لماذا يتحدث المثقف العربي دائماً عن الفلسفة؟

على هامش «ملتقى بيت الزبير الفلسفي»

لماذا يتحدث المثقف العربي دائماً عن الفلسفة؟
TT

لماذا يتحدث المثقف العربي دائماً عن الفلسفة؟

لماذا يتحدث المثقف العربي دائماً عن الفلسفة؟

كثرت في الآونة الأخيرة الندوات والمؤتمرات حول الفلسفة في عالمنا العربي. من بينها الندوة الكبيرة التي أقامتها مؤسسة «بيت الزبير» في العاصمة العمانية مسقط، تحت عنوان: «ملتقى بيت الزبير الفلسفي». وهي التي أسهم فيها عدد لا يستهان به من المثقفين العرب.
والآن دعونا نطرح هذا السؤال: لماذا يتحدث المثقف العربي عن الفلسفة؟ لماذا يستنجد بها؟ أكاد أقول: لماذا يستغيث؟ المثقف الفرنسي أو الألماني أو الإنجليزي ليس بحاجة إلى ذلك، لسبب بسيط هو أنه متخم بالفلسفة والفلاسفة منذ عدة قرون. ثقافته مليئة بالمناقشات الفلسفية الحرة على مدار الساعة عن المجتمع والسياسة والدين وكل شيء. وأما المثقف العربي فمتخم بشيء آخر لاعلاقة له بالفلسفة أو حتى مضاد للفلسفة. لنتفق على الأمور هنا: نحن لا ينقصنا الإيمان والحمد لله، ولكن تنقصنا العقلانية العلمية أو الفلسفية. ومعلوم أن الحضارات لا تقوم إلا على دعامتين اثنتين: العلم والإيمان، أو الدين والفلسفة. ومنذ أن أهملنا الفلسفة انهارت حضارتنا ودخلنا في عصور الانحطاط الطويلة. الإمام الغزالي كفر الفلاسفة في كتابه المعروف «تهافت الفلاسفة» الصادر نحو عام 1093.
وكذلك فعل ابن خلدون من بعده في مقدمته الشهيرة التي تحتوي على فصل بعنوان: «في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها». وفيه يقول بالحرف الواحد: «وضررها في الدين كثير، فوجب أن يُصدع الحق بشأنها ويُكشف عن المعتقد الحق فيها». على الرغم من عبقرية ابن خلدون في دراسة شؤون العمران وعلم الاجتماع والدراسة الدقيقة لكيفية نشوء الحضارات وصعودها ثم أفولها، فإنه أسهم على أثر الغزالي في الحط من شأن الفلسفة بل وتحريمها، إن لم نقل تجريمها وتكفيرها. إنه لشيء عجيب غريب: من جهة تجده مفكراً عقلانياً كبيراً فيما يخص تحليل الشؤون السياسية والدنيوية. ولكن عندما يصل الأمر إلى الشؤون الاعتقادية، فإن عقله يتوقف كلياً عن الاشتغال ويصبح أصولياً متشدداً! ولكن لا ينبغي أن نطالبه بما لا حيلة له به أو بما يتجاوز سقف عصره. ينبغي أن ننتظر عدة قرون أخرى، أي حتى وقتنا الراهن، لكي يظهر مفكر عملاق آخر ويتجرأ على ما لم يخطر على بال سلفه الكبير: عنيت هنا محمد أركون وكتابه الذي نقلناه إلى اللغة العربية تحت عنوان «تحرير الوعي الإسلامي: نحو الخروج من السياجات الدوغمائية المغلقة». (منشورات دار الطليعة. بيروت. 2011).
لنعد إلى الإمام الغزالي الذي كان عالماً ضخماً ومطلعاً كبيراً على الفلسفة. ولكنه أخطأ عندما عطل قانون السببية، لأن من يعطل قانون السببية يلغي العقلانية بكل بساطة. وربما لهذا السبب أصبحنا كسالى مستسلمين للمقدور والمكتوب وزاهدين بالحرية الشخصية والإرادة البشرية. كله مكتوب عليك أيها الإنسان ومقدر سلفاً بشكل محتوم، فلماذا تتعب نفسك إذن وتشغل عقلك وتحاول تغيير الأمور نحو الأفضل؟ ولكن تراث الإسلام العظيم يقول لنا: «اعقلها وتوكل» وليس فقط توكل. إنه يدعونا إلى تشغيل عقولنا التي زودنا بها الله. لهذا السبب نقول إن الغزالي وجه ضربة موجعة إلى الفكر العقلاني في الساحة الإسلامية. على العكس من ذلك كان ابن سينا نجماً مشرقاً في تاريخنا وكذلك الفارابي والمعري وبقية الكواكب والنجوم. كانوا يشغلون عقولهم تماماً حتى فيما يخص الشؤون الدينية. وما كانوا يفهمون الدين بشكل غيبي استلابي أو انغلاقي متعصب (بين قوسين: أحيل هنا إلى الكتاب الرائع للدكتور عمر مرزوق الصادر في باريس عام 2021 بعنوان: ابن سينا أو إسلام الأنوار). يقول المعري أحد قادة التنوير الفكري في تاريخنا:
إن الشرائع ألقت بيننا إحناً
وعلمتنا أفانين العداوات
المقصود بالشرائع هنا الطوائف والمذاهب. هل يتحدث عن عصره أم عن عصرنا؟
ويقول أيضاً:
كذب الظن لا إمام سوى العقل
مشيراً في صبحه والمساء
ويقول أيضاً:
فشاور العقل واترك غيره هدراً
فالعقل خير مشير ضمه النادي
هذه جواهر ما كان ينبغي أن ننساها. بالمعري نستطيع أن نفاخر الأمم، كل الأمم، لأنه لم يكفر أحداً بشكل مسبق ولم يحرم أحداً من نعمة الله. وقل الأمر ذاته عن ابن عربي وبقية عظمائنا وعباقرتنا. يقول نزار قباني مخاطباً طه حسين:
ارمِ نظارتيك ما أنت أعمى
إنما نحن جوقة العميان
نحن نمتلك واحداً من أعظم التراثات الدينية للبشرية: إنه التراث العربي الإسلامي. ولكن هل درسناه بطريقة فلسفية عقلانية مضيئة كما فعلت أمم الغرب المتقدمة مع تراثها المسيحي؟ هل نخلناه وغربلناه كما فعل أركون مثلاً في السوربون أو فضل الرحمن في جامعة شيكاغو؟ هذا هو السؤال. هناك إذن طريقة فلسفية لفهم الدين وطريقة تقليدية خرافية عفى عليها الزمن. معظم مفكري أوروبا كانوا مهتمين بدراسة الدين من وجهة نظر عقلانية، فلسفية، تنويرية. وهذا ما أدى إلى تقليص التيار الطائفي الأصولي عندهم، بل والقضاء عليه قضاء مبرماً. وعندئذ حُلت المشكلة الطائفية عندهم من جذورها. لنضرب على ذلك مثلاً كبير فلاسفة الأنوار في أوروبا: إيمانويل كانط. لقد أنقذ ألمانيا وقضى على التعصب المذهبي الكاثوليكي - البروتستانتي الذي كان قد مزقها ودمرها. كيف أنقذ كانط ألمانيا؟ عن طريق تأليف كتاب كبير بعنوان «الدين ضمن حدود العقل فقط». بمعنى: الدين مفهوماً من وجهة نظر فلسفية وعقلانية متسامحة وليس من وجهة نظر طائفية على طريقة الأصوليين التكفيريين والإخوان المسيحيين.. إلخ. نستنتج من ذلك أن مشكلة الفلاسفة التنويريين لم تكن الدين في المطلق وإنما الفهم الظلامي المتعصب للدين. ونحن أيضاً مشكلتنا ليست الدين وإنما الفهم الخاطئ والمتطرف للدين. على أي حال، لهذا السبب راح فلاسفة أوروبا يفككون الانغلاقات اللاهوتية المسيحية وينقذون بلدانهم من براثن التعصب. من قال إن الفلسفة لا تفيد شيئاً؟ من قال إن كلام المثقفين ثرثرات فارغة لا تقدم ولا تؤخر؟ كتاب واحد قد يضيء لك الدنيا ولكن ليس أي كتاب! كتاب فلسفي واحد قد يشق دياجير الظلمات. وهذا ما ينقصنا بشكل موجع في العالم العربي حالياً. لقد أرعبت الحروب الطائفية أوروبا إلى درجة أن مثقفيها ما كان شغلهم الشاغل على مدار ثلاثة قرون متواصلة إلا تفكيك الفتاوى اللاهوتية التكفيرية التي أشعلت الحرائق. الآن ما عادت المسألة تعنيهم لأنها بكل بساطة أصبحت محلولة في ذمة التاريخ. لم تعد هناك مشكلة طائفية بين الكاثوليكي والبروتستانتي في ألمانيا أو فرنسا أو عموم أوروبا المتنورة والمتحضرة. الوحدة الوطنية راسخة متراصة لا تستطيع أي أصولية أن تهدها أو تهددها. بل إن الأصولية أصبحت هي الخائفة عندهم وليس العكس!
لماذا شعر الألمان بالارتياح وتنفسوا الصعداء عندما ظهر كانط أو هيغل؟ وقل الأمر ذاته عن الفرنسيين عندما ظهر ديكارت أو روسو أو فولتير. لأن الفلاسفة هم أبطال الفكر والوجود. لأنهم هم وحدهم القادرون على فتح ثغرة في جدار التاريخ المسدود. لأنهم هم وحدهم القادرون على تفكيك الفكر الطائفي القديم وتدشين الفكر الأنواري الجديد الذي تتسع أحضانه للجميع أياً تكن أعراقهم أو طوائفهم أو مذاهبهم. القادة السياسيون يظهرون بعد الفلاسفة لا قبلهم. الإصلاح الديني يسبق الإصلاح السياسي ويمهد له الطريق. الثورة التنويرية تسبق الثورة السياسية. مونتسكيو وفولتير وجان جاك روسو ظهروا قبل الثورة الفرنسية لا بعدها. لماذا فشل الربيع العربي؟
أخيراً نقول ما يلي: لأن فلاسفة الأنوار استطاعوا بلورة تفسير جديد للدين المسيحي فإنهم نفخوا الروح في الأمة الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية. بسمارك، موحد ألمانيا، ظهر بعد كانط وهيغل مباشرة وليس قبلهما (1815 - 1898). الآن أصبحت الأمة الألمانية موحدة كلياً بشقيها الكاثوليكي والبروتستانتي. ولا يمكن أن تعود مرة أخرى إلى عصر الطوائف والمذاهب المتناحرة لسبب بسيط: هو أن التفسير الأنواري الجديد للدين انتصر كلياً على التفسير الظلامي القديم. لكنه لم يستطع الانتصار عليه إلا بعد معارك طاحنة وجهد جهيد. وهذا ما كنا قد دعوناه مراراً وتكراراً: بالمعركة الحاسمة للذات ضد الذات!



«فلسفة الضحك» عبر التاريخ كما يرويها العقاد

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد
TT

«فلسفة الضحك» عبر التاريخ كما يرويها العقاد

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

رغم أن الطبعة الجديدة التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة من كتاب «جحا الضاحك المضحك»، توحي بعمل مخصص لأشهر شخصية ساخرة في التراث العربي، فإن عباس محمود العقاد (1889 – 1964) اختار كمفكر من طراز خاص أن يكرس المساحة الكبرى من كتابه لمناقشة «فلسفة الضحك» عبر حقب زمنية مختلفة.

البداية كانت من عند أفلاطون؛ إذ ذكر المضحكين والمضحكات وهو يبحث عن مكانهم في «مدينته الفاضلة» أو جمهوريته المثالية التي أراد أن يقصرها على الأفاضل والمأمونين، وأن يجنبها عوارض النقص والرذيلة، فبدا له أن الشعر موكل بالجانب الضعيف من الإنسان، بغير تفرقة بين شعر المأساة وشعر الملهاة.

ويرى الفيلسوف اليوناني الأشهر أن الإنسان الكريم يأبى أن يستسلم للبكاء إذا أصيب في عزيز عليه بشكل شخصي، لكنه لا يبالي أن يبكي أو يحزن إذا رأى هذا المنظر معروضاً عليه في مسرحية مفجعة؛ لأن البكاء يخدعه في هذه الحالة ويوقع في روعه أنه يبكي لغير مصابه فيتغلب على نفسه في سبيل غيره. والإنسان الكريم يأبى أن يتفوه بالعبارات الكوميدية أو التراجيديات المضحكة، ولكنه يستسلم للضحك إذا سمعها محكية في رواية هزلية يمثلها المسرحيون أمامه.

وليس بالشيء الجيد، وفقاً له، أن يكون في «الجمهورية الفاضلة» إنسان يغلب على وقاره الضحك أو البكاء على نحو يحطّ من منزلة البشر في صورتهم المثالية. إن نزلاء جمهوريته «يجب أن يتساموا على مشاهد الهزل التي لا تليق إلا بالعبيد والأجراء». ومن هنا أثنى على المصريين؛ لأنهم يعلمون الأبناء الموسيقى والرقص قياماً بالشعائر والطقوس في المعابد، ولكنهم لا يسمحون للشعراء بخلط الألحان بالأغاني المبتذلة، أو تركيب القصائد الموزونة على رقص الخلاعة والمجون.

وكانت خلاصة رأيه في كتاب «الجمهورية» وكتاب «القوانين» أن الشعراء يحسنون صناعة القصائد ويستحقون من أجل ذلك أكاليل الغار «ولكن ليلبسوها ويخرجون من المدينة الفاضلة إلى حيث يشاءون».

ولم يذكر أفلاطون سبب الضحك إلا في كلمات قليلة خلال هذه المباحث الأخلاقية، وهو يرى في تلك الكلمات أن الضحك مرتبط بالجهل الذي لا يبلغ مبلغ الإيذاء، وأن الشعراء يضحكوننا حتى يحاكوا أولئك الجهلاء، ولكنهم «إذا طرقوا موضوع الملحمة أو المأساة عظموا الطغيان وجعلوا رواياتهم حكاية لأعمالهم، فلا أمان لهم في محاكاة الجهل ولا في محاكاة الطغيان».

وكان أرسطو أدق من أستاذه في تعبيراته وتصنيفاته لأقسام الشعر؛ لأنه وضع فيها مبحثاً خاصاً بـ«المسرحيات المضحكة» التي تتبع تطورها منذ أن كانت نوعاً من الهجاء والأغاني الشهوانية إلى أن أصبحت موضوعاً للإضحاك والتسلية. وهو يرى أن الضحك نوع من أنواع الدمامة أو التشوّه، لكن بدرجة لا تبلغ حد الإيلام. وفي نبذة منسوبة إليه من رسالة مقطوعته، طُبعت في برلين سنة 1899، يؤكد على الدور التطهري للضحك قائلاً:

«إن الملهاة تطهر النفس كما تطهرها المأساة؛ لأن النفس المطبوعة على الرحمة أو على حسن الذوق تجد في المأساة والملهاة منصرفاً لما تنطوي عليه من العطف والشوق إلى الكمال واجتنابه التشويه».

ويرى العقاد أن كلا الفيلسوفين قد أخطأ في فهم المأساة والملهاة على أنها نوع من التقليد والمحاكاة؛ لأن «الشعر المسرحي يعرض الفواجع بتمثيل أناس يحاكون المصابين بها في حركاتهم وأقوالهم، وكذلك يفعل بالمضحكات والملهيات. ويندر بين فلاسفة القرون الوسطى من نظر إلى الضحك نظرة جدية ورآه يتضمن حكمة تجعله جديراً بالبحث عنه وعن أسبابه، لانصرافهم إلى البحث في الأصول الدينية وأسرار ما وراء الطبيعة. ولعل فلاسفة اليونان الأقدمين كانوا على هذا الرأي، ولم يبحثوا ولو بعض البحث في الضحك وأسبابه إلا في طريق بحثهم عن التراجيديا والكوميديا مع رجوع هذه في أساسها إلى سير الأرباب وطقوس المعابد».

ويرى العقاد أنه «إذا كنا نعيب على الثقافة القديمة قلة البحث في الضحك وأسبابه، فإن الثقافة الحديثة كانت على النقيض، حيث اهتمت به على نحو يكاد يكون مبالغاً فيه باعتباره مؤشراً على مزاج هذه الأمة أو تلك، ويكشف عن طبيعتها باعتباره مكوناً أصيلاً من مكونات الثقافة العامة، ولا يقل أهمية في ذلك عن الأدب والتراث الشعبي. ومن أبرز الأمثلة لذلك كتاب (الضحك) الذي صدر للفيلسوف الفرنسي هنري برغسون عام 1911، والذي تجاوز عدد مراجعه الأربعين مرجعاً».

ويعود هذا الإفراط في الكتابة عن الضحك، كما يرى العقاد، إلى سبب مهم يتمثل في نشأة علم الذوق أو علم الجمال الذي ينظر في الفروق بين الجميل والجليل والمضحك كما تعرضها الفنون الجميلة، لا سيما الأدب المسرحي؛ إذ أصبح البحث عن المضحك والمبكي والحسن والقبيح مقروناً بالبحث فلسفياً عن المقدس والقداسة في شعور الإنسان وممارساته.

ويرى برغسون، كما يضيف العقاد، أننا «لا نضحك إذا رأينا إنساناً يتصرف تصرف الآلة ويقيس الأمور قياساً آلياً لا محل فيه للتميز المنطقي، ولكننا نضحك في الجماعة عامة ولا نضحك منفردين؛ لأن الضحك تنبيه اجتماعي أو عقوبة اجتماعية لمن يغفل عن العرف المتبع في المجلس أو في المحفل أو في الهيئة الاجتماعية بأسرها. والضحك عنده إنساني بمعاني الكلمة، فلا يُشاهَد في غير الإنسان، ولا يستثيرنا في غير عمل إنساني أو عمل نربطه بالإنسان».

كما أننا لا نضحك من منظر طبيعي أو من جماد كائناً ما كان، إلا إذا ربطناه بصورة إنسانية وجعلناه شبيهاً بإنسان نعرفه أو منسوباً إلى عمل من أعمال الناس، وقد نضحك من قبعة نراها، فلا يكون الضحك منها نفسها، بل من الإنسان الذي يلبسها ونتصور هيئته فيها، كما يقول.

ومن شروط الأمر المضحك عند الفيلسوف برغسون أن يحصل في جماعة أو يرتبط بالتصرف الجماعي، فقلما يضحك الإنسان على انفراد إلا إذا استحضر العلاقة الاجتماعية في ذهنه. وقلما ننظر إلى أحد يضحك على انفراد إلا خامرنا الشك في عقله، ما لم يكن له عذر نعلمه!


تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني

تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني
TT

تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني

تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني

في روايته الجديدة «ولا غالب» الصادرة أخيراً عن دار «الشروق» بالقاهرة، يقدم الكاتب الكويتي عبد الوهاب الحمادي معالجة فنية ودرامية جديدة لتاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني يعلي من قيمة التسامح وقبول الآخر ويستنكر منطق الإقصاء بين الشرق والغرب.

على تلال غرناطة تلتقي أربع شخصيات معاصرة تطاردها أزماتها الشخصية في زماننا الحالي وقد دلفت عبر «بوابة الزمن» لتستيقظ في عام 1492 عشية سقوط المدينة حيث وجدوا أنفسهم أمام مهمة إنقاذ غرناطة من مصيرها المحتوم كآخر قلاع العرب في بلاد الأندلس. تمنح الرواية الشخصيات أحد خيارين: تغيير مجرى التاريخ أو أن يصبحوا ضحاياه الجدد، لكن كيف لأربعة غرباء يحمل كل منهم ندوب صدمته الخاصة أن يغيروا مصير الأمة الأندلسية؟

وسبق أن صدر للمؤلف عدة أعمال منها «سنة القطط السمان» التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية، كما صدر له كتاب «دروب أندلسية» في أدب الرحلات.

من أجواء الرواية نقرأ:

على تل أخضر أمامي، استوى قصر الحمراء مثل شيخ شاحب ممدد على سرير مستشفى، لم يقتص المرض من وسامة تالدة. لطخت الشمس الآفلة غيوماً، تلتحف سماء غرناطة بلون النارنج. نظرت إلى الساعة في معصمي، قاربت السابعة أعدت لف الشال المغمور بعطرها حول رقبتي أحميها من صقيع نهايات ديسمبر فغمرتني رائحة الليمون. أغمدت كفي في جيبي، ضحكة شبان ورائي ونغمات عازف غيتار يصدح بغناء إسباني مكلوم. جميع الأعين وفرقعات آلات التصوير تحاول أن تقتنص جمال الشيخ على سريره الأخضر، لولا الحمراء لما أمسى لهذا المكان معنى لهم ولولاك ياصاحبة العطر، لما كان للحمراء معنى لي.

فهمت الآن لماذا كنت ياغادة تحبين هذه المدينة الواقعة خارج خريطة السياحة العربية غرناطة، ولماذا كنت تقرئين قبل النوم كتباً مصورة عن الأندلس أو تنصتين لبرامج إذاعية تاريخية وتتنهدين في أواخر أبيات الشعر، أو ترهفين لوديع الصافي وفيروز يتناجيان موشحاً، غصة في قلبي لن تزول لفتوري عن تحقيق رغبتك في زيارة هذا المعلم.

تغافلت أن القدر قد يسلب منا من نحب وقد يسلبنا أنفسنا. كنت أؤجل وكنت ترضين بأعذار انشغالي: عيادة مكتظة، سعال مرضي، حالات طارئة تنزف، خفارات ليلية مرهقة، نحيب أطفال، إعداد أوراق مؤتمرات طبية، بل وتجدين أعذاراً تقنعك أو هكذا كنت تتظاهرين لأنك تدركين أن التاريخ لا محل له في تلافيف دماغي.أحب تنفس عطر الليمون عندما تدنين مني وتلقبيني هامسة بصانع المعجزات، صانع المعجزات الذي رحلت يا غادة بين يديه، أغمضت عينيك إلى الأبد دون أن يقدر على فعل أي شيء».


إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026، بعد أن قرر أعضاء الاتحاد، اليوم (الخميس)، عدم الدعوة إلى التصويت بشأن مشاركتها، رغم تهديدات بمقاطعة المسابقة من بعض الدول.

وذكر المصدران أن الأعضاء صوتوا بأغلبية ساحقة لدعم القواعد الجديدة التي تهدف إلى ثني الحكومات والجهات الخارجية عن الترويج بشكل غير متكافئ للأغاني للتأثير على الأصوات، بعد اتهامات بأن إسرائيل عززت مشاركتها هذا العام بشكل غير عادل.

انسحاب 4 دول

وأفادت هيئة البث الهولندية (أفروتروس)، اليوم (الخميس)، بأن هولندا ستقاطع مسابقة «يوروفيجن» 2026؛ احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن إسبانيا انسحبت من مسابقة «يوروفيجن» للأغنية لعام 2026، بعدما أدت مشاركة إسرائيل إلى حدوث اضطراب في المسابقة.

كما ذكرت شبكة «آر تي إي» الآيرلندية أن آيرلندا لن تشارك في المسابقة العام المقبل أو تبثها، بعد أن قرر أعضاء اتحاد البث الأوروبي عدم الدعوة إلى تصويت على مشاركة إسرائيل.

وقال تلفزيون سلوفينيا الرسمي «آر تي في» إن البلاد لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2026، بعد أن رفض أعضاء اتحاد البث الأوروبي اليوم (الخميس) دعوة للتصويت على مشاركة إسرائيل.

وكانت سلوفينيا من بين الدول التي حذرت من أنها لن تشارك في المسابقة إذا شاركت إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت رئيسة تلفزيون سلوفينيا الرسمي ناتاليا غورشاك: «رسالتنا هي: لن نشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) إذا شاركت إسرائيل. نيابة عن 20 ألف طفل سقطوا ضحايا في غزة».

وكانت هولندا وسلوفينيا وآيسلندا وآيرلندا وإسبانيا طالبت باستبعاد إسرائيل من المسابقة؛ بسبب الهجوم الذي تشنّه على المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين خلال هجومها، وتقول إنها تتعرض لتشويه صورتها في الخارج على نحو تعسفي.