كشفت مصادر فرنسية رسمية واسعة الاطلاع، أمس، أن ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي لتسوية الأزمة السورية، هدد بالاستقالة إذا ما أخفقت مشاوراته في جنيف بسويسرا مع الأطراف السورية والإقليمية والدولية. وتفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» بأن دي ميستورا «محبَط» لأن كل تحركاته منذ تعيينه خليفة للأخضر الإبراهيمي المستقيل في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، لم تحصد أي نجاح يذكر. ومن جهة أخرى، تستضيف العاصمة الفرنسية باريس طاولة نقاش تتطرق لموضوعي سوريا وإيران في الاجتماع المرتقب للتحالف الدولي في الحرب على الإرهاب الذي ستستضيفه العاصمة الفرنسية يوم الثلاثاء، في الثاني من الشهر القادم والمقرر أن يحضره ممثلو عشرين دولة تشكل «النواة الصلبة» للتحالف.
راهنًا، يُنظر في العاصمة الفرنسية إلى «المشاورات» التمهيدية التي يجريها الدبلوماسي السويدي الإيطالي في جنيف مع الأطراف المعنية على أنها مجرد «تقطيع للوقت» إلى درجة أن «الائتلاف الوطني» السوري المعارض قرّر مقاطعتها واكتفى بإرسال عضو «الائتلاف» هيثم المالح إلى جنيف حاملا رسالة رسمية من قيادة الائتلاف تشرح أسباب المقاطعة. وفي أي حال، تعتبر باريس أن دي ميستورا نفسه، عندما قرر أن المشاورات ستمتد إلى ستة أسابيع وحتى نهاية شهر يونيو (حزيران) من أجل رفع تقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ربط جهوده بمصير المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني وبما يمكن أن يسفر عنه من تداعيات على الأزمات الإقليمية، وأولها الأزمة السورية.
لكن المصادر الفرنسية لا تلقي اللوم على دي ميستورا بقدر ما تحمل المسؤولية للإدارة الأميركية التي تعتبر أن موقفها ما زال «غامضًا» لجهة نظرتها لمستقبل الوضع السوري والمخارج الممكنة. وتعتبر أطراف كثيرة في باريس أن رغبة واشنطن في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الملف النووي مع طهران «تغلّ أيدي» الدبلوماسية الأميركية. فضلا عن ذلك، ما زالت واشنطن حتى اليوم «غير مقتنعة» باستهداف النظام الذي ترى فيه، رغم شروره، «أحد السدود» القائمة بوجه تنظيم داعش علما بأن أولويات واشنطن في المنطقة حتى الآن اثنتان رئيسيتان: الأولى، الملف النووي والثانية الحرب على الإرهاب وبالدرجة الأولى على «داعش». وليس سرا أن باريس لا تنظر بارتياح إلى تركيز الجهود الأميركية على استهداف تنظيم داعش «وحده» في سوريا لأنها ترى في ذلك تقوية للنظام الذي ترفض حتى الآن، الانفتاح عليه أو أن تراه جزءا من الحل.
وفي حين أصبح موقع إيران ونفوذها الإقليمي موضوعا رئيسيًا في الاتصالات والمؤتمرات الدولية استباقا للاتفاق النووي المنتظر معها نهاية الشهر القادم، ما زالت باريس متمسكة بمواقفها المتشددة ليس فقط من الملف النووي، بل أيضا لجهة دور إيران في أي مؤتمر دولي يتناول الأزمة السورية. وتضيف المصادر الفرنسية، أنه «لن يسمح» لإيران أن تدخل المؤتمر وأن تضع شروطها رغم معرفة الجميع بالدور المؤثر الذي تلعبه في هذه الأزمة. ولا يتردد الرسميون الفرنسيون في مجالسهم من الإشارة إلى طهران باعتبارها الطرف المحرك للكثير من أزمات المنطقة من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن بحيث تتطابق المقاربة الفرنسية مع المواقف الخليجية. وهذا الأمر يفسر، إلى حد بعيد، الإيجابية الخليجية في التعاطي مع باريس كما بدا ذلك في الزيارة الأخيرة للرئيس فرنسوا هولاند إلى الدوحة والرياض ومشاركته في الاجتماع الاستثنائي لدول مجلس التعاون الذي انعقد الأسبوع الماضي في العاصمة السعودية. وفي السياق عينه، فإن المصادر الفرنسية لا تراهن على «ليونة» إيرانية في مرحلة ما بعد الاتفاق ورفع العقوبات التجارية والاقتصادية المفروضة على طهران بل ترجح، وبعكس الإدارة الأميركية، أن تستخدم السلطات الإيرانية المبالغ المالية الكبيرة التي ستستعيدها سريعا والمقدرة بـ150 مليار دولار في تغذية سياسة التدخل التي تنتهجها. وبناء عليه، فإن باريس تترقب ما ستحمله الأسابيع والأشهر القادمة من تطورات وتعي أنه سيكون لها دور في رسم مساراتها بالنظر لقدرتها على التأثير على الملف النووي بالدرجة الأولى، حيث وعدت حلفاءها وأصدقائها بأن تكون «حازمة» في الحصول على اتفاق «صلب» مع ضمانات كافية وشفافية تمكن الأسرة الدولية من التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني.
مصادر فرنسية رسمية: دي ميستورا يهدد بالاستقالة إذا أخفقت جهود الوساطة الدولية
باريس متمسكة بمقاربة متشددة للملف السوري وتستضيف بداية يونيو اجتماعًا لأعضاء التحالف ضد الإرهاب
مصادر فرنسية رسمية: دي ميستورا يهدد بالاستقالة إذا أخفقت جهود الوساطة الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة