يوما عن يوم تتزايد معاناة اليمنيين جراء الحرب التي أدخلت البلاد فيها ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله، وذلك بانقضاضهم على السلطة وتمردهم على الشرعية الدستورية، وباتت الحركة في المدن بلا حراك وظيفي أو نشاط اقتصادي، وتوقفت دورة الحياة اليومية، جراء انعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، فتوقفت أكثر من 80 في المائة من وسائل النقل بين العاصمة وعواصم المحافظات، ففي الطريق من صنعاء إلى محافظة الحديدة، وهو طريق استراتيجي حيث تنقل خلاله البضائع من ميناء الحديدة ويستخدم بصورة كبيرة من كافة شرائح المجتمع اليمني، بات هذا الطريق خاليا من السيارات والقاطرات التي تنقل البضائع وغير ذلك، فعلى مدى أربع ساعات من السفر المتواصل، لا تجد سوى محلات قليلة جدا هي التي تفتح أبوابها للزبائن، وأيضا، ازدهار «السوق السوداء» لبيع المشتقات النفطية، وفي غالبها مغشوشة، وبمبالغ طائلة، في حالة ابتزاز واضحة للمسافرين الذين تتقطع السبل بهم، جراء فرارهم من العاصمة صنعاء، بسبب الضربات الجوية المتواصلة لقوات التحالف، وبحسب بعض السائقين في الخطوط الطويلة لـ«الشرق الأوسط»، فإن خط الحديدة - صنعاء، يعد محظوظا لأنه ما زالت به حركة مرور مركبات وسيارات، على العكس من الخطوط الأخرى بين المحافظات، وذلك يرجع للأهمية القصوى لمحافظة الحديدة بالنسبة للعاصمة صنعاء، فالحديدة هي الميناء الرئيسي للقسم الشمالي من البلاد، ولا تبعد سوى 240 كيلومترا عن صنعاء (غربا).
وأكد مسافرون على هذا الطريق الجبلي الملتوي لـ«الشرق الأوسط» أن الطريق بين صنعاء والحديدة، بات مخيفا، جراء انتشار عصابات التقطع، والنقاط العسكرية غير النظامية، فمنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وبقية المحافظات الشمالية، نشرت الميليشيات المسلحة لجماعة الحوثي نقاطا عسكرية غير نظامية أو شبه رسمية، حيث يستخدم عناصر الميليشيات البزات ومواقع النقاط العسكرية بدلا عن قوات الجيش، واختلط تلك القوات بعناصر الميليشيات، وفي الغالب لا يستطيع المسافرون التمييز بين النقاط الحكومية وتلك التي ينصبها المتقطعون على الطريق العام، ولعل ما يجعل عناصر الميليشيات والمسلحين المتقطعين متشابهين، هو نفس الملابس وطريقة وضع النقاط التي هي أقرب إلى الكمائن، منها إلى النقاط العسكرية الرسمية، وبحسب تأكيد المسافرين، فإنهم لا يشعرون بالاطمئنان للسفر في طريق لا يستطيع المرء التمييز فيها بين الجيش والأمن والميليشيات، إضافة إلى أن تلك الميليشيات انتشرت بشكل كبير، في مناطق على طول الطريق.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تعرضت بعض نقاط الجيش والأمن والميليشيا، لعمليات عسكرية للمقاومة الشعبية التهامية «بعد تزايد سطوة تلك النقاط وتدخلها في شؤون المواطنين السكان في تلك المناطق ومضايقتها للمسافرين»، بحسب قول البعض، ومن أبرز النقاط التي تم استهدافها نقطة في مثلث طريق يربط بين محمية برع وحمام السخنة الطبيعي وعدد من المديريات التهامية والجبلية، وقال سكان قرب جبل واقر بمديرية المراوعة لـ«الشرق الأوسط» إن «أفراد نقطة الميليشيات الحوثية كانوا يتدخلون في الشاردة والواردة من شؤون المواطنين اليومية في تلك المنطقة المشهورة زراعيا وسياحيا»، غير أنهم أشاروا إلى انتهاء الصخب والممارسات غير القانونية لأولئك الأفراد، بعد أن تعرضوا لهجوم على يد المقاومة الشعبية، حيث امتدت هجمات المقاومة لتشمل نقاطا أخرى للميليشيات ومراكز أمنية يحتلها المسلحون الحوثيون.
ولعل من أبرز ما يشاهده المرء في طريق الحديدة - صنعاء، هو ذلك العدد من المسافرين، ليس كما في الأيام الاعتيادية، حيث تكون رحلاتهم إما تجارية واقتصادية أو سياحية وترفيهية في المحافظة الساحلية (الحديدة)، فكثير ممن يغادرون صنعاء، هم من السكان الذين ينزحون إلى الحديدة على اعتبار أنها أكثر أمنا من صنعاء، بصورة نسبية، لكن معاناة اليمنيين لا تتوقف بالانتقال من مدينة إلى أخرى، فهناك قاسم مشترك، وهو الضربات الجوية التي تستهدف مواقع الميليشيات الحوثية في طول وعرض البلاد، وهي المواقع التي سلمها لهم المخلوع علي عبد الله صالح، وأيضا، قاسم آخر وهو الوضع الاقتصادي المتردي جراء انعدام الخدمات والكهرباء والمشتقات النفطية، خاصة في ظل الصيف القائظ.
نقاط الميليشيات الحوثية على امتداد طرق اليمن بين الرفض الشعبي والاستهداف العسكري
المسافرون يعجزون عن التمييز بين النقاط العسكرية غير النظامية ونقاط المتمردين الذين يرتدون أزياء الجيش الحكومي
نقاط الميليشيات الحوثية على امتداد طرق اليمن بين الرفض الشعبي والاستهداف العسكري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة