شورى «الإسلامية» ينقذ حكومة بنيت

«الليكود» سحب مشروعه لتبكير الانتخابات

إعلان الائتلاف الحكومي بحضور منصور عباس وبنيت ولبيد في يونيو الماضي (رويترز)
إعلان الائتلاف الحكومي بحضور منصور عباس وبنيت ولبيد في يونيو الماضي (رويترز)
TT

شورى «الإسلامية» ينقذ حكومة بنيت

إعلان الائتلاف الحكومي بحضور منصور عباس وبنيت ولبيد في يونيو الماضي (رويترز)
إعلان الائتلاف الحكومي بحضور منصور عباس وبنيت ولبيد في يونيو الماضي (رويترز)

بعد أن عاد من زيارتين سياسيتين إلى كل من الأردن وتركيا، وإجراء مداولات في مجلس شورى «الحركة الإسلامية الجنوبية»، أعلن رئيس «القائمة الموحدة»، النائب منصور عباس، أمس الأربعاء، عن منح فرصة أخرى للائتلاف الحكومي بقيادة نفتالي بنيت وعدم الانسحاب منه. وعلى أثر ذلك؛ هاجم رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، الحكومة والحركة الإسلامية، وسحب مشروعه لتبكير موعد الانتخابات. وقام النائب اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، بالتشويش على لقاء صحافي أجراه عباس في الكنيست، وتأجل انفجار الأزمة السياسية إلى محطة مقبلة.
وكان قادة الائتلاف والمعارضة في إسرائيل قد علقوا أنظارهم على اجتماع مجلس الشورى لـ«الحركة الإسلامية»، الذي التأم في مدينة كفر قاسم مساء الثلاثاء. وقد استمر الاجتماع 7 ساعات متواصلة، واختتم في منتصف الليل من دون الإعلان عن القرار. وكان موضوع البحث هو الاستمرار في الشراكة بالائتلاف الحكومي، بعد أن كانت «القائمة الموحدة» قد جمدت عضويتها احتجاجاً على الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، وعرقلة تطبيق الاتفاقيات مع الحكومة بخصوص رفع الميزانيات للمجتمع العربي، أو الانسحاب من الائتلاف وتأييد اقتراح حزب «الليكود» المعارض حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات جديدة.
ودعا منصور عباس إلى مؤتمر صحافي، أمس، لإطلاع الجمهور على قرار مجلس الشورى. لكن في أعقاب مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، ألغي المؤتمر احتجاجاً. واكتفى بإلقاء بيان أمام الصحافيين داخل أروقة الكنيست، بحضور النواب الثلاثة أعضاء الكتلة: مازن غنايم ووليد طه وإيمان خطيب. وقال عباس: «نحن في الائتلاف الحكومي بسبب وباء الجريمة الذي يحصد مئات الأرواح وآلاف المصابين، نحن في الائتلاف الحكومي لأن مجتمعنا العربي يعاني من الظلم وعدم المساواة والإجحاف في كافة المجالات، فكان على (القائمة العربية) أن تأخذ خطوة جريئة والدخول للائتلاف من أجل أن نفرض أنفسنا في الواقع السياسي الإسرائيلي. وكنا ندرك أننا ندفع ثمناً؛ وثمناً كبيراً، مقابل هذه الخطوة».
وتابع: «عندما واجهتنا أزمة مع الائتلاف، قررنا تجميد عضويتنا ودخلنا مباشرة في مفاوضات مع الحكومة من أجل وضع قضايا المجتمع العربي من جديد على الطاولة، للوصول إلى حلول عملية مجدولة جدولة زمنية، وهي تعزيز مكافحة الجريمة والعنف، مع الأخذ في الحسبان أن معدل الجريمة والعنف انخفض بنسبة 30 في المائة في المجتمع العربي، وعمليات إطلاق النار بنسبة 40 في المائة. طالبنا بتسريع الاعتراف بـ10 تجمعات بدوية في النقب مهددة بالهدم والترحيل، وحصلنا على 5 ونريد البقية. طالبنا بحلول عملية لأزمة السكن في صفوف الأزواج الشابة في المجتمع العربي. ونتيجة للتجاوب مع مطالبنا، قررنا إعطاء فرصة إضافية للائتلاف الحكومي من أجل تحريك دواليب القرارات، وتنفيذها بشكل عملي وفق جدول زمني محدد... وبناء عليه؛ تعود (القائمة العربية الموحدة) للالتزام بقرارات الائتلاف، وستنظر بين الحين والأخر في التقدم في عملية التطبيق، وتتخذ القرار المناسب في وقته».
ولم يتمكن عباس من إكمال بيانه عندما بدا يتكلم بالعبرية للصحافيين اليهود؛ إذ هجم عليه عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، وهو يصيح: «أنتم داعمون للإرهاب... ماذا فعلت في تركيا؟ هل اجتمعت مع رفاقك في قيادة (حماس)؟ هل نظمتم مزيداً من عمليات قتل اليهود؟». وتطورت مشادات كلامية وصراخ متواصل رد خلاله نواب «الموحدة» عليه: «أنت إرهابي مدان في المحكمة» و«أنت فاشي عنصري». ولم يقم حراس الكنيست بإبعاده من المكان وانفض اللقاء مع الصحافيين.
في هذه الأثناء، قرر «الليكود» إلغاء مشروع تبكير موعد الانتخابات، الذي كانت مقررة مناقشته لساعات بعد ظهر أمس؛ لأن عودة «الموحدة» إلى الحكومة تفقد الليكود أكثريته. وإذا سقط هذا المشروع؛ فإنه لا يمكن العودة لتقديمه قبل 6 أشهر. وراح نتنياهو يهاجم حكومة بنيت «التي تسير وفق مزاج مجلس الشورى والإخوان المسلمين». وعدّ التحالف مع «الحركة الإسلامية» جريمة يرتكبها بنيت ووزير الخارجية يائير لبيد.
ورد منصور عباس على نتنياهو قائلاً إنه «متلون»، وذكره بالمحادثات بينهما حول تشكيل ائتلاف حكومي بين «الليكود» و«الحركة الإسلامية». وهدد بنشر الرسائل التي وجهها إليه نتنياهو السنة الماضية ضمن هذه المفاوضات؛ «لكي أثبت أن نتنياهو كان يريد ائتلافاً معنا وكان مستعداً لتقديم كثير من مطالبنا».
ومع سحب مشروع تبكير الانتخابات، تعود حكومة نفتالي بنيت إلى تعزيز مكانتها في الحلبة السياسية، إلى أن تنفجر الأزمة المقبلة.



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.