عاد التوتر إلى مدينتي الحسكة والقامشلي شمال شرقي سوريا بين القوات الحكومية وقوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية «الآسايش»، حيث أطبقت الأخيرة الحصار على المربع الأمني الخاضع لسيطرة الأجهزة الأمنية والقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بالتزامن مع استمرار عناصر الفرقة الرابعة التابعة للنظام، محاصرة أحياء الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب منذ أكثر من أسبوع.
وكشفت مصادرة مطلعة، عن أن مسؤولين حكوميين وممثلين عن الإدارة الذاتية وقواتها الأمينة، عقدوا اجتماعات على مدار اليومين الماضين في القامشلي بوساطة ورعاية ضباط من الجيش الروسي، للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إنهاء الحصار على الأحياء الكردية في حلب، مقابل رفع الحظر عن المربع الأمني بالقامشلي والحسكة.
وأغلقت قوى الأمن الداخلي، كامل المربع الأمني ومجمع الأجهزة الأمنية، ودوار السبع بحرات والطريق الرئيسية المؤدية للمطار بمدينة القامشلي، كما سيطرت على مناطق جديدة في شارع السياسية ومنطقة السبع بحرات دون أي ردة فعل من القوات الحكومية، وشددت حصارها على المربع الأمني في مركز مدينة الحسكة وأغلقت جميع المداخل المؤدية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في حين تمنع عناصر الفرقة الرابعة مرور شحنات الأدوية إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في محافظة حلب منذ 10 أيام، سبقها إجراءات وحصار بمنع دخول الطحين والمواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعار مشتاق الوقود والمحروقات.
وأخبر مصدر من اتحاد الصيادلة في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، أن الأدوية لم تدخل المنطقة منذ أسبوع، وبعد تواصلهم مع شركات الأدوية في العاصمة دمشق ومندوبيها للاستفسار عن موعد وصول شحنات جديدة من الأدوية، كان الجواب بأن عناصر الفرقة الرابعة، «تمنع مندوبيها من دخول الحي ولا تسمح بإدخال الأدوية، ما يزيد خطورة الوضع خاصة لمرضى القلب والسكري والضغط، وغيرهم ممن يحتاجون إلى جرعات الدواء على الدوام». وبحسب القائمين على الاتحاد، فإن أهالي الشيخ مقصود والأشرفية يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة، نتيجة انقطاع أصناف كثيرة من المواد الغذائية والسلع الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني؛ إذ وصلت سعر ربطة الخبز هناك إلى 4000 ليرة سورية (نحو دولار واحد أميركي)، بعد أن كان سعرها بحدود 1500 ليرة قبل بدء الحصار والتضييق من قِبل حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد.
بدوره، قال محافظ الحسكة اللواء غسان خليل، في إفادة صحافية، الثلاثاء، إن الحصار على مدينة الحسكة مستمر لليوم الخامس وهو حصار مطبق، «حيث تمنع قوات (قسد) من دخول الطحين والمواد الغذائية والمحروقات التي تشغل المخابز، وهذا الأمر يؤرق المواطنين في المحافظة ويزيد الضغوط عليهم في هذه الظروف الصعبة ومع حلول شهر رمضان». وأشار إلى أن المحافظة تقدم بعض الاحتياطات الموجودة لديها: «لكنها ستنفذ إذا طال الحصار والأفران في المحافظة تغطي حاجة أبنائها بشكل كامل».
وكانت قوات «الآسايش»، قد سيطرت في 9 من الشهر الحالي على فرن البعث، أحد أكبر الأفران في مدينة القامشلي؛ بهدف الضغط على القوات الحكومية، وأشار مدير فرع المخابز الحكومية في الحسكة عبد الله الهصر، في تصريحات صحافية، إلى استمرار توقف المخابز في مدينتي الحسكة والقامشلي «مخبز البعث متوقف بعد استيلاء قوات (قسد) عليه بقوة السلاح، وطرد العاملين فيه ومنع المواطنين من الاقتراب منه، مؤكداً سعي الجهات المعنية لإيجاد حل لمشكلة توقف الأفران كأولوية أولى»، منوهاً إلى أن المخابز في الحسكة متوقفة بعد منع إدخال الطحين والمحروقات إلى مركز المدينة، «الأمر الذي تسبب بأزمة كبيرة وزيادة في الطلب على مادة الخبز، ولا سيما أن المخابز المتوقفة التي كانت تؤمّن احتياجات أهالي وسكان مدينة الحسكة».
في سياق متصل، كشفت مصادر مشاركة في المفاوضات بين مسؤولين حكوميين وممثلي الإدارة الذاتية وقوات «الآسايش»، عن وصول وفد روسي من قاعدة حميميم للدخول في وساطة ورعاية اللقاءات بين الجانبين، في حين أكد اللواء غسان خليل، أن التواصل مع قوات «قسد»، يتم عبر الصديق الروسي: «الذي يقوم بدوره بشكل كامل بالحد من تصرفاتهم التي تؤثر على المواطنين بشكل كبير»، على حد تعبيره.
وتسيطر قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، على معظم المدن والبلدات التابعة لمحافظة الحسكة، غير أن القوات الحكومية تحتفظ بمربعين أمنيين في مراكز مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث في الحسكة يبدأ المربع الأمني من شارع القامشلي غرباً، ويشمل ساحة الرئيس والأبنية الحكومية والقصر العدلي وسرايا المحافظة وقسماً من السوق المركزية، لينتهي عند الحارة العسكرية شرقاً، إضافة إلى سيطرتها على فوج جبل كوكب الواقع على بعد 15 كيلومتراً شمال شرقي الحسكة، ويعد أكبر قطعة عسكرية خاضعة لسيطرة النظام إلى جانب فوج 137 في مدينة القامشلي، يضم مقرات الأجهزة الأمنية شمالاً، وقسماً من سوق المدينة يصل إلى شارع الوحدة شرقاً، كما يسيطر على مطار القامشلي الواقع جنوباً، وهو الوحيد في المحافظة ويعد المنفذ الواصل بينها وبين باقي المدن مع الداخل السوري، بينما تسيطر «قسد» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب شمالي البلاد، وهذا الجيب قريب من منطقة الشهباء بريفها الشمالي، والتي تضم عدداً من المدن والبلدات لكنها تخضع أيضاً لسيطرة القوات.
عودة التوتر إلى القامشلي بين القوات الحكومية و«الآسايش»
عودة التوتر إلى القامشلي بين القوات الحكومية و«الآسايش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة