الصدريون يؤكدون تمسكهم بتشكيل حكومة أغلبية وطنية

اعتبروا أن كل ما يشاع عن تفكك تحالف «إنقاذ وطن» غير صحيح

أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر خلال تجمع بعد صلاة الجمعة في بغداد 25 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر خلال تجمع بعد صلاة الجمعة في بغداد 25 مارس (أ.ف.ب)
TT

الصدريون يؤكدون تمسكهم بتشكيل حكومة أغلبية وطنية

أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر خلال تجمع بعد صلاة الجمعة في بغداد 25 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر خلال تجمع بعد صلاة الجمعة في بغداد 25 مارس (أ.ف.ب)

رغم ضرب وتجاوز معظم التوقيتات التي حددها الدستور العراقي للتصويت داخل البرلمان على رئيس الجمهورية أولاً، ومن ثم تكليف الكتلة الأكبر من قبل الرئيس باختيار رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، إلا أن معظم القوى السياسية لا تشعر بأي غضاضة أو حرج من ذلك، وتبدو وكأنها تمتلك التوقيتات والزمن، بديلاً عن الدستور وتوقيتاته.
ومع ذلك تعتقد معظم القوى السياسية أن لا غضاضة من تحريك مياه «الانسداد» السياسي القائمة، عبر تصريحات وفي أحيان كثيرة «ادعاءات» بشأن تشكيل الحكومة المقبلة. فالإطاريون، من جماعات رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والمتحالفين معه من قادة الفصائل والأحزاب الحليفة لإيران يتحدثون بين الحين والآخر عن انفراج محتمل وقريب للأزمة السياسية عبر صيغة للتفاهم (شيعية - شيعية) تحفظ للمكون «ماء الوجه» وتظهره بمظهر المتماسك المؤهل للبقاء على سدة الحكم في بلاد منقسمة طولاً وعرضاً.
ما بات يعرف بـ«الانسداد السياسي» دفع، ربما، بعض قادة «الإطار التنسيقي» إلى تقديم المبادرات المكررة ذاتها التي تؤكد سيادة «المكون» وهيمنته.
وفي هذا الاتجاه يمكن الاستعانة بآخر مبادرة قدمها عضو «الإطار» وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، أول من أمس. وتتضمن أفكاراً شائعة ومكررة منذ أشهر، يمكن تلخيصها بالتالي: «تسمية الكتلة الأكبر وفق ما نص عليه الدستور عبر القوى الممثلة للمكون الاجتماعي الأكبر»، حسب بيان أصدره الحكيم.
المكون الأكبر المقصود في بيان الحكيم هنا هو «المكون الشيعي»، الذي سعى زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، منذ انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى التخلص من ربقته، في سعيه للانطلاق إلى الفضاء الوطني الرحب. فضاء «الأغلبية الوطنية» الذي يدافع عنه، ويضم إلى جانب قوة شيعية يعتد بها، هي هنا القوة الصدرية التي لها 73 مقعداً في البرلمان، قوى سنية متمثلة بتحالف «السيادة» الذي يضم معظم الشخصيات والقوى السنية، إلى جانب الحزب «الديمقراطي» الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني الذي حصل على أغلبية الأصوات في إقليم كردستان برصيد 31 مقعداً، وبالتالي محاولة لكسر وصفة «التحاصص المكوناتي» الذي أوصل البلاد، وبعد نحو عقدين من الزمن، إلى مزيد من التراجع والفساد والانهيار.
المبادرات والتصريحات التي تطلقها جماعة «الإطار التنسيقي» بشأن وحدة المكون وقدرته على تشكيل الحكومة المقبلة بمعزل عن بقية المكونات، تصدى لها ممثلو التيار الصدري المصرون على الذهاب بحكومة الأغلبية الوطنية، وعدم العودة إلى «مربع» التحاصص المكوناتي الأول، وأكدوا نفيهم القاطع، عبر بيان، الأخبار والتصريحات المتداولة بهذا الشأن التي تطلقها غالباً جماعات «الإطار التنسيقي» الشيعية التي يمثل رأس الحربة فيها رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي وبقية القوى والفصائل الحليفة لإيران.
وفي هذا الاتجاه نفى رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري، مساء الخميس، الأنباء التي تحدثت عن حصول اتفاق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة، واصفاً إياها بـ«الأكاذيب» لزعزعة التحالف الثلاثي «إنقاذ الوطن»، الذي يضم إلى جانب الصدريين، تحالف «السيادة» السني، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البارزاني.
وقال العذاري، في بيان، إن «تحالف (إنقاذ الوطن) صلب لن تزعزعه أمثال هذه الترهات والادعاءات، وندعوهم إلى عدم تكرار ذلك مستقبلاً».
وأضاف: «لا توجد بيننا وبين الإطار التنسيقي أي تفاهمات سياسية أو لقاءات، وما زلنا نقول بحكومة الأغلبية الوطنية فيما يخص تشكيل الحكومة المقبلة».
وقبل بيان رئيس الكتلة الصدرية العذاري، أصدر رئيس الهيئة السياسية لتيار الصدر أحمد المطيري، بياناً مماثلاً لم يخرج عن سياق رفض الأحاديث المتداولة مؤخراً بشأن اتفاق قوى «الإطار» مع الصدريين، واتهم المطيري بعض القوى باقترافها «الأكاذيب» بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، وأن الهدف من ذلك «زعزعة التحالف الثلاثي (إنقاذ الوطن)». وهو الأمر الذي يكشف عن مركزية شديدة التمركز وخاضعة لإرادة مقتدى الصدر داخل تياره.
ومع ذلك، لا يحظى الصدر وتياره بالكثير من التأييد الشعبي، خصوصاً مع تأخر تشكيل الحكومة لأكثر من ستة أشهر، وجاء «اعتكافه» الأخير خلال شهر رمضان ليترك الكثير من التساؤلات الشعبية حول «اكتراثه» أو اكتراث كتلته بمصالح الناس والبلاد التي تعيش منذ سنوات في ظل أزمات مالية واقتصادية وسياسية مركبة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.