أنتم تقومون بكثير من الأمور الجيدة وأكثر مما تتوقعون... ابحثوا في داخلكم بعمق، وستعثرون على قطعة فنية في تراب الأرض، أو على مجرة جديدة في الكون، أو حتى على ظاهرة متناقضة تجول في رأسكم دون أن تفصحوا عنها.
قوى خارقة
تكمن جاذبية القوى السلوكية الخارقة التي نتحدث عنها هنا، في حقيقة أنها لا تتطلب منكم الكثير لتفعيلها، بل تحتاج فقط إلى تغذيتها.
يكون الأمر في بعض الأحيان بسيطاً جداً، ويتلخص في اعترافنا بأننا نرى العالم بقصر نظر ونركز على أنفسنا إلى درجة أن رؤية الآخرين التقديرية لنا تصبح غير واضحة. نحن لا ندرك أن الآخرين يعطوننا قيمة كبيرة - بأهمية الأشخاص المهمين وأصحاب المؤهلات - وأن الكشف عن نقاط ضعفنا (بمعنى آخر؛ إنسانيتنا) يزيد إعجاب الناس بنا وليس العكس.
هذه القوى بسيطة: البقاء على اتصال بالعائلة والأصدقاء؛ أي التركيز على أولئك الذين سيرثون عالمنا، بدل حصر تركيزنا في ما يمكننا إنجازه. تتمتع بعض الأمور بتأثير كبير؛ مثل تذكر الماضي، والحفاظ على الروتين، وحتى القيام بأشياء نحاسب أنفسنا عليها أحياناً كالسماح للعقل بالتساؤل.
صحيحٌ أن هذه السلوكيات لا تتلألأ على جبهات سيرتنا الذاتية، ولا نستخدمها للزينة والتباهي، ولكنها قد تظهر أثناء تأبيننا في قول لإحداهن: «لقد كانت طيبة»، أو لأحدهم: «لم يستسلم مطلقاً» أو: «لقد كانوا ملتزمين بعائلتهم وبجعل العالم مكاناً أفضل».
إن قول هذه الأشياء يعني أن كل حياة في هذا العالم تلامس حياة كثيرين، وكذلك تفعل القوة الحركية المتغيرة التي نملكها جميعاً. تشع الأفعال في اتجاهات مختلفة، وقد يساعدنا اتباع هذه الأشعة أحياناً في العثور على طريقنا.
قائل الحقيقة
في طفولته، قرأ ليث الشواف (Laith Al – Shawaf)، الذي نشأ في لبنان في عائلة مختلطة ألمانية ولبنانية وعراقية، كثيراً عن الانضباط. يقول الشواف، الذي يعمل اليوم أستاذاً مساعداً في علم النفس بجامعة «كولورادو سبرينغس»، إن «الخليط الثقافي والعادات الفكرية التي نشأت عليها ساهمت في تكويني. لا زلتُ أقرأ كثيراً في مجالات مختلفة؛ لأنني أستمتع بالقراءة، ولأنني أعتقد أنها تساعدني على التقدم في عملي».
يركز الشواف في بحثه على العواطف والإدراك من منظور تطوري، ويشارك مع الباحث تود ك. شاكلفورد، في إعداد كتاب «دليل أكسفورد عن التطور والعواطف (Oxford Handbook of Evolution and the Emotions)» المرتقب والذي سيصدر في أواخر هذا العام.
يشعر الشواف بالذهول من «الانحياز التأكيدي (confirmation bias)»؛ أي ميل الناس لتبني المعلومات التي تدعم معتقداتهم ورفض المعلومات التي تدحضها. في مقال عنوانه «دتكتينغ بول**يت (رصد الترهات)»، يسلط الشواف الضوء على ما سماها «المثيرات الموازية لعلم النفس» مثل المجالات التي تمتلئ بالمنجمين والعرافين و«قارئي الغيب» وغيرها من الأشياء التي تتحدى العلم وتتسرب من الفجوات الإدراكية إلى الدماغ البشري، مشدداً على أنه لا يوجد أحد محصن ضد هذه الأشياء. ويشرح الشواف: «أتمنى لو يزيد عدد الناس المشككين في التفسيرات البسيطة التي قد تصدر عن العلاج بالمواد الطبيعية أو العرافين، ويتراجع عدد الأشخاص الذين يتعرضون للخداع ويخسرون أموالهم أو يتضررون جسدياً بسببها. إذا نجح هذا المقال في زيادة ترجيح التشكيك في هذه الأمور، فسأكون سعيداً جداً».
وقد كتب الدكتور الشواف مقالة موسعة نشرت في 9 مارس (آذار) الماضي في مجلة «سيكولوجي توداي (Psychology Today)» بعنوان: «DETECTING BULL - $ في المائة#*!».
* «سايكولوجي توداي» - خدمات «تريبيون ميديا»