بغداد تفقد السيطرة على آخر معبر حدودي مع سوريا

«داعش» يسيطر على منفذ الوليد بعد انسحاب القوات العراقية

بغداد تفقد السيطرة على آخر معبر حدودي مع سوريا
TT

بغداد تفقد السيطرة على آخر معبر حدودي مع سوريا

بغداد تفقد السيطرة على آخر معبر حدودي مع سوريا

سيطر تنظيم داعش بشكل كامل على منفذ الوليد - التنف الحدودي بين العراق وسوريا أمس، بينما واصلت القوات الحكومية بمساندة «الحشد الشعبي» عمليات لاستعادة السيطرة على الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار، غرب البلاد.
وتمثل سيطرة التنظيم على المنافذ الرئيسية بين سوريا ومحافظة الأنبار العراقية، توسعا في النفوذ على الأراضي بعد الهجمة الشرسة في يونيو (حزيران) 2014. ويأتي ذلك بعد أسبوع على سيطرة المتطرفين على الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، والتي أعقبها سيطرته على معبر التنف الحدودي السوري مع العراق مساء الخميس الماضي، وهو أبرز تقدم يحققه المتطرفون منذ نحو عام. وتمكن المتطرفون في ساعة مبكرة من صباح أمس من السيطرة على معبر الوليد على الجانب العراقي بعد انسحاب القوات الحكومية.
ومعبر الوليد هو آخر معبر عراقي على الحدود السورية يخرج عن سيطرة بغداد. والمعبران الآخران هما معبر ربيعة - اليعربية شمال غربي الموصل الذي تسيطر عليه قوات البيشمركة الكردية، ومعبر القائم - البوكمال الذي يسيطر عليه تنظيم داعش منذ نحو عام.
بدورها حملت لجنة المنافذ الحدودية في مجلس محافظة الأنبار الحكومة المركزية مسؤولية سقوط المنفذ. وقالت رئيسة اللجنة سعاد جاسم زيدان لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش سيطروا على منفذ الوليد بعد الانسحاب غير المبرر من قبل القوات الأمنية التي كانت منتشرة حول المنفذ لحمايته وتوجهها إلى منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن». وأضافت أن «مسؤولية سقوط المنفذ تتحمله الحكومة المركزية التي لم تستجب لنداءاتنا بشأن إرسال تعزيزات عسكرية تضاف للقوة المكلفة بحماية المنفذ». وأشارت إلى أنه «تم نقل موظفي منفذ الوليد الحدودي مع سوريا إلى منفذ طربيل المحاذي للأردن بعد سقوط منفذ التنف السوري المجاور لمنفذ الوليد أول من أمس».
من جانب آخر، شهدت حديثة والبغدادي، غرب الأنبار، تطورات أمنية خطيرة، حيث شن مسلحو تنظيم داعش هجومًا أمس على المجمع السكني في ناحية البغدادي صدته القوات الأمنية. وقال الشيخ مال الله العبيدي، رئيس المجلس البلدي في ناحية البغدادي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية المشتركة وبمساندة أبناء العشائر وطيران التحالف الدولي صدت هجوما لمسلحي تنظيم داعش على المجمع السكني بسيارات ملغومة وأحزمة ناسفة». وأضاف العبيدي أنه «تم القضاء على المهاجمين، وهناك أكثر من 30 مسلحا قتلوا في القصف الجوي وتم إحراق كثير من العجلات».
وفي قضاء حديثة نفذ مسلحو «داعش» مجزرة بإعدام 17 مدنيا من أهالي القضاء. وقال شاهد عيان من أهالي حديثة أن المجزرة «نفذت في منطقة السكران». وأضاف أن المدنيين هم من عشائر البونمر والجغايفة وعشيرة البو هاشم. وأكد شاهد العيان أن مسلحي «داعش» اختطفوا مدنيين آخرين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.