اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في غرب دارفور

الأمم المتحدة تدعو لتحقيق فوري في مقتل وجرح عشرات المدنيين

صورة أرشيفية لنازحين في إقليم دارفور بالسودان (رويترز)
صورة أرشيفية لنازحين في إقليم دارفور بالسودان (رويترز)
TT

اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في غرب دارفور

صورة أرشيفية لنازحين في إقليم دارفور بالسودان (رويترز)
صورة أرشيفية لنازحين في إقليم دارفور بالسودان (رويترز)

شهدت مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة بين قوات ترتدي أزياء رسمية وفصائل مسلحة لم تحدد هويتها؛ وذلك بعد ساعات قليلة من الأحداث الدامية التي شهدتها محلية كرينك التابعة للولاية، وخلفت أكثر من مائتين ما بين قتيل وجريح. وفي غضون ذلك، أدانت الأمم المتحدة عمليات قتل المدنيين، داعية إلى وقف فوري للعنف وإجراء تحقيق تنشر نتائجه علناً. وانتقل الصراع المسلح من محلية كرينك التي شهدت أحداثاً دامية أول من أمس إلى عاصمة الولاية الجنينة، حيث دارات اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة بالقرب من المستشفى العام للمدينة، التي نقل إليها عشرات الجرحى.
وقال المدير التنفيذي لمحلية كرينك، ناصر الزين حسن، عن أعداد الضحايا في الهجوم الذي تعرضت له المنطقة أول من أمس، إنها قد بلغت 151 قتيلاً و96 جريحاً بإصابات متفاوتة، وإن من بين القتلى 17 طفلاً وأكثر من 27 امرأة، وقتلى من القوة المهاجمة. وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأوضاع الأمنية في كرينك مستقرة نسبياً، ولا يوجد أي استخدام للسلاح. وأشار الزين إلى أن قوات من الجيش بدأت أمس في إجلاء الدفعة الأولى من الجرحى إلى مستشفى الجنينة لتلقي العلاج، وستتواصل عمليات نقل الجرحى.
ومن جهة ثانية، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن مدينة الجنينة شهدت منذ ساعات الصباح الأولى أمس اشتباكات متواصلة بالأسلحة الثقيلة بين مجموعات مسلحة، رجّحت المصادر أن تكون بين قوات تابعة للدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ومقاتلون يتبعون لإحدى الحركات المسلحة. وأضافت المصادر، أن الاشتباكات العنيفة دارت في عدد من أحياء المدينة التي أغلقت بالكامل وتوقفت فيها الحركة تماماً. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن أعداداً كبيرة من المواطنين هربوا من الأحياء والضواحي إلى اللجوء والاحتماء في المناطق العسكرية، ومقر القوات المشتركة والاحتياطي المركزي.
وقالت المصادر، إن المواطنين في الجنينة يعيشون حالة من الرعب الشديد، وصراخ النساء والأطفال المرعوبين من الأصوات العالية للرصاص المتطاير وفوق الرؤوس في المناطق المفتوحة. ووصل أمس حاكم ولاية غرب دارفور، خميس عبد الله أبكر، إلى الجنينة قادماً من الخرطوم، بعد أسبوع من وصوله البلاد، حيث كان يتلقى العلاج بالخارج.
وفي غضون ذلك، أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس عن إدانته عمليات قتل المدنيين الشنيعة والهجمات على المرافق الصحية في كرينك بغرب دارفور، داعياً إلى وقف العنف فوراً وإجراء تحقيق تنشر نتائجه علناً. وذكر في بيان، أن البعثة الأممية بالسودان «يونيتامس»، أحيطت علماً بالإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة السودانية بهذا الخصوص، وتضمنت التزاماً بإجلاء المدنيين الجرحى، مشيراً إلى أن البعثة تدعو إلى الإسراع بنشر قوات حفظ الأمن المشتركة، وفقاً لمتطلبات اتفاق جوبا للسلام.
وشدد الممثل الخاص للأمين العام على إجراء تحقيق مستفيض وشفاف في أحداث كرينك، تنشر نتائجه على العلن وتحديد هوية مرتكبي أعمال العنف ومثولهم أمام العدالة. وحثت الأمم المتحدة السلطات السودانية والمجموعات المسلحة على الالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين والمنشآت المدنية والمرافق الصحية (المدارس وأنظمة المياه). وأشار فولكر إلى الحاجة الماسة إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، مؤكداً أن الأمم المتحدة في السودان ستبقى على أهبة الاستعداد لتقديم كل المساعدة للمحتاجين.
ومن جانبها، قالت لجنة الأطباء المركزية بولاية غرب دارفور، وهي هيئة نقابية مستقلة، إن الوضع الصحي للمصابين جراء الأحداث الأخيرة والمرضى بمستشفيات الولاية كارثي، وطالبت المنظمات العاملة في مجال الطوارئ الصحية بالتدخل العاجل. وأكدت في بيان أمس وصول أعداد كبيرة من القتلى والمصابين في أحداث كرينك إلى مستشفى الجنينة، وأن عمليات الإجلاء مستمرة إلى حين نقل جميع الحالات. وأجبرت موجة العنف التي شهدتها مناطق عدة بولاية غرب دارفور مطلع العام الحالي أكثر من 300 ألف شخص إلى الفرار من قراهم واللجوء إلى دولة تشاد المجاورة، بينما شُرّد أكثر 954 ألف شخص داخلياً في مدينة الجنينة.
وتشدد الأمم المتحدة على ضرورة الإسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاقية جوبا للسلام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».