إسرائيل تفرج عن معتقلي الأقصى وتفتح حاجز الجلمة في جنين

في محاولة لتهدئة التوتر خلال عيد الفصح

محتجون فلسطينيون يلقون حجارة على القوات الإسرائيلية خلال مواجهات في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
محتجون فلسطينيون يلقون حجارة على القوات الإسرائيلية خلال مواجهات في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تفرج عن معتقلي الأقصى وتفتح حاجز الجلمة في جنين

محتجون فلسطينيون يلقون حجارة على القوات الإسرائيلية خلال مواجهات في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
محتجون فلسطينيون يلقون حجارة على القوات الإسرائيلية خلال مواجهات في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

أفرجت إسرائيل عن غالبية المعتقلين في مواجهات المسجد الأقصى يوم الجمعة، وأعادت فتح حاجز الجلمة العسكري شمال شرقي مدينة جنين بعد 8 أيام على إغلاقه، في مؤشر على توجه إسرائيلي لتهدئة التوتر خلال عيد الفصح.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن قوات الاحتلال أعادت فتح الحاجز العسكري كالمعتاد في كلا الاتجاهين ما سيسمح بتدفق عرب الداخل إلى جنين، والعكس لمن يحملون التصاريح.
والحاجز هو الوحيد الذي يربط بين جنين وإسرائيل، وأغلق قبل أكثر من أسبوع في بداية هجوم إسرائيلي على المدينة استهدف قتل واعتقال ناشطين وعزلها عن بقية الضفة بعدما خرج منها اثنان من منفذي العمليات التي أدت إلى مقتل 14 إسرائيلياً في الأسابيع القليلة الماضية.
وكانت إسرائيل قد قررت جملة من العقوبات ضد جنين، بما في ذلك «عدم السماح لمواطني إسرائيل العرب» بدخولها، ومنع دخول تجار ورجال أعمال كبار من سكان جنين إلى إسرائيل، ومنع الزيارات العائلية من جنين إلى إسرائيل، ووقف نقل البضائع التجارية من جنين وإليها.
ويعد فتح حاجز الجلمة أمس بداية فك هذا الحصار الإسرائيلي، وهو قرار ترافق كذلك مع قرار بإطلاق سراح معتقلي مواجهات الجمعة في القدس. وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، السبت، الإفراج عن عشرات الشبان الذين كانت قد اعتقلتهم الجمعة في الأقصى بحسب محامي مركز معلومات «وادي حلوة» في القدس. ودعا المركز أمس أهالي نحو 60 معتقلاً تم نشر أسمائهم إلى التوجه لمركز الشرطة في القدس (المسكوبية) للتوقيع على قرار الإفراج.
ويفترض أن تكون محكمة الصلح الإسرائيلية قد نظرت في وقت متقدم أمس في تمديد اعتقال عشرات من المعتقلين.
وكانت القوات الإسرائيلية قد اعتقلت ما يزيد على 470 شخصاً الجمعة لكنها أطلقت سراح معظمهم عصر اليوم نفسه (جميع الأطفال دون سن 14). وقال المحامي فراس الجبريني إن الشرطة أفرجت في بداية الأمر عن الأطفال من القدس والضفة الغربية، وفرضت على الجميع شرط الإبعاد عن البلدة القديمة والأقصى لفترات تتراوح بين أسبوع و3 أشهر.
وجاءت قرارات فك الحصار عن جنين وإطلاق سراح معتقلي الأقصى في ظل توجه إسرائيلي لتهدئة التوتر بعد مشاورات أمنية عقدها رئيس الوزراء نفتالي بنيت مع المسؤولين المعنيين يوم الجمعة. وقال بنيت: «نعمل على تهدئة المنطقة في الحرم القدسي وفي بقية المناطق. في الوقت نفسه نستعد والقوى الأمنية لأي سيناريو محتمل ولأي مهمة».
- الفصح اليهودي
وتسعى إسرائيل إلى أن يمر عيد الفصح اليهودي الذي بدأ ليلة الجمعة السبت ويستمر أسبوعاً، بسلام قدر الإمكان. ورفعت إسرائيل حالة التأهب قبل وصول العيد. وقال رئيس عمليات حرس الحدود، عوديد أفلالو، لموقع «واينت» الإخباري، إن القوات في حالة تأهب قصوى.
وعادة ما يشهد شهر رمضان توترات شديدة، لكن ارتفع مستوى التوتر في رمضان الحالي بعدما أعلنت جماعة «العودة إلى الجبل» المتطرفة التي تدعو إلى بناء هيكل مكان الأقصى إلى ذبح قرابين في المسجد في عيد الفصح. واكتسبت حملة القرابين هذا العام زخماً هائلاً بعد نشر بيان يحدد مكافآت مالية لمن يحاول ذلك.
ولم تردع المواجهات جماعات الهيكل التي فشلت في إدخال قرابين للمسجد، عن الدعوة مجدداً لاقتحامه خلال الأيام القادمة. وقالت جماعات الهيكل إن الاقتحام سيبدأ اليوم الأحد 17 أبريل (نيسان) ويستمر حتى الخميس 21 أبريل بين الساعة 7:00 - 10:30 صباحاً.
وفوراً دعت مؤسسات مقدسية للاعتكاف في الأقصى لإفشال أي محاولات لاقتحامه. وقال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري إن المعركة مع الاحتلال والمستوطنين لا تزال قائمة في الأقصى، داعياً إلى مواصلة شد الرحال للمسجد الذي شهد هدوءاً حذراً أمس السبت.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.