كيف يستغل لاعبو كرة القدم قوة النوم؟

الأندية تبذل قصارى جهدها لضمان حصول اللاعبين على الراحة بشكل صحيح

لاعب برينتفورد السابق ماركونديس عانى من مشاكل في النوم بعدما انتقل إلى إنجلترا من الدنمارك (غيتي)
لاعب برينتفورد السابق ماركونديس عانى من مشاكل في النوم بعدما انتقل إلى إنجلترا من الدنمارك (غيتي)
TT

كيف يستغل لاعبو كرة القدم قوة النوم؟

لاعب برينتفورد السابق ماركونديس عانى من مشاكل في النوم بعدما انتقل إلى إنجلترا من الدنمارك (غيتي)
لاعب برينتفورد السابق ماركونديس عانى من مشاكل في النوم بعدما انتقل إلى إنجلترا من الدنمارك (غيتي)

كان المدير الفني السابق لليفربول بيل شانكلي مذعوراً من فكرة إزعاج أحد لاعبيه من خلال التأثير سلبياً على نومه، حيث قال منفعلاً: «ماذا تقصد؟ هل تقصد أن أعطي أحد لاعبي فريقي عصير برتقال؟ أنا لا يمكن أن أجعله يفسد نومه الجميل من خلال الاضطرار إلى الاستيقاظ أثناء الليل من أجل التبول!»، لم يكن هناك مكان لاستشاري متخصص في النوم بالطاقم الفني لنادي ليفربول في عام 1973، لكن شانكلي كان يعلم جيداً أن لاعبيه يحتاجون إلى راحة متواصلة أثناء الليل. والآن، توظف الأندية مجموعة من المتخصصين المحترفين لضمان حصول لاعبيها على العدد الكافي من ساعات النوم، بالإضافة إلى النمط المناسب من النوم لمساعدتهم في تقديم أفضل أداء. تعد آنا ويست واحدة من المتخصصين في هذا الأمر، بعد أن انضمت إلى برينتفورد في عام 2016 عندما كان دين سميث لا يزال يتولى القيادة الفنية للفريق. إنها تعمل في النادي الآن منذ فترة أطول من مواطنيها الدنماركيين؛ المدير الفني توماس فرنك ومساعده بريان ريمر.
تقول ويست: «لدي خلفية في علوم الرياضة وأنا أيضاً ممرضة. وبعد التخرج مباشرة من الجامعة كنت محظوظة للغاية لتوظيفي في شركة طبية متخصصة في النوم. بدأت مسيرتي العملية في مجال النوم، حيث عملت في مشروعات بحثية ومشروعات صحية في جميع أنحاء أوروبا، من أجل سد الفجوة الهائلة بين علوم النوم وعلوم الرياضة». عندما بدأت ويست العمل في كرة القدم، كان يتعين عليها تغيير الطريقة التي يتم بها إعطاء الأولوية للتدريب على الراحة. وتقول عن ذلك: «غالبية الملاعب الرياضية عالية المستوى تركز بشكل أكبر على جانب التحميل». وبدلاً من منح الرياضيين فرصة للتعافي، كانت الثقافة السائدة هي إثقالهم بالتدريبات والمعلومات المكثفة. تقول ويست: «كيف يمكننا أن نجعل الرياضيين يحققون أداءً أعلى من خلال الاستمرار في زيادة الأعباء عليهم؟ لقد أمضيت السنوات الأولى من مسيرتي المهنية وأنا أحاول تغيير طريقة التفكير هذه».
تقول ويست إن طريقتها يمكن أن تُوصف بأنها «علاج سلوكي إدراكي فردي ومستهدف ومدفوع بالبيانات. أنا أتعامل مع اللاعب كأنه لغز، حيث أحتاج إلى وضع كثير من القطع لفهم الأمر برمته. نحن نتعامل مع الرياضيين الشباب، ومعظمهم يتمتعون بصحة جيدة من الناحية النظرية، ولا يعانون من مشاكل النوم التي تحتاج إلى علاج تشخيصي، لكن نسبة عالية وكبيرة جداً تعاني من قلة النوم». وعندما يصل أي لاعب إلى النادي، تقوم ويست بتقييمه. وتقول عن ذلك: «لدي أداة الفحص الخاصة بي للرياضيين، التي أعمل عليها منذ سنوات عديدة. إنه أمر معقد للغاية وقائم على البيانات، لكن الشيء غير المعقد هو النتيجة، لأن جميع اللاعبين سيخرجون بنتيجة بسيطة - لاعب أحمر أو أصفر أو أخضر». وبعد ذلك تُجري ويست محادثة فردية مع كل لاعب للحديث معه حول الأشياء التي تؤثر على النوم، وما الاستراتيجيات التي يجب استخدامها لتحسين ساعات وجودة النوم، وتحديد بعض الأهداف الواقعية.
وتقول: «من الأمثلة على ذلك أن يجد اللاعب صعوبة بالغة في النوم بسبب تفكيره في كثير من الأمور التي تشغل تفكيره، بمعنى أن يشعر اللاعب بالتعب لكن في اللحظة التي يذهب فيها إلى الفراش فإنه لا يستطيع أن يغلق كل الأفكار التي تدور في رأسه. وتتمثل طريقتي في العمل في أن أفهم كيف تبدو عاداته خلال فترات النهار، وهل يشعر بالتوتر أم لا، وما الأفكار التي تبقيه مستيقظاً أثناء الليل، وكيف يُرطب جسده، وما عاداته في المساء، وهل يأخذ قيلولة طويلة في فترة ما بعد الظهيرة أم لا؟ وبمجرد تحديد كل هذه الأمور، يتمثل دوري في تعليم اللاعب ودعمه من خلال أساليب تساعده في تهدئة ذهنه - ليس فقط قبل وقت النوم، ولكن أيضاً على مدار اليوم، حتى يكون جسده أقل إرهاقاً ويكون عقله أقل صخباً وتشتيتاً قبل النوم».
وتحرص ويست على التأكيد على أنه لا يوجد شخصان أو لاعبان متماثلان، وتقول: «ما سينجح مع فرد واحد، لن يكون دائماً ناجحاً بالقدر نفسه مع فرد آخر، لذلك أستخدم مزيجاً من الاستراتيجيات، بما في ذلك تمارين العقل، وتقنيات التنفس، والمدخلات الاستراتيجية بشأن توقيت الترطيب والتغذية». عانى لاعب برينتفورد السابق، إميليانو ماركونديس، من مشاكل في النوم عندما انتقل إلى إنجلترا من الدنمارك في عام 2018، لذا لجأ إلى ويست طلباً للمساعدة. وبعد تقييم البيانات الفسيولوجية لماركونديس باستخدام جهاز تعقب المعصم، كان أحد حلول ويست - التي قد تبدو غير منطقية - هو أن ينهض ماركونديس بعيداً عن الفراش.
وقال ماركونديس: «إذا لم أتمكن من النوم بعد نصف ساعة، كنت أذهب إلى غرفة المعيشة وأرسم الوشم الذي لدي الآن، وبعد ذلك كنت أشعر بمزيد من التعب». وجنباً إلى جنب مع استراتيجيات أخرى مثل استخدام الستائر المعتمة، وتجنب استخدام أي أجهزة إلكترونية قبل النوم والاستعانة بتقنيات التنفس العميق، تمكن اللاعب الدنماركي من النوم بشكل أفضل وأصبح أحد عملاء ويست المتميزين. لقد كان ماركونديس منفتحاً تماماً على الأفكار الجديدة، وهو الأمر الذي تقول عنه ويست: «كان ماركونديس جيداً حقاً في تطبيق الأشياء».
وتعمل ويست بشكل وثيق مع عالم النفس الرياضي مايكل كولفيلد في نادي برينتفورد. وعلى مدار الثلاثين عاماً الماضية، عمل كولفيلد في مجموعة من الرياضات المختلفة، مثل سباق الخيل والكريكيت، كما عمل مع كثير من المديرين الفنيين البارزين، بما في ذلك غاريث ساوثغيت ودين سميث. ويؤكد كولفيلد الأهمية الكبيرة للنوم، قائلاً: «السؤال الأول الذي أطرحه على أي من اللاعبين أو أفراد الجهاز الفني في ملعب التدريب كل يوم، هو ما إذا كانوا قد حصلوا على نوم جيد أثناء الليل أم لا، لأن النوم هو أهم جانب من جوانب الصحة بفارق كبير عن أي شيء آخر. إننا جميعاً نحتاج إلى تجنب ما أسميه (العقل الضبابي) عندما لا يعمل عقلنا بكامل طاقته».
كان نيك ليتلهليس رائداً في دراسة النوم بكرة القدم عندما لفت انتباه السير أليكس فيرغسون إلى ذلك في التسعينات من القرن الماضي. وبعد ذلك، كانت هناك مجموعة كبيرة من التطورات التكنولوجية الأخرى، بدءاً من لباس النوم المصنوع حسب الطلب الذي يرتديه غرانيت تشاكا، وصولاً إلى النظارات الليلية، لكن ويست تتعامل مع هذه التقنيات بدرجة من الحذر، وتقول: «أرى أن التكنولوجيا وسائل مساعدة لكنها ليست الحل. أنا من أشد المعجبين بالتكنولوجيا عندما يتم تنفيذها لغرض ما ويتم تطبيقها بالطريقة الصحيحة. أنا لا أؤمن باستراتيجية أن نبدأ بالاعتماد على التكنولوجيا مباشرة، لكن في بعض الأحيان قد يكون من الممكن الاستعانة بالمرتبة التي تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار أو جهاز التتبع الذي يمكنه تحديد إيقاع الساعة البيولوجية».
وعلى مدار العقد الماضي، كان هناك قبول متزايد لأهمية النوم للرياضيين. تقول ويست: «كان هناك قدر كبير من الأبحاث التي تدعم حقيقة أن النوم هو حجر الزاوية في تحقيق الأداء العالي، والأهم من ذلك، الحفاظ على تقديم هذه المستويات العالية لفترات طويلة. هناك ارتباط قوي بين قلة النوم وتطور إصابات العضلات. نحن نعلم أن اللاعبين الذين ينامون أقل من ثماني ساعات في الليلة على مدار 24 شهراً ستكون احتمالات الإصابة لديهم أعلى بمقدار 1.7 مرة من غيرهم».


مقالات ذات صلة

أرتيتا: الفاعلية سلاح آرسنال للفوز على سبورتنغ لشبونة

رياضة عالمية ميكل أرتيتا (إ.ب.أ)

أرتيتا: الفاعلية سلاح آرسنال للفوز على سبورتنغ لشبونة

قال ميكل أرتيتا مدرب آرسنال إن فريقه بحاجة لمزيد من القوة والفاعلية ليحقق الفوز على مضيفه سبورتنغ لشبونة، ويضع حداً لمسيرته السلبية خارج أرضه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية هانز فليك مدرب برشلونة (أ.ف.ب)

فليك: أداء برشلونة تأثر بغياب يامال

اعترف هانز فليك، مدرب برشلونة، الاثنين، بأنه قلق للغاية من تراجع أداء ونتائج فريقه.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية رود فان نيستلروي (أ.ب)

نيستلروي مرشح لتدريب هامبورغ وليستر سيتي

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم الاثنين، أن فريقيْ هامبورغ الألماني وليستر سيتي الإنجليزي يتنافسان على التعاقد مع المهاجم الهولندي السابق رود فان نيستلروي.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية مارتن تيرير (إ.ب.أ)

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

انضم المهاجم مارتن تيرير إلى القائمة المطوَّلة للاعبين المصابين في صفوف فريق باير ليفركوزن حامل لقب الدوري الألماني، قبل ملاقاة ريد بول سالزبورغ النمساوي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)
رياضة عالمية ألمانيا ستلتقي إيطاليا في ربع نهائي «دوري الأمم» (د.ب.أ)

دوري الأمم الأوروبية: ألمانيا تصطدم بإيطاليا... وإسبانيا تلتقي هولندا

أسفرت قرعة الدور ربع النهائي من دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم التي أُجريت في نيون السويسرية الجمعة، عن مواجهات نارية أبرزها مواجهة بين ألمانيا وإيطاليا،…

«الشرق الأوسط» (نيون)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.