النظام السوري يستقدم المزيد من التعزيزات العسكرية إلى تدمر.. و«داعش» يسيطر على حقل نفطي

تصاعد الاشتباكات بين الطرفين وأهالي المدينة يعانون أوضاعا إنسانية صعبة

النظام السوري يستقدم المزيد من التعزيزات العسكرية إلى تدمر.. و«داعش» يسيطر على حقل نفطي
TT

النظام السوري يستقدم المزيد من التعزيزات العسكرية إلى تدمر.. و«داعش» يسيطر على حقل نفطي

النظام السوري يستقدم المزيد من التعزيزات العسكرية إلى تدمر.. و«داعش» يسيطر على حقل نفطي

تصاعدت المعارك العنيفة على بعد مئات الأمتار من مدينة تدمر السورية التاريخية، الواقعة في ريف محافظة حمص، بين تنظيم داعش وقوات النظام التي استقدمت تعزيزات إلى المنطقة الأثرية التي يعاني أبناؤها من أوضاع إنسانية صعبة، في حين سيطر التنظيم، صباح أمس، على حقل الهيل النفطي بشكل كامل، وفق ما ذكرت مصادر معارضة.
«شبكة الدرر الشامية» نقلت عن مصادر ميدانية قولها إنّ مقاتلي التنظيم المتطرف شنُّوا هجومًا على قوات النظام المتمركزة في حقل الهيل النفطي، الواقع على طريق‫تدمر -‫السخنة في ريف حمص، وتمكنوا من إحكام السيطرة عليه، إضافة إلى مناطق أخرى محيطة بالمنطقة، وأوقعوا قتلى في صفوف قواته.‬وأشارت الشبكة إلى أن طيران النظام شنَّ عدة غارات على محيط مدينة تدمر، استهدف خلالها محيط قلعة تدمر الأثرية بعدة صواريخ. وجاء ذلك بعدما كان «داعش» قد سيطر على مدينة السخنة المجاورة بشكل كامل، بالإضافة لأجزاء من منطقة العامرية بمدينة تدمر خلال المواجهات المستمرة منذ عدة أيام.
من جانبه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن وقوع معارك بين مقاتلي التنظيم المتطرف والجيش السوري على مقربة من القلعة التاريخية في المدينة التي يسعى المتشددون للسيطرة عليها، مما أثار قلقًا على الآثار المدرجة على قائمة الأمم المتحدة لمواقع التراث العالمي. وذكر «المرصد» أن مقاتلي «داعش» أعدموا 23 شخصًا، يوم الجمعة، بينهم تسعة قاصرين وخمس نساء في مناطق سيطروا عليها خارج المدينة. بينما قال مصدر عسكري نظامي سوري إن التنظيم يواصل هجومه لكن على مسافة بعيدة من المدينة التي وصلت إليها تعزيزات عسكرية.
معلوم أن تدمر تضم آثارًا هائلة وتعتبر أحد أهم المراكز الثقافية في العصر القديم وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي عام 2013. وكان «داعش» قد دمر آثارًا ومعالم قديمة بالعراق. وحسب مدير عام الآثار السوري، فإن المتشددين سيدمرون آثار تدمر أيضًا إن استطاعوا بسط سيطرتهم على المنطقة. هذا، ولتدمر أهمية استراتيجية أيضًا؛ إذ تقع عند تقاطع طرق سريعة تربط بينها وبين مدينتي حمص ودمشق على بعد نحو 240 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي. والإعدامات الجماعية التي تحدث عنها «المرصد» هي الثانية التي يتردد أنها وقعت منذ تقدم التنظيم هذا الأسبوع إلى المنطقة. وكان قد أورد قبل يومين أنه أعدم 26 شخصًا عشرة قتلوا ذبحًا.
وحسب المصدر العسكري النظامي السوري، فإن المنطقة شهدت مذبحة واحدة على الأقل قتل فيها 30 شخصًا أو أكثر بينهم مسنون. وراهنًا ويكثف الجيش السوري ضرباته الجوية التي تستهدف مقاتلي «داعش» في المنطقة. أما رامي عبد الرحمن مدير «المرصد» فيقول إن الطرفين يخوضان قتالا على مقربة من مبنى للمخابرات العسكرية في تدمر. ولقد فاقم هجوم «داعش» في وسط سوريا من الضغوط على قوات النظام التي مُنيت بانتكاسات كبيرة منذ أواخر مارس (آذار) الماضي.
وكانت فصائل مسلحة معارضة قد سيطرت على مساحات واسعة في محافظة إدلب بشمال غربي البلاد منذ أواخر مارس، كما فقد النظام معبرًا على الحدود مع الأردن في محافظة درعا بالجنوب. ولكن في الاتجاه المعاكس، تمكّن جيش النظام وحزب الله اللبناني المتحالف معه من إخراج مقاتلي المعارضة من أجزاء واسعة من المنطقة الجبلية الواقعة شمال دمشق، الأسبوع الماضي، ليعزز نظام الأسد قبضته على المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان. في غضون ذلك، ما زال أبناء المدينة يعانون منذ بدء المعارك قبل أربعة أيام، من غياب المياه والتيار الكهربائي.
ولقد ذكر «مكتب أخبار سوريا» نقلاً عن ناشط ميداني، أن سكّان المدينة قد «لجأوا إلى الآبار المكشوفة» للحصول على المياه. ولفت الناشط إلى أن سيطرة التنظيم على شركة كهرباء الأبتر، التي تغذي أجزاء واسعة من المدينة، والضرر الذي لحق بها بفعل القصف عليها، قد تسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن معظم المدينة. وأشار كذلك إلى أن الاتصالات الخلوية وخدمة الإنترنت، مقطوعة عن المدينة بشكل كامل، في حين لا تزال الاتصالات الأرضية فقط تعمل. وقال إن المدنيين في تدمر «يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة» داخل المدينة، مع استمرار الاشتباكات بين القوات النظامية والتنظيم منذ أيام.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».