تحذير أممي من تفاقم المصاعب اليمنية من دون سلام دائم

TT

تحذير أممي من تفاقم المصاعب اليمنية من دون سلام دائم

حذّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن غياب السلام واتفاق طويل المدى لوقف النار فإن اليمن سيواجه تحديات أكثر صعوبة خلال العام الحالي في الجوانب كافة، مع زيادة الاحتياجات الإنسانية وتدهور الاقتصاد والخدمات.
ونبه المكتب الأممي إلى أن اليمنيين سيواجهون أوضاعاً أكثر سوءاً من العام السابق وأن الأطفال والنساء سيكونون أكثر فئات المجتمع تضرراً من هذه التحديات والصعوبات، وحذر من أن غياب اتفاق طويل لوقف إطلاق النار واتفاق سياسي يهيئ الظروف للانتعاش والسلام على المدى الطويل، من شأنه أن يفاقم القيود المفروضة على الاستجابة الإنسانية، ويزيد التحديات البيروقراطية، بينما سيؤدي النزوح المطول إلى مزيد من تآكل قدرة الناس على الصمود وزيادة نقاط الضعف لدى النازحين وكذلك المجتمعات المضيفة.
وفي تحليل عن توقعات العام الحالي، ذكر المكتب أنه من المتوقع أن تزداد الاحتياجات الإنسانية في البلاد، وتتكثف في العام الحالي مع تدهور السياق بشكل أكبر، على الأقل في ظل عدم تصعيد النزاع وتحسن كبير في الجانب الاقتصادي، وكذلك تمويل الشركاء في المجالين الإنساني والإنمائي. كما رجح المكتب الأممي أن تستمر الانتهاكات في إلحاق ضرر إضافي بالسكان المدنيين والبنية التحتية، وقال إنه لذلك «فإن هناك حاجة ماسة لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني - وعلى المدى الطويل اتفاق سياسي - لتهيئة الظروف للانتعاش والسلام على المدى الطويل».
الدراسة التحليلية رجحت أن تتفاقم القيود المفروضة على الاستجابة الإنسانية بسبب العنف والتحديات البيروقراطية، بينما من المقرر أن يؤدي النزوح المطول إلى مزيد من تآكل قدرة الناس على الصمود وزيادة نقاط الضعف لدى النازحين وكذلك المجتمعات المضيفة، خصوصاً مع لجوء الناس بشكل متزايد إلى استراتيجيات المواجهة السلبية، حيث ستواجه النساء والفتيات مخاطر متزايدة من العنف القائم على النوع الاجتماعي ومخاطر أخرى، بينما سيواجه الأطفال تضاؤل فرص الوصول إلى التعليم وحالات أكبر للانفصال الأسري، وتجنيد الأطفال، وزواج الصغار، وأشكال العمل الاستغلالية.
ومن المرجح - بحسب التحليل - أن تشهد مجموعات أخرى مثل النازحين واللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن زيادة في ضعفهم.
ووفقاً للتحليل، فإنه من المتوقع أيضاً أن تستمر البيئة الاجتماعية والاقتصادية في اليمن في التدهور، نتيجة تقلص الدخل وإمدادات الوقود وزيادة انخفاض قيمة الريال، إضافة إلى تحديات الإمدادات الغذائية نتيجة الحرب في أوكرانيا، بالنظر إلى أن اليمن يستورد حصة كبيرة من القمح من روسيا وأوكرانيا.
ورأى المكتب الأممي أن هذه العوامل ستستمر في التأثير في توافر السلع والخدمات الأساسية والقدرة على تحمل تكاليفها وإمكانية الوصول إليها في جميع أنحاء البلاد.
ومع تأكيد السيناريو على استمرار هطول الأمطار الموسمية والفيضانات، قال المكتب الأممي إن الأخطار الطبيعية الأخرى لا تزال تشكل تهديدات، ومن المتوقع أن يستمر وجود الأوبئة والمخاطر الصحية الأخرى والقدرة على الاستجابة لها - بما في ذلك فيروس كورونا - مع عواقب وخيمة على الصحة البدنية والعقلية للناس في جميع أنحاء البلاد.
وحذّر من أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم آثار انعدام الأمن الغذائي المتزايد وعدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة على انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها وسوء التغذية، التي من المتوقع أن تستمر في الارتفاع خلال العام الجاري، والتي ستؤثر بشكل خاص في النساء والأطفال.
ووفق ما أورده التحليل الخاص بتحديد أولويات الاحتياجات الحرجة المحددة في هذا العام، فإن شركاء العمل الإنساني يقومون حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على خطة الاستجابة الإنسانية التي تتمحور حول ثلاثة أهداف استراتيجية رئيسية؛ وهي الحد من معدلات الاعتلال والوفيات وتحسين المستويات المعيشة، ومنع وتخفيف مخاطر الحماية.
وقدر التحليل الأممي أن 23.4 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدة إنسانية في هذا العام، منهم 12.9 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات نتيجة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، واحتياجات الصحة والمياه والصرف الصحي والحماية، فيما يحتاج نحو 19 مليون شخص إلى مساعدات غذائية، من بينهم 7.3 مليون في حاجة ماسة. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج 21.9 مليون شخص إلى الدعم للوصول إلى الخدمات الصحية الحيوية، بينما سيحتاج نحو 17.8 مليون شخص إلى الدعم للحصول على المياه النظيفة واحتياجات الصرف الصحي الأساسية.
وتتركز بعض أعلى مستويات الضعف وفقاً لهذا التحليل في مواقع استضافة النازحين، حيث يتوافر عدد قليل جداً من الخدمات، ولا تزال احتياجات الحماية مرتفعة في جميع أنحاء البلاد، خصوصاً أن السياق الإنساني المتدهور يحفز تبني استراتيجيات التكيف السلبية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.