مقتل ضابط تونسي وإصابة 3 عسكريين في انفجار قنبلة

هيئة دستورية تبدأ الاستماع لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان منذ 1955

مقتل ضابط تونسي وإصابة 3 عسكريين في انفجار قنبلة
TT

مقتل ضابط تونسي وإصابة 3 عسكريين في انفجار قنبلة

مقتل ضابط تونسي وإصابة 3 عسكريين في انفجار قنبلة

أعلنت وزارة الدفاع التونسية أمس عن مقتل ضابط عسكري وإصابة ثلاثة آخرين بعد انفجار قنبلة يدوية خلال تدريبات عسكرية مبرمجة باستعمال الذخيرة الحية، وقال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم الوزارة في تصريح إعلامي، إن العسكريين الثلاثة أصيبوا بجراح متفاوتة الخطورة، فيما توفي الضابط بعين المكان، مضيفا أن العسكريين ينتمون إلى فيلق الهندسة العسكرية المختص في نزع الألغام.
ويأتي هذا الحادث بعد يومين فقط من فتح عسكري تونسي النار على زملائه داخل ثكنة بوشوشة العسكرية في العاصمة التونسية، ما أدى إلى مقتل ثمانية عسكريين وجرح 13 آخرين.
من ناحية أخرى، قال محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن الاشتباكات التي وقعت الليلة قبل الماضية في منطقة قبلي (جنوب تونس) خلفت 23 إصابة متفاوتة الخطورة في صفوف عدد من السكان، الذين جرى نقلهم إلى مستشفيات قبلي ودوز القريبين من منطقة الاشتباكات من أجل تلقي العلاج، مضيفا أن المسؤولين على مستوى الجهة عقدوا جلسة صلح بين «عقلاء» الطرفين، إلا أنها لم تفض إلى إنهاء أسباب الخلاف بصفة جذرية.
وعلى إثر هذه الاشتباكات نظم أهالي القلعة وقفة احتجاجية ليلا أمام مقر المحافظة، للمطالبة بإطلاق سراح الشبان الموقوفين على خلفية أعمال العنف، ووقفة ثانية صباح أمس وسط المدينة للتعبير عن رفضهم أجواء الاحتقان التي تسود المنطقة.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر أمنية أن عدد التونسيين الموقوفين بتهمة الانتماء إلى تنظيم متشدد منذ بداية السنة الحالية يقدر بنحو 1400 متشدد، فيما قدر عدد العائدين إلى تونس من بؤر التوتر في سوريا والعراق بنحو 564 عنصرا، خلال الفترة الممتدة بين مايو (أيار) 2013، وديسمبر (كانون الأول) 2014. ورجحت نفس المصادر أن يكون العدد حاليا قد تجاوز 670 عنصرا. أما بخصوص عدد القتلى التونسيين في جبهات القتال بالخارج، فقد وصل وفق إحصائيات رسمية قدمتها وزارة الداخلية بنحو 575 عنصرا متطرفا، إلا أن منظمات وجمعيات مختصة في الجماعات المتطرفة ترجح أن يكون عدد القتلى في حدود 650 عنصرا.
من جهة ثانية، أعلنت «هيئة الحقيقة والكرامة» (مستقلة) الشروع بداية من أمس في الاستماع لآلاف من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، التي وقعت في تونس منذ الأول من يوليو (تموز) 1955، وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وأعلنت سهام بن سدرين، رئيسة الهيئة في مؤتمر صحافي عن «انطلاق الجلسات السرية للاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة وغير الجسيمة لحقوق الإنسان، حسبما نص عليه قانون العدالة الانتقالية» في تونس، على أن تتواصل العملية لمدة عامين، مشيرة إلى أن الهيئة تلقت «حتى اليوم» ملفات من 12700 شخص قالوا: إنهم تعرضوا لانتهاكات لحقوق الإنسان في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) وخلفه زين العابدين بن علي (1987-2011)، الذي أطاحت به ثورة شعبية مطلع 2011. والحكومات التي تعاقبت على تونس منذ الثورة وحتى نهاية 2013. وقالت: إن أصحاب الملفات «ينتمون لجميع العائلات السياسية»، مثل الإسلاميين واليساريين، بالإضافة إلى نقابيين.
وأحدثت «هيئة الحقيقة والكرامة» بموجب قانون العدالة الانتقالية الذي صادق عليه «المجلس الوطني التأسيسي» (البرلمان المؤقت) في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وتتمثل مهام الهيئة، وفق القانون المحدث لها، في «كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من الأول من يوليو 1955، أي بعد نحو شهر على حصول تونس على استقلالها الذاتي من الاستعمار الفرنسي، إلى 31 ديسمبر 2013. ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وجبر ضرر الضحايا ورد الاعتبار لهم».
وعلى صعيد غير متصل، كشف لطفي الحريزي، مدير الإحصائيات الديموغرافية والاجتماعية بالمعهد التونسي للإحصاء، عن اعتماد بلاده لأول مرة في تاريخه مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، الذي وضعته جامعة أكسفورد، وتبناه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
وقال الحريزي خلال لقاء عقد أمس بالعاصمة التونسية حول طرق احتساب مؤشر الفقر متعدد الأبعاد إن مؤشر الفقر بات يعتمد على عوامل متعددة، وفق مؤشر جامعة أكسفورد وذلك في تجاوز للمؤشر القديم المعتمد بالأساس على مستوى الدخل الفردي السنوي، مشيرا إلى أن مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد يعتمد عددا من العوامل الأسرية الهامة، بدءا بالتعليم، وصولا إلى الصحة ومختلف الخدمات الاجتماعية، وهي عوامل يمكن أن تعكس صورة كاملة عن الفقر، بدلا عن قياس حجم الدخل فقط.
ومن خلال ما قدم من مداخلات على هامش هذا اللقاء، تشير مختلف الإحصائيات إلى ارتفاع عدد الفقراء في تونس بعد الثورة، حيث تقدر الإحصائيات الرسمية عدد الفقراء في تونس بنسبة لا تقل عن 15 في المائة، أي ما يعادل مليون ونصف مليون مواطن، من بينهم نحو 500 ألف يعيشون تحت خط الفقر المدقع. فيما تؤكد إحصائيات غير رسمية أن عدد الفقراء يناهز مليوني تونسي، من بين نحو 11 مليون مواطن، فيما يؤكد خبراء ومختصون أن الطبقة الوسطى بدأت بدورها تقترب من خط الفقر بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.