلس الأمن، أن «الهجوم نفذ بشكل ينتهك القانون الدولي، ويقوض الاستقرار، وينتهك أيضاً سيادة سوريا والدول الأخرى»، يقصد لبنان التي تم استخدام الطائرات الإسرائيلية لأجوائها في تنفيذ الغارات. ويطلب المشروع محاسبة المسؤولين عن تنفيذ الهجوم، «لأنه أضر بشكل صارخ بالقدرة على مساعدة سوريا إنسانياً».
ومع أن عدداً من كبار المسؤولين في تل أبيب رأوا أن فرص روسيا لاستصدار قرار في مجلس الأمن في هذا الموضوع، ليست كبيرة، إلا أنهم يخشون من فرض قيود على إسرائيل لمعالجة الاستخدام الإيراني للأراضي السورية والمطار لتهريب السلاح. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال»، قد ذكرت، أن هناك تنسيقاً إسرائيلياً أميركياً فيما يخص استهداف مواقع في سوريا، وأن هذا التنسيق مستمر منذ عدة سنوات. ونقلت عن مصادر أمنية أميركية، أن إسرائيل تقدم للأميركيين قائمة للأهداف تنوي قصفها، خصوصاً في منطقة التنف القريبة من الحدود السورية الأردنية والعراقية، حيث توجد قوات أميركية لمحاربة تنظيم «داعش». ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل نفذت أكثر من 400 هجوم جوي في سوريا، بهدف تحجيم التموضع الإيراني فيها.
من جهة أخرى، كشفت قيادة القوات الروسية في القرم، أن تسعة إسرائيليين قتلوا خلال الحرب في أوكرانيا، منذ اندلاع المعارك هناك قبل أربعة أشهر. وأضافت أن الإسرائيليين التسعة، هم جنود وضباط سابقون في الجيش الإسرائيلي وينتمون إلى قوات المرتزقة التي جندها القوميون المتطرفون في كييف لمحاربة روسيا، على حد تعبير القيادة الروسية. واعتبر الإسرائيليون هذا البيان أيضاً جزءاً من الحملة الروسية ضد إسرائيل، وحذروا من تبعاتها، وطالبوا بعمل تحرك دبلوماسي على أعلى المستويات لوقفها.


مقالات ذات صلة

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».