إسرائيل تخطط لمواجهة خطر «تشويش» سكانها العرب على حربها المقبلة

تقديرات أجهزة الأمن أن احتجاجاتهم ستتحول إلى حرب أهلية

مركبات محترقة بعد مواجهات عنيفة في مدينة اللد بين متظاهرين من عرب إسرائيل والشرطة على خلفية حرب غزة وتوترات في القدس مايو 2021 (رويترز)
مركبات محترقة بعد مواجهات عنيفة في مدينة اللد بين متظاهرين من عرب إسرائيل والشرطة على خلفية حرب غزة وتوترات في القدس مايو 2021 (رويترز)
TT

إسرائيل تخطط لمواجهة خطر «تشويش» سكانها العرب على حربها المقبلة

مركبات محترقة بعد مواجهات عنيفة في مدينة اللد بين متظاهرين من عرب إسرائيل والشرطة على خلفية حرب غزة وتوترات في القدس مايو 2021 (رويترز)
مركبات محترقة بعد مواجهات عنيفة في مدينة اللد بين متظاهرين من عرب إسرائيل والشرطة على خلفية حرب غزة وتوترات في القدس مايو 2021 (رويترز)

كشف المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، أمس (الثلاثاء)، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بمختلف أجهزتها وأذرعها، مقتنعة تمام الاقتناع بأن المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيّي 48)، سيشوشون على أداء الجيش في الحرب المقبلة، وذلك بواسطة أعمال احتجاج ومظاهرات وإغلاق طرق وغيرها.
وقال ليمور، نقلاً عن لسان عدد من الجنرالات المتخصصين في التحضيرات للحرب، إن المواطنين العرب نشطون في الحياة السياسية، وسيكونون معنيين بالتضامن مع شعبهم وضد الحرب، ومن المتوقع أن يخرجوا في مظاهرات صاخبة يسهل تحويلها إلى صدامات عنيفة، وأن ينظموا أعمال احتجاج بمختلف الأشكال وفي شتى أنحاء البلاد. وسوف تقدم مجموعات منهم على إغلاق طرقات رئيسية، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى عرقلة جهود الجيش في تزويد قواته بالإمدادات وإتاحة التحركات والتنقلات. ومع أن ليمور يشير إلى أن هناك وعياً واضحاً لهذا السيناريو لدى أجهزة الأمن، فإنها ما زالت تتقاعس عن التحضير لمواجهة هذه المشكلة، وغير مستعدة لخوض مواجهات مع فلسطينيي 48 في حالة اندلاع أي تصعيد، قد يتطور إلى معركة عسكرية في قطاع غزة أو في «الجبهة الشمالية».
ويعتبر ليمور هذه التصرفات من العرب في إسرائيل بمثابة شراكة في الحرب ضد إسرائيل. ويقول: «في الجولة المقبلة من القتال في غزة أو في الشمال، ستنضم إلى المواجهة عناصر من المواطنين العرب في إسرائيل». يحذر كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل من ذلك، ويقولون إن «الاستعدادات لمواجهة كهذه غير كافية على الإطلاق، على الرغم من اتخاذ الجيش الإسرائيلي والشرطة، خطوات ليست بالقليلة، خلال العام الماضي».
وأوضح المحلل العسكري أن الهبة الشعبية في مايو (أيار) الماضي، التي ترافقت مع الأحداث في القدس، وبشكل خاص في المسجد الأقصى وفي حي الشيخ جراح، وما نجم عنها من عمليات حربية على قطاع غزة، أسمتها إسرائيل «عملية حارس الأسوار»، أشعلت «ضوءاً أحمر» لدى الأجهزة الأمنية، في الخطاب الإسرائيلي، من إمكانية اندلاع الأوضاع في المدن المختلطة، وفي الطرق والشوارع الرئيسية في النقب والشمال.
واتخذت أجهزة الأمن الإسرائيلية سلسلة من الإجراءات الأمنية لقمع الاحتجاجات في المجتمع العربي، مثل تنظيم استدعاء سريع لعناصر الاحتياط في الشرطة وقوات حرس الحدود، وتحويل كتائب قتالية تعمل في الضفة الغربية للعمل تحت قيادة الشرطة في المدن «المختلطة»، واستبدالها بقوات عسكرية نظامية أو احتياطية، وإنشاء لواء احتياطي لقوات «حرس الحدود»، ولواءين إضافيين في السنوات المقبلة. ووفقاً للتقديرات التي أوردها ليمور، فإن «أي مواجهة مستقبلية ستشهد أحداث عنف واسعة» تفوق ما شهدته البلاد في السنة الماضية. وقال إن قوة المقاومة ستعتمد على عدة متغيرات؛ «الردع والحاكمية اللذين ستظهرهما الحكومة الإسرائيلية، ودرجة الحزم التي ستظهرها القيادة والجهات المعتدلة لدى المجتمع العربي في إسرائيل، وطبيعة الحرب».
وقال إنه في حالة اندلاع حرب مع «حزب الله» اللبناني، التي قد تشهد إطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل يومياً، «ما سيؤدي إلى وقوع إصابات وأضرار كبيرة»، قد تتطور المواجهات في الداخل مع ناشطين في المجتمع العربي الذين سيحاولون «الاستفادة من الفوضى لتحدي النظام بشكل أكبر». وقال إن ذلك سينعكس «في محاولات تعطيل تحركات القوات (الأمنية) في جميع أنحاء البلاد، وإغلاق الطرق ومداخل القواعد العسكرية، وفي أعمال العنف في المدن المختلطة، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة في المدن العربية أيضاً».
ويحذر كبار المسؤولين من أن الاستجابة الحالية لهذه السيناريوهات بعيدة عن أن تكون كافية. وهم يعتقدون أن قوة الشرطة الضعيفة التي تفشل في الحفاظ على الردع الروتيني اليومي، لن تكون قادرة على القيام بذلك في حالات الطوارئ. ونقل ليمور عن زوهر دفير، القائد المتقاعد في الشرطة، قوله إنه «في السنوات الثلاثين الماضية، تضاعف عدد سكان إسرائيل، لكن الشرطة نمت بنسبة 20 في المائة فقط»، مشدداً على ضرورة زيادة عدد قوات الشرطة 3 أضعاف، بما في ذلك القوات الخاصة وقوات «حرس الحدود». وحذّر دفير، الذي شغل في السابق منصب قائد نائب المفتش العام للشرطة، من اندماج ما «هو قومي بما هو جنائي» في المجتمع العربي، معتبراً أن «جيل الشباب يفقد ارتباطه بالدولة ويتأثر بالجهات المتطرفة. هذا ملحوظ بشكل خاص بين البدو في الجنوب، ولكنه يحدث أيضاً في الشمال. ويتطلب علاجاً جذرياً».
واعتبر وقوع المواجهات أمراً حتمياً، ويبقى السؤال عن توقيت هذه المواجهات. وادعى أن السيناريو الأكثر رعباً هو مواجهات بين ميليشيات مسلحة عربية ويهودية، تحارب إحداها الأخرى، وقال: «هناك ما لا نهاية من الأسلحة المنتشرة، وقد شاهدنا أن تحول الفعل الجنائي إلى فعل قومي ليس أمراً معقداً في المجتمع العربي»، وأضاف: «لكنني أرى كذلك متطرفين يهوداً مسلحين» على استعداد لخوض مواجهات ضد العرب، مشيراً إلى أن ذلك قد يتدهور ليتحول إلى «حرب أهلية»، على حد تعبيره.



«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)
قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)
TT

«حماس» و«فتح» تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة

قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)
قطاع غزة المدمَّر إثر الحرب (أ.ف.ب)

أعلن مسؤول في «حماس» وآخر من «فتح» أن الحركتين اتفقتا على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل، المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً؛ إلا أن قيادياً بحركة «فتح» في رام الله شكَّك في إمكانية إبرام الاتفاق.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تجري مباحثات في القاهرة منذ أيام بين حركتي «فتح» و«حماس» برعاية مصرية، بهدف التوصل إلى آلية لإدارة قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس» منذ عام 2007، تاريخ طرد حركة «فتح» من القطاع الفلسطيني، إثر مواجهات مسلحة بين الطرفين.

وأنهكت الحرب حركة «حماس». وترفض إسرائيل أي دور للحركة في إدارة قطاع غزة بعد الحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل، تسبب حتى الآن في مقتل 1208 أشخاص، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وتردُّ إسرائيل منذ ذلك الحين بقصف وعمليات عسكرية في قطاع غزة، أوقعت نحو 44500 قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، ودمَّرت البنية التحتية.

وقال مسؤول في «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من القاهرة: «بعد حوار بنَّاء عُقد في القاهرة في اليومين الماضيين برعاية الأشقاء في مصر، وافقت (حماس) و(فتح) على مسودة اتفاق لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي» لتولي إدارة قطاع غزة، بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية.

وأكد مسؤول في «فتح» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «سيصدر مرسوماً رئاسياً بتعيين هذه اللجنة بعد اعتماده مسودة الاتفاق».

غير أن أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب، قال في مؤتمر صحافي عُقد في رام الله، الثلاثاء: «أي لجنة هذه؟! خطأ أن تُقبل مناقشة هذا الموضوع. يجب أن نحافظ على السلطة الوطنية، والدولة الفلسطينية، ومنظمة التحرير».

«حكومة واحدة»

وأضاف ردّاً على سؤال من «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن نريد حكومة واحدة، ومظلة واحدة، وسياسة واحدة، وأي حديث أو أي جهد خارج ذلك هو خطأ، ويجب ألا نذهب إلى لجنة هنا أو لجنة هناك».

إلا أنه قال أيضاً: «هذا الموقف هو قرار اللجنة المركزية لحركة (فتح)، ولن نكون طرفاً في أي خطوة لتكريس الانقسام، في الذهاب إلى المربَّع الذي يريده (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو».

وأوضح مصدر فلسطيني قريب من مباحثات القاهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن صيغة مسودة الاتفاق جاءت «بناء على اقتراح مصري، وتشكِّل خطوة أولية ضرورية للتمهيد لاتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة.

وقال عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن اللجنة ستجتمع مساء الثلاثاء في مقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكداً: «لم يتم الاتفاق النهائي بعد على الاتفاق».

وقال عضو اللجنة واصل أبو يوسف: «ما نُشر عن الاتفاق في القاهرة هو شيء إعلاني؛ لكن من حيث المبدأ هناك نوع من الاتفاق الذي من الممكن أن يُرسم بعد المشاورات الداخلية».

وحسب مسودة الاتفاق التي حصلت «وكالة الصحافة الفرنسية» على نسخة منها، تتولَّى اللجنة «إدارة شؤون قطاع غزة، وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية، وتكون مسؤولة عن كل المجالات: الصحية، والاقتصادية، والتعليمية، والزراعية، والخدمية، وأعمال الإغاثة، ومعالجة آثار الحرب والإعمار».

ويقول المحلِّل السياسي الفلسطيني والوزير والدبلوماسي السابق غسان الخطيب: «لا نعرف حتى الآن ماذا سيكون الردُّ الإسرائيلي على مسودة الاتفاق؛ لأن غزة أصبحت الآن تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ولا أهمية تُذكر لأي ترتيب لا يأخذ في الاعتبار إسرائيل».

ويستبعد الخطيب تنفيذ الاتفاق «لأن إسرائيل ليست طرفاً فيه، والقوة الفعلية في غزة الآن هي في الأساس لإسرائيل».

وورد في المسودة أن اللجنة تتشكَّل من 10 إلى 15 عضواً «من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءات، والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية».

وأشارت إلى أن عمل اللجنة يبدأ «عقب عقد اجتماع لكافة الفصائل الفلسطينية، للاتفاق النهائي على تشكيلها في القاهرة، بدعوة من رئيس دولة فلسطين».

وتتولى اللجنة أيضاً «العمل في منافذ القطاع مع الجانب الإسرائيلي، وإعادة تشغيل منفذ رفح» بين غزة ومصر، وفقاً لاتفاق عام 2005 الذي أُبرم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والذي ينصُّ على تشغيل معبر رفح، ووجود مراقبين أوروبيين في الجانب الفلسطيني من المعبر.

ثوابت «حماس»

وتقود مصر مع قطر والولايات المتحدة وساطة بين إسرائيل و«حماس»، من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة؛ لكن كل المحاولات باءت بالفشل حتى الآن. وتشكِّل إدارة غزة بعد الحرب جزءاً من المفاوضات.

وتضغط واشنطن على الفلسطينيين لضمان ألا يكون لـ«حماس» أي دور في حكم غزة في المستقبل.

وأبلغت «حماس» وسطاء خلال الأشهر الماضية، أنها لا تتمسَّك بحكم غزة؛ لكنها تصرُّ على أن يكون القرار فلسطينياً.

وقال القيادي في «حماس»: «لا توجد حتى الآن إرادة سياسية لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتوصل إلى اتفاق لوقف النار، وتبادل الأسرى»، مضيفاً أن «(حماس) جاهزة بناء على الثوابت التي حددتها فصائل المقاومة».

وكرَّر هذه «الثوابت» على أنها: «الانسحاب العسكري (الإسرائيلي) من القطاع، وعودة النازحين، وصفقة جادة لتبادل الأسرى؛ سواء دفعة واحدة أو على مرحلتين، وإدخال المساعدات بشكل فوري، والإعمار».

وكانت إسرائيل تتمسَّك في آخر مواقفها من الهدنة بالإبقاء على وجود عسكري في محورين استراتيجيين في القطاع.