اتفاق بين «الائتلاف السوري» و«تيار بناء الدولة» على رؤية مشتركة للحل في سوريا

بعد إعلان مقاطعته «مشاورات جنيف» و«القاهرة 2» تعويل على مؤتمر الرياض

مؤتمر صحافي مشترك للائتلاف الوطني وتيار بناء الدولة في إسطنبول أمس.. ويبدو من اليسار د. خالد خوجه ولؤي حسين (الائتلاف الوطني)
مؤتمر صحافي مشترك للائتلاف الوطني وتيار بناء الدولة في إسطنبول أمس.. ويبدو من اليسار د. خالد خوجه ولؤي حسين (الائتلاف الوطني)
TT

اتفاق بين «الائتلاف السوري» و«تيار بناء الدولة» على رؤية مشتركة للحل في سوريا

مؤتمر صحافي مشترك للائتلاف الوطني وتيار بناء الدولة في إسطنبول أمس.. ويبدو من اليسار د. خالد خوجه ولؤي حسين (الائتلاف الوطني)
مؤتمر صحافي مشترك للائتلاف الوطني وتيار بناء الدولة في إسطنبول أمس.. ويبدو من اليسار د. خالد خوجه ولؤي حسين (الائتلاف الوطني)

أعلن «الائتلاف السوري المعارض» يوم أمس (الاثنين) التوصل إلى «رؤية مشتركة للحل السياسي في سوريا» مع «تيار بناء الدولة» ورئيسه لؤي حسين، تقوم على رحيل الرئيس السوري الحالي بشار الأسد وتأسيس «جيش وطني للثورة السورية».
ويأتي الاتفاق بين الطرفين بعيد إعلان الائتلاف مقاطعة «مشاورات جنيف»، التي دعا إليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، كما مؤتمر القاهرة الثاني، لتتجه الأنظار للمؤتمر المزمع عقده لقوى المعارضة في الرياض، الذي لم يتم حتى الساعة تحديد موعده النهائي والجهات المدعوة إليه. وعقد رئيس الائتلاف خالد خوجه ولؤي حسين، الذي كان قد خرج سرا قبل نحو أسبوعين من دمشق، مؤتمرا صحافيا في إسطنبول عرضا خلاله ما قالا إنّها «رؤية مشتركة للحل السياسي في سوريا».
وشدد المعارضان على أن «لا حل سياسيا ينقذ سوريا مما هي فيه إلا برحيل الأسد وزمرته، وأن لا يكون له أي دور في مستقبل سوريا»، وأشارا إلى أن «استمرار التعاون والتنسيق بيننا ومع أطراف المعارضة الأخرى حجر الزاوية في العمل الوطني لخدمة الثورة وإسقاط النظام»، داعين أطراف المعارضة كافة «للانضمام إلينا في هذا الجهد».
وتتضمن الرؤية المشتركة للحل السياسي وفق البيان الرسمي «تأسيس جيش وطني للثورة السورية، بعدما بات ذلك أمرا ملحا لمواجهة استحقاقات المستقبل، بعد أن تهتك جيش النظام وبانت بداية نهايته»، وأوضح أن هذا الجيش سيكون «ثمرة توحيد بين فصائل الثورة المقاتلة على الأرض لتكون اللبنة الأولى في بناء هذا الجيش، حيث يكون الثوار وضباط الجيش الحر والسوريون الأحرار في كل مكان عموده الفقري».
وأوضح خوجه أن «هناك ضباطا منشقين على الجبهات وآخرين في المخيمات يمكن الاستفادة من خبراتهم، بالإضافة إلى 20 ألف عنصر أمن انشقوا عن النظام يمكن أن يشاركوا في بناء هذا الجيش». وقال إن «التيار الذي سيبني سوريا المستقبل هو تيار وطني بامتياز وليس مؤدلجا»، مشيرا إلى أن مساعي بدأت مع «مختلف القوى الثورية لنلتقي على أرضية واحدة». وأضاف خوجه أن «هناك تجاوبا من أغلب الجبهات حول هذا الطرح، ونتابع التواصل معها».
وقرر الائتلاف في اليوم الأخير لاجتماعات هيئته العامة، وكما كان متوقعا، مقاطعة «مشاورات جنيف» ومؤتمر «القاهرة 2»، وتوجيه رسالة إلى دي ميستورا ورسالة أخرى إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «يشرح فيهما وجهة نظر الائتلاف من المشاورات الثنائية والآليات التي جرت بموجبها الدعوة إلى هذه المشاورات».
وسيحمل رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف، هيثم المالح، الرسالتين إلى جنيف، حيث من المتوقع أن يلتقي دي ميستورا أطرافا سياسية وعسكرية وضحايا ورجال دين وممثلين عن المجتمع المدني والشتات السوري.
وأشار عضو الهيئة التنفيذية في الائتلاف سمير النشار إلى أن القرارات التي اتخذتها الهيئة العامة أخيرا «تنطلق بلا شك من خلفية الانتصارات والإنجازات العسكرية في الميدان، باعتبار أن أي حل سياسي سيكون تلقائيا انعكاسا لموازين القوى العسكرية»، موضحا أن رفض المشاركة في «مشاورات جنيف» واستبدال رسالتين بها سيحملهما المالح إلى دي ميستورا وكي مون.. «تعبيرا عن موقف مستغرب واحتجاجي حول كيفية التعاطي مع الائتلاف، وهو الذي يمثل شريحة واسعة من الشعب السوري والتعامل معه كجهة من أصل 40 مدعوة للمشاركة في المشاورات».
وقال النشار لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن احتجاجنا هو على دعوة إيران للمشاركة في المشاورات، وهي التي لم تعترف أصلا بمقررات جنيف التي يقول دي ميستورا أنها الأرضية التي يتحرك على أساسها».
أما رفض المشاركة في «القاهرة 2»، فمرده، وبحسب النشار، للبيان الذي صدر عن اجتماع «القاهرة 1» الذي لم يتطرق لـ«موقع ومصير الأسد» بالحل السياسي، وأضاف: «هذه نقطة جوهرية بالنسبة لنا، باعتبار أن البيان تجاهل بالكامل دور الأسد وجرائمه بحق الشعب السوري طوال السنوات الأربع الماضية». وأشار النشار إلى أن «مطالبة البيان المذكور بتسوية تاريخية بين طرفين متنازعين وغض النظر عن أن ما نحن بصدده ثورة شعبية، أحد المآخذ على (القاهرة 1)، مما دفعنا لاتخاذ قرار بمقاطعة (القاهرة 2)».
وسيركّز الائتلاف اهتمامه، في الأيام المقبلة، على متابعة الدعوة التي أطلقها البيان الختامي لمجلس التعاون الخليجي لاستضافة مكونات المعارضة السورية في الرياض.
وفي هذا الإطار، أوضح النشار أنه حتى الساعة لم يتم تحديد موعد لعقد المؤتمر، كما لم يتم تحديد الشخصيات المدعوة، لافتا إلى أن «عدد المدعوين سيكون قليلا، وسيشمل كل مكونات الشعب السوري الطائفية والعرقية». وأضاف: «الحل السياسي الذي سنبحث به في الرياض، يرتكز على (جنيف 1)، وعلى هيئة حكم انتقالي لا يكون لبشار الأسد ومجموعته دور فيها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».