الشرطة السودانية تعترف بقتل متظاهر دهساً

TT

الشرطة السودانية تعترف بقتل متظاهر دهساً

اضطرت الشرطة السودانية للاعتراف بمقتل أحد المحتجين دهساً بإحدى سياراتها، بعدما نقلت وسائل إعلام ومواقع على الإنترنت فيديو مباشراً لعملية الدهس، الخميس الماضي، وأعلنت التعرف على أشخاص كانوا يحملون «مسدسات» وهم يحاولون قنص المحتجين، بعد أن كانت قد ذكرت في وقت سابق أن القتيل لقي حتفه جراء حادث سير، وبعد أن درجت على توجيه الاتهام بقتل المحتجين السلميين إلى طرف «ثالث» لم تسمّه أبداً.
ونقلت قنوات فضائية ومواقع على شبكة التواصل الاجتماعي، الخميس الماضي، فيديو مباشراً لسيارة شرطة –تُعرف محلياً بـ«الدفار»– وهي تحاول دهس المحتجين، بالقرب من موقف المواصلات العامة «شروني»، وفيديو آخر لمسلحين بأزياء مدنية يسيرون خلف قوات الشرطة يُشهرون بندقياتهم وهم مختفون خلف جدران أحد المباني، ويوجهونها نحو الثوار، بما يشي بأنها محاولة «اغتيال».
وقالت الشرطة في بيان إن تحقيقاتها حددت مكان فيديو الدهس «جنوب شرقي موقف شروني» الذي أدى لمقتل المحتج، وحددت العربة الشرطية المموهة (دفار) التي استُخدمت في قتله، وأنها جزء من الآليات المستخدمة في نقل القوات المتعاملة مع المتظاهرين. وأوضحت الشرطة في البيان أنها اتخذت الإجراءات اللازمة وشكّلت فريق بحث وتحرٍّ وجمع معلومات للوصول للحقائق «المجردة»، وتعرفت على سائق العربة، واتخذت الإجراءات اللازمة في مواجهتهم ودوّنت ذلك في محضر التحري.
وكشفت أن قتل المحتج «مجتبى عبد السلام» الخميس، نجم عن دهسه بواسطة ناقلة شرطة مموهة، وأن السلطات حررت «أورنيك» جنائياً لتكملة الإجراءات.
كما أعلنت الشرطة في بيانها أيضاً التعرف على «الشخص» الذي ظهر في الفيديو الثاني الذي نقل محاولة رجال بثياب مدنية يهمون بإطلاق الرصاص من مسدس «طبنجة» على المحتجين، قبل أن يتوقفوا بعد اكتشافهم أن الكاميرات كانت مسلطة عليهم، وأنها اتخذت الإجراءات اللازمة لمعرفة ظروف الملابسات المحيطة بالعملية.
وأشارت الشرطة إلى ما سمتها «حالات تعدٍّ» بالطعن وإصابة لأفراد الشرطة، واستخدام مواد تحجب الرؤية سُكبت على زجاج سيارتها، وإتلاف إطارات سيارتها بـ«أدوات صُنعت خصيصاً» لهذا الغرض، فضلاً عن الاعتداء على دوريات شرطية في أمكنة خارج نطاق التعامل مع المحتجين.
ودرجت الشرطة السودانية على اتهام «طرف ثالث» مجهول بقتل المحتجين، في الوقت الذي تؤكد فيه فيديوهات الكاميرات وأجهزة الموبايل، وشهادات الشهود والأطباء، أن الشرطة والأجهزة الأمنية المرافقة لها، استخدمت عنفاً مفرطاً ضد المحتجين السلميين، أودى بحياة 95 «شهيداً» من انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وكانت «شرطة ولاية الخرطوم» قد نسبت في بيان أصدرته عشية مقتل المحتج أنه قُتل جراء «حادث سير». وقالت: «وقعت حالة وفاة واحدة للمواطن (مجتبى عبد السلام) نتيجة لحادث مروري في أثناء تلك المظاهرات، إلى جانب إصابة 28 مواطناً بإصابات طفيفة، وإصابة 37 رجل شرطة، إلى جانب القبض على 22 متهماً من المتهمين وُجهت إليهم اتهامات جنائية».
لكنّ بياناً صادراً من إعلام الشرطة الاتحادية، في وقت لاحق، ذكر أنها شرعت في «تحقيق عادل وشفاف»، حول الأحداث التي صاحبت تعامل القوات بجوار موقف «شروني»، وما نقلته القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، مما سمته «واقعتي تهور وطيش لسائق دورية الشرطة وسط المتظاهرين وهو سلوك مرفوض جملة وتفصيلاً»، ونعتته بأنه «لا يشبه الشرطة وإرثها الممتد لأكثر من مائة وأربعة عشر عاماً في خدمة الوطن والمواطن».
وأكدت الشرطة الاتحادية أنها اطّلعت على فيديو التأهب «للقنص والقتل»، وتعمل على معرفة هويته وتحديد ما إن كان نظامياً أو «متظاهراً مندساً»، وهو الشخص الذي قالت إنها تعرفت عليه دون كشف ما إن كان نظامياً أو مندساً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».