الثمن الباهظ لعقوبات الاتحاد الأوروبي الأخيرة على روسيا

(تحليل إخباري)

محطة لضخ الغاز من شبه جزيرة يامال الروسية إلى أوروبا (رويترز)
محطة لضخ الغاز من شبه جزيرة يامال الروسية إلى أوروبا (رويترز)
TT

الثمن الباهظ لعقوبات الاتحاد الأوروبي الأخيرة على روسيا

محطة لضخ الغاز من شبه جزيرة يامال الروسية إلى أوروبا (رويترز)
محطة لضخ الغاز من شبه جزيرة يامال الروسية إلى أوروبا (رويترز)

سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه مضطرا لإيجاد بدائل لنحو 3.5 مليون برميل من النفط الروسي ومشتقاته يوميا، وكذلك لإمدادات الغاز الروسية، في وقت تتزايد فيه أسعار الطاقة.
ويساور القلق مجموعة من دول شرق أوروبا من ألا يتيح لها قرار حظر النفط الروسي وقتا كافيا للتكيف، حتى مع قول دبلوماسيين إن المجر وسلوفاكيا اللتين تعتمدان بشدة على الخام الروسي، ستمنحان مهلة حتى 2023 للتخلي عنه. وقال وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو على فيسبوك إنه حتى مع تأخر موعد التزام بلاده بالحظر، فلا يمكن لها الموافقة على الإجراءات إلا إذا أُعفيت واردات النفط الخام الروسي عبر خط الأنابيب من العقوبات. وتلقت الدولة الحبيسة - التي يقيم رئيس وزرائها فيكتور أوربان علاقات أوثق مع الكرملين من دول أخرى في التكتل - أكثر من نصف وارداتها من النفط الخام ومشتقاته من روسيا العام الماضي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. وطالبت سلوفاكيا بفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، فيما تسعى جمهورية التشيك لتأجيلها لمدة عامين أو ثلاثة أعوام. وتراجع في الأسابيع القليلة الماضية التردد بشأن فرض عقوبات قد تضر باقتصادات الاتحاد وكذلك موسكو، مع ورود صور مروعة لأعمال قتل في بلدات أوكرانية، وفي ظل مخاوف من تجدد الهجوم في شرق البلاد. ومما يعكس الغضب المتنامي وواسع النطاق في الغرب من الغزو الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة» ضد قوميين خطرين، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن موسكو يجب أن تعاني من العواقب. وأضافت أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج «يجب أن يدفع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ثمنا باهظا لعدوانه الوحشي». وقالت: «اليوم، سنقترح حظر كل النفط الروسي في أوروبا». وأضافت وسط تصفيق في القاعة «سيكون هذا حظرا كاملا للواردات على روسيا بأكملها».
يشمل مقترح المفوضية، الذي تتعين الموافقة عليه بالإجماع من دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين كي يصبح ساري المفعول، التخلص التدريجي من إمدادات النفط الخام الروسي في غضون ستة أشهر والمنتجات المكررة بحلول نهاية عام 2022، كما تقترح المفوضية حظر جميع خدمات الشحن والسمسرة والتأمين والتمويل التي تقدمها شركات الاتحاد الأوروبي لنقل النفط الروسي خلال شهر. وارتفع سعر خام برنت بنسبة ثلاثة في المائة إلى أكثر من 108 دولارات بحلول الساعة 14:50 بتوقيت غرينيتش. وإذا تمت الموافقة على الحظر، فسيحذو التكتل بذلك حذو الولايات المتحدة وبريطانيا بعد أن فرضتا حظرا على النفط الروسي من قبل لقطع أكبر إمدادات الدخل للاقتصاد الروسي. وكان الغرب يشتري أكثر من نصف ما يستهلكه من النفط الخام والمنتجات البترولية من روسيا.
في غضون ذلك، أفاد مصدر بأن بلغاريا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك أثارت مخاوف بشأن الحظر النفطي خلال اجتماع للمبعوثين الوطنيين لدى الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء، مشيرا إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق غدا الخميس أو في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وقال دبلوماسي إن اليونان لديها مخاوف أيضا بشأن التأثير على قطاع الشحن.
قال سيمون تاجليابيترا من مركز بروجيل للأبحاث في بروكسل، لـ«رويترز»، إن الحظر التدريجي الذي يقترحه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي «رهان محفوف بالمخاطر».
وأضاف «على المدى القصير، قد يترك ذلك عائدات روسيا مرتفعة بينما ينطوي على عواقب سلبية على اقتصاد الاتحاد الأوروبي والاقتصاد العالمي من حيث ارتفاع الأسعار، ناهيك عن مخاطر الرد (الروسي) فيما يتعلق بإمدادات الغاز الطبيعي». وإلى جانب العقوبات النفطية، ستضرب الجولة الأحدث من العقوبات سبيربنك، أكبر البنوك الروسية، بالإضافة إلى بنكين آخرين، لتضاف إلى العديد من البنوك التي تم استبعادها بالفعل من نظام سويفت للمعاملات المالية. وقالت فون دير لاين: «نستبعد سبيربنك وهو أكبر بنك في روسيا وبنكين كبيرين آخرين من نظام سويفت. نوجه بذلك ضربة للبنوك التي تعتبر مهمة بشكل كبير للنظام المالي الروسي ولقدرة بوتين على التدمير. هذا سيعزز العزلة الكاملة للقطاع المالي الروسي عن النظام العالمي». ولم يرد سبيربنك بعد على طلب للتعليق. وكان البنك، الذي استبعد من كل الأسواق الأوروبية تقريبا في مارس (آذار)، قد قال من قبل إن جولة جديدة من العقوبات لن يكون لها تأثير كبير على عملياته. وذكرت فون دير لاين أن المزيد من كبار المسؤولين العسكريين الروس سيواجهون عقوبات بتجميد الأصول وحظر السفر من جانب الاتحاد الأوروبي، دون ذكر أسماء. كما سيحظر الاتحاد مستشارين ومحاسبين وخبراء علاقات عامة أوروبيين ممن يعملون لصالح شركات روسية. وقال مصدر لـ«رويترز» إن رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية المتحالفة مع الكرملين، البطريرك كيريل، سيُدرج على القائمة السوداء فيما ستُمنع قناتا (آر تي آر - بلانيتا) و(آر 24) من موجات الأثير الأوروبية في إطار أحدث العقوبات. واقترحت فون دير لاين حزمة للتعافي لأوكرانيا لمساعدتها على إعادة البناء بمجرد انتهاء الصراع وقالت: «ينبغي أن تجلب هذه الحزمة (الخاصة بالتعافي) استثمارات ضخمة لتلبية الاحتياجات والإصلاحات اللازمة»، مشيرة إلى أن ذلك سيتطلب مئات المليارات من اليورو. وأضافت «ستمهد (الحزمة) في نهاية المطاف الطريق أمام مستقبل أوكرانيا داخل الاتحاد الأوروبي».


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.