ماذا كان يقرأ بن لادن في أيامه الأخيرة؟

الاستخبارات الأميركية تفرج عن مائة وثيقة عثر عليها بعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» في أبوت آباد بباكستان

ماذا كان يقرأ بن لادن في أيامه الأخيرة؟
TT

ماذا كان يقرأ بن لادن في أيامه الأخيرة؟

ماذا كان يقرأ بن لادن في أيامه الأخيرة؟

أفادت وثائق كشف عنها، اليوم (الاربعاء)، وتتضمن معلومات فريدة عن زعيم تنظيم "القاعدة اسامة بن لادن الذي كان يعيش معزولا في منزل بمدينة أبوت آباد الباكستانية، أنه كان يدعو أنصاره الى مواصلة التركيز على شن هجمات على الولايات المتحدة. وأن زعيم التنظيم كان يحتفظ بمكتبته الخاصة بمجموعة من الكتب يعكف على قراءتها، من بينها أعمال الليبرالي اليساري نعومي شومسكي، ومايكل شور، مع كتاب تاريخ أكسفورد للحرب الحديثة، وذلك قبل موته، كما انه كان مهتما بقراءة كتاب "الوميناتي"، الامر الذي ينبئ انه كان يؤمن بنظرية المؤامرة وربما يكون هذا هو سبب تحوطه وحذره طيلة الأوقات.
وتلقي الوثائق التي تم اختيارها وترجمتها من قبل أجهزة الاستخبارات الاميركية، الضوء على جوانب جديدة للوضع النفسي لزعيم "القاعدة" وأفكاره التكتيكية، وخشيته من أجهزة الاستخبارات الغربية، واهتمامه الكبير بالصورة العامة للتنظيم.
وكتب بن لادن في واحدة من هذه الوثائق التي عثر عليها في منزله في أبوت آباد في باكستان حيث كان مختبئا، خلال هجوم القوات الاميركية الخاصة في الثاني من مايو (ايار) 2011 ، ان "الأولوية يجب ان تكون قتل ومقاتلة الاميركيين وممثليهم".
وفي المجموع كشفت الاستخبارات الاميركية عن حوالى مائة وثيقة تمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من الاطلاع على مضمونها حصريا.
وذكر جيف انشوكايتيس الناطق باسم الادارة الوطنية للاستخبارات الاميركية، أن الرئيس الاميركي باراك اوباما دعا الى "شفافية أكبر" بشأن ما تمت مصادرته في باكستان، والكونغرس صوت على قانون يلزم الاستخبارات بدراسة أي الوثائق يمكن نشرها.
لكن من غير الممكن التحقق من مصدر مستقل من مصدر الوثائق ولا من نوعية ترجمتها.
ويأتي الكشف عن هذه الوثائق بعد نشر الصحافي الاستقصائي الشهير سيمور هيرش، مقالا يشكك فيه بالرواية الرسمية لقتل بن لادن. لكن الناطق باسم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) راين تراباني قال ان العملية بدأت منذ أشهر ولا يمكن اعتبارها ردا على المقال.
وعبر رسائل ومسودات وملاحظات وتوجيهات، تتكشف اهتمامات تتراوح بين الشؤون الاستراتيجية والقضايا العادية.
ويطلب بن لادن الذي كان يدرك خطر ضربات الطائرات بدون طيار على كوادر تنظيمه، الامتناع عن إجراء الاتصالات بالبريد الالكتروني وعن الالتقاء في اجتماعات كبيرة، ويشعر بالقلق من احتمال وجود شرائح الكترونية مخبأة في ملابس زوجته.
وكان مهتما بتجديد الكوادر ويبحث عن وسيلة ليتمكن ابنه حمزة، الذي كان الخليفة المرجح له حسب الاستخبارات الاميركية، من الانضمام اليه في أبوت آباد.
وفي 2010 أصدر بن لادن توجيهات حول المفاوضات التي يجب إجراؤها بشأن الفرنسيين الذين خطفهم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" او صحافيين فرنسيين اثنين في افغانستان. وفي الحالتين يصر على الحصول على تعهد من فرنسا بالانسحاب من أفغانستان وفدية في قضية رهائن "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي".
وعلى مستوى استراتيجي أكبر، يرى بن لادن ان القاعدة يجب ان يخطط لهجمات كبيرة ضد الولايات المتحدة مثل اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وليس ضد الانظمة في الشرق الاوسط. وكتب في رسالة "علينا وقف العمليات ضد الجيش والشرطة في كل المناطق وخصوصا في اليمن". وأضاف ان "الأولوية يجب ان تكون ضرب اميركا لاجبارها على التخلي" عن انظمة الشرق الاوسط "وترك المسلمين وشأنهم".
وكان زعيم تنظيم القاعدة قلقا من ان "الانقسام في الحركة الجهادية قد يؤدي الى هزيمتها"، كما قال مسؤول اميركي في الاستخبارات، طلب عدم كشف هويته، في تعليق على الوثائق.
وشكل تنظيم القاعدة في العراق، الذي اصبح ما يسمى بـتنظيم "داعش" مصدر خلاف داخل التنظيم المتطرف.
ففي 2007، كتب "جهاديون" عراقيون الى بن لادن رسالة ليدينوا بعبارات شديدة اللهجة أعمال القتل التي كان يمارسها تنظيم القاعدة في العراق او ما سموه "فضائح ترتكب باسمكم".
وقالت الاستخبارات الاميركية إن بعض المقربين من بن لادن حاولوا إقناعه بشن هجمات أكثر تواضعا واكثر سهولة بسبب تهديد الطائرات بدون طيار بينما التنصت جار في كل مكان. موضحة ان وثيقة عثر عليها في ابوت آباد كشفت في اطار محاكمة جرت مؤخرا في نيويورك وليس مع الوثائق التي رفعت عنها السرية الاربعاء، تشير الى ان ابو مصعب السوري الذي كان قريبا من بن لادن كان يدعو الى هذا النوع من الهجمات.
واضافت هذه المصادر ان مسؤولي "القاعدة" "يعتقدون ان عمليات صغيرة مثل الهجمات التي يشنها أفراد معزولون يمكن ان تضعف الغرب اقتصاديا".
لكن بن لادن لم يقتنع، إلا انه خسر الرهان بعد موته. فبعد مقتله دعا تنظيم القاعدة الى شن مثل هذه الهجمات وتغلبت فكرة "الجهاد الفردي" التي يدافع عنها ابو مصعب السوري.
وجاء كذلك أن ادارة تنظيم مثل "القاعدة" ليست بالامر السهل، وكان اسامة بن لادن واعيا لذلك وتصرف كمدير فعلي للموارد البشرية، بحسب ما اظهرت وثائق رفعت عنها السرية بعد ان صودرت من منزله الذي قتل فيه على ايدي مجموعة كوماندوز اميركية عام 2011.
وتبدأ استمارة التجنيد في التنظيم بطلب البيانات الشخصية المعهودة بهذه الصيغة: "رجاء تعبئة الاستمارة بالمعلومات المطلوبة بشكل دقيق ونزيه. اكتبوا بخط واضح ومقروء الاسم واللقب والعمر والوضع الاجتماعي. وهل ترغبون في تنفيذ عملية استشهادية؟".
ثم يأتي سؤال آخر في الاستمارة "بمن يجب ان نتصل اذا استشهدت؟".
وهذه الاستمارة التي يحمل اعلاها عبارة "اللجنة الامنية. تنظيم القاعدة" كانت ضمن مئات الاوراق التي رفعت عنها السرية الاربعاء من قبل السلطات الاميركية واطلعت الوكالة عليها.
وتمت مصادرة هذه الوثائق اثناء هجوم القوات الخاصة الاميركية في الثاني من مايو 2011 على منزل كان يقيم فيه اسامة بن لادن في مدينة ابوت آباد بباكستان.
وتعذر التأكد من جهة مستقلة من مصدر الوثائق ومن ترجمتها الى الانجليزية.
وبالتاكيد حين تكون الرجل المطلوب رقم واحد في العالم وملاحقا من طائرات اميركية دون طيار او متحصنا في فيلا في ابوت آباد، فان التجنيد لشبكة دولية من المقاتلين المتطرفين يتطلب تنظيما.
وتظهر الوثائق ومعظمها مذكرات داخلية او مسودات لخطب لم تلق، بن لادن كرجل مهوس بالادارة.
وجاء في مذكرة تدعو الى الاقبال على تدريبات مهنية "ان احدى التخصصات التي نحتاج اليها ولا يجب ان نهملها هي علم الإدارة". فكان يدعو الى تدريب اكثر اندفاعا، لمن يملكون اقوى القناعات الدينية وخصوصا اصحاب الشهادات الجامعية في اماكن آمنة بباكستان.
وتؤكد المذكرة على "التحلي بالورع والصبر" مشيدة بتكتم من نفذوا اعتداءات 1998 ضد السفارة الاميركية في نيروبي. وتضيف "كل شخص يبدي مللا او لا ينهي المهام الموكلة اليه ويغضب بسرعة، يجب سحبه من المهام الخارجية. لقد بقي اخواننا في المنزل بكينيا لمدة تسعة اشهر".
واوضح زعيم "القاعدة" انه ليس بحاجة لمعرفة تفاصيل هذه "المهام الخارجية"؛ وهي التسمية التي تطلق على الهجمات على المصالح الغربية. لكنه يقول في مذكرة اخرى "بيد انه حين كان يحصل تأخير في المهام الخارجية فاني كنت أجد نفسي مضطرا للاهتمام بالأمر"، والسبب ان الأحداث لم تكن تتم دائما كما هو مخطط لها؛ ففي وثيقة صاغها، بحسب محللي وكالة المخابرات المركزية الاميركية "سي اي ايه"، اسامة بن لادن او مسؤول كبير في "القاعدة"، فان التنظيم أبدى قلقه من التسرع في نشر بعض المجندين.
وجاء في المذكرة "هناك اخوان جدد نتسرع بإرسالهم قبل ان يتعرض أمنهم للتهديد او تنتهي صلاحية وثائقهم".
وتمت الاشارة الى حالة مجند بقي فقط شهرين في صفوف "القاعدة" قبل العودة الى بلد غربي.
واضاف كاتب المذكرة مبديا بعض القلق "لقد دربناه على المتفجرات وعاد (..) ولم نعرف شيئا عن أخباره بعد ذلك".
وحين وجد تنظيم القاعدة نفسه في وضع حرج مع مقاتلين يملكون الخبرة وقاتلوا في افغانستان لكن لا يملكون وثائق سفر لأنهم معروفون لدى اجهزة الاستخبارات، كتب بن لادن معلقا "نحتاج الى قسم للتطوير والتنظيم".
ولتفادي ارسال مجندين يفتقرون الى الخبرة، قرر التنظيم تكليف احد المسؤولين البحث عن مقاتلين اسلاميين وتعليمهم افضل الخبرات العسكرية.
واضافت المذكرة "سنرسل بعض الاخوة المتميزين (..) للدراسة في الجامعة" بما يتيح توفير جيل جديد من المقاتلين المجازين في العلوم السياسية والاقتصادية والهندسة.
واشارت المذكرة الى ضرورة توفير كيميائيين من اجل "صنع متفجرات، الامر الذي نحتاجه بشكل عاجل"،حسب ما جاء في الوثيقة.
ويحتاج التنظيم ايضا، بحسب هذه الوثائق، الى متخصصين في الاعلام والاتصال، لأن اسامة بن لادن كان ينوي احياء الذكرى العاشرة لاعتداءات سبتمبر 2001 من خلال اطلاق حملة دعائية كبيرة، لكنه قتل قبل حلول الذكرى بأربعة أشهر.
من جهة أخرى، أكد حمزة نجل اسامة بن لادن في رسائله الى والده الذي كان يعيش معزولا في باكستان، انه كان راغبا في الانضمام الى هذا التنظيم المسؤول عن اعتداءات 11 سبتمبر 2001. لكن حمزة الذي كان يبلغ من العمر حينذاك 22 عاما، لم يكن مجندا عاديا. فقد كان الابن المفضل لاسامة بن لادن الذي كان يريد ان يجعل منه وريثه على رأس تنظيم القاعدة، كما تفيد الوثائق السرية.
واطلعت وكالةالصحافة الفرنسية على اكثر من مئة من هذه الوثائق ومن بينها رسالتان من حمزة الى والده ورسالة من والدته تدعوه الى "السير على خطى" والده، ومراسلات بين قادة التنظيم تشير الى رغبة الشاب بالعمل على غرار والده.
وتلقي هذه الوثائق الضوء على تنظيم القاعدة من الداخل وطريقة عمله والنقاش الذي كان يدور بشأن مستقبله اذا اختفى زعيمه.
ومن غير المعروف ما اذا كان حمزة الذي وصفه نائب بريطاني بـ"ولي عهد الرعب" ويبلغ من العمر اليوم 27 عاما كان موجودا في باكستان عند وقوع الهجوم على والده؟
وقال مسؤولون كبار في الاستخبارات الاميركية انه لم يظهر في اي تسجيل فيديو منذ سنوات ومكان وجوده مجهول.
وتتحدث الوثائق عن شاب يصف نفسه بأنه "صلب مثل الفولاذ" ومستعد للالتحاق بوالده وصولا الى "النصر او الشهادة". كما تكشف كيف كان قادة "القاعدة" يسعون لايصاله الى مخبأ والده.
وكتب حمزة في يوليو(تموز) 2009 عندما كان في الإقامة الجبرية في ايران ان "ما يحزنني فعلا هو ان كتائب المجاهدين تتحرك وأنا لم ألتحق بها"، حسب ترجمة انجليزية لرسالته.
وتعذر التحقق من مصدر مستقل من مصدر هذه الوثائق ودقة الترجمة. وأضاف "أخاف ان امضي شبابي وراء القضبان". وتابع "أبي العزيز، اعلن لك انني على غرار آخرين، سنسلك بمشيئة الله الطريق نفسه طريق الجهاد".
ويصف حمزة الذي لم يكن قد التقى والده الهارب منذ ثمانية اعوام "آلام الفراق" في سن الـ13 والامل برؤيته من جديد. ويقول "قلت لنا الى اللقاء ورحلنا. كما لو ان كبدنا انتزع وبقي هناك".
ويشتبه بان حمزة قام بعمليات ارهابية وشارك في تسجيلات فيديو دعائية منذ سن المراهقة.
ويقول المسؤولون الاميركيون ان الوثائق التي تمت مصادرتها تكشف "الثمن الهائل" لعمليات مكافحة الارهاب الذي دفعه التنظيم وخصوصا عجزه عن العثور على قادة جدد بدلا من الذين فقدهم.
وقال محلل رفيع المستوى للوكالة، طالبا عدم كشف هويته، ان "بن لادن تنبه قبل مقتله لهذا الخطر وكان يريد استقدام ابنه حمزة الى مخبئه في ابوت آباد لاعداده لخلافته".
وكتب القيادي في التنظيم عطية عبد الرحمن لبن لادن في الخامس من ابريل (نيسان)، اي قبل شهر من مقتله، رسالة ادرج فيها ثلاث امكانيات تتعلق بحمزة الذي كان قد سمح له للتو بمغادرة منزله في ايران.
وكتب عبد الرحمن باسم مستعار هو محمود، ان "الاقل خطرا والاكثر سهولة" هو تمريره عبر ولاية بلوشستان الباكستانية على حدود ايران. واضاف انه بانتظار تحقيق ذلك، مكن عبد الرحمن حمزة من "التدرب على استخدام المتفجرات". ووعد بتدريبه على استخدام مختلف انواع الاسلحة، مؤكدا ان الشاب "ودود وطيب".
وبعدما أعدت الخطة، كتب خالد شقيق حمزة ان أخاه سيستخدم هوية مزورة وشهادة قيادة مزورة ليسافر برا عبر بلوشستان.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.