المحكمة الاتحادية العراقية في مرمى نيران الانتقادات

تتعرض القرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية في العراق منذ أشهر إلى انتقادات شديدة من الأطراف السياسية المتضررة من ذلك، وقد صدرت الكثير من التعليقات السلبية على قرارها الأخير المتعلق بإبطال تشريع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»، أول من أمس، نظراً لإرساله من قبل حكومة تصريف الأعمال التي يقودها مصطفى الكاظمي.
ورغم إعلانها الالتزام بالفتاوى والقرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية، قالت الحكومة في معرض تعليقها على إلغاء القانون، إنها قدمته إلى البرلمان بـ«دواعٍ ملحة؛ لمعالجة التحديات الاقتصادية التي فرضتها أزمة ارتفاع الأسعار العالمية؛ وذلك لتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلة الغذائية، فضلاً عن تقديم الدعم العاجل لقطاع الكهرباء قبل حلول فصل الصيف؛ لمنع أي أزمة في إنتاج الطاقة، أو انقطاع للتيار الكهربائي في عموم العراق». وأضافت، في بيان، أن «القانون من شأنه كذلك دعم الرعاية الاجتماعية؛ لحماية الطبقات الفقيرة والمعوزة إزاء الأزمة الاقتصادية العالمية، وتوفير الخدمات في المدن، وإتاحة فرص العمل للخريجين والعاطلين عن العمل، إلى جانب توفير الأموال العاجلة لدعم القطاع الزراعي، والتعامل مع المتغيرات المناخية».
ورأى وزير المالية علي عبد الأمير علاوي أن قرار المحكمة الاتحادية العليا فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة الحالية الذي أفضى إلى إلغاء قانون الأمن «له تداعيات مهمة على عمل وزارة المالية». وتابع أن «القانون (كان) ضرورياً في غياب موازنة 2022 نظراً لقضايا التمويل المتعددة التي واجهتها الحكومة. لم يكن القصد من مشروع القانون هذا بأي حال من الأحوال أن يكون بديلاً لموازنة كاملة».
وختم: «في بيئتنا السياسية المتناثرة، حيث يستغرق تشكيل الحكومة شهوراً حتى يكتمل، من الصعب أن نرى كيف أن تجريد سلطات حكومة تصريف الأعمال لإدارة الأزمات وحالات الطوارئ من شأنه أن يخدم المصلحة الوطنية الكبرى».
وهاجم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ووزير الخارجية السابق هوشيار زيباري قرار المحكمة واتهمها بـ«الطغيان». وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «مرة أخرى تنصّب المحكمة الاتحادية المشكوك في دستوريتها أصلاً، نفسها حاكماً على العملية السياسية والانتخابية وتتصرف وكأنها وصية ولديها صك الغفران على السلطتين التنفيذية والتشريعية على البلاد». وأضاف: «لذا لا بد من تصحيح الوضع ومنع طغيان القضاء المسيّس، وأنه لا سلطان على القضاء إلا القانون».
وشن رئيس اللجنة المالية عن التيار الصدري حسن الكعبي، أمس، هجوماً شديداً على من «أسهموا في إجهاض مشروع قانون الأمن الغذائي». وقال الكعبي، في بيان، إن نقض القانون أسهم في «حرمان الفقراء والمهمشين من تسلم 11 حصة غذائية لـ6 أشهر، كانت تخصيصاتها مضمونة بالقانون». ورأى أن من أجهضوا القانون «أسهموا في حرمان 15 محافظة من 10 تريليونات دينار كانت ستصرف على أبنائها فقط وليس لمواطني دولة أجنبية! وكذلك حرمان العراقيين جميعاً من 500 مليار دينار لتأهيل الطرق الخارجية وبما يسمى طرق (الموت) التي تحصد الآلاف من الضحايا الأبرياء منهم سنوياً».
في مقابل ذلك، دافع رئيس ائتلاف «دولة القانون» وعضو «الإطار التنسيقي» نوري المالكي عن قرار المحكمة الاتحادية، ورأى في تغريدة، أمس، أنه حقق أربعة أهداف أساسية، ضمنها «حماية المال العام من التلاعب وذهاب الكثير منه لسيطرة الفاسدين»، كما أنه أسهم في إيقاف «الممارسات غير القانونية في التعاقدات والتعيينات والعزل لكبار الموظفين». ورأى أن «المحكمة تستحق الشكر والإشادة في تصديها لحماية العملية السياسية من الوقوع في الخلل».
من جهة أخرى، وبعد مضي أقل من يوم واحد على إلغاء قانون الأمن الغذائي، عادت المحكمة الاتحادية، أمس، لتفتي ببطلان عضوية النائب مشعان الجبوري وإقصائه من مجلس النواب على خلفية دعوى أقامها ضده النائب السابق قتيبة الجبوري بذريعة «تزويره» لشهادة الدراسة الإعدادية.
وفي أول تعليق للجبوري على قرار بطلان عضويته قال: «رغم أن رئيس مجلس القضاء أبلغني أن الدعوى المرفوعة من قتيبة غير مستوفية للشروط وتطمينات رئيس المحكمة الاتحادية بأن القضية ليست من اختصاصها، نجحت الضغوط السياسية للخصوم وبعض الحلفاء في جعل المحكمة تسقط عضويتي في مجلس النواب ولكن الأكيد ستكون لهذه القضية تداعيات، ومن غدر سيندم».
وسبق للجبوري أن شغل عضوية البرلمان في أكثر من دورة برلمانية وينتمي حالياً إلى تحالف «إنقاذ وطن» المؤلف من الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة الذي يضم معظم القوى السنية.