مظاهرات مناهضة للانقلاب بالسودان في ذكرى بدء الاعتصام للإطاحة بعمر البشير

صورة في أبريل 2019 لمتظاهرين من مدينة عطبرة يجلسون على متن قطار ويهتفون عند وصولهم إلى المحطة البحرية بالخرطوم (أ.ف.ب)
صورة في أبريل 2019 لمتظاهرين من مدينة عطبرة يجلسون على متن قطار ويهتفون عند وصولهم إلى المحطة البحرية بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات مناهضة للانقلاب بالسودان في ذكرى بدء الاعتصام للإطاحة بعمر البشير

صورة في أبريل 2019 لمتظاهرين من مدينة عطبرة يجلسون على متن قطار ويهتفون عند وصولهم إلى المحطة البحرية بالخرطوم (أ.ف.ب)
صورة في أبريل 2019 لمتظاهرين من مدينة عطبرة يجلسون على متن قطار ويهتفون عند وصولهم إلى المحطة البحرية بالخرطوم (أ.ف.ب)

يخرج السودانيون، اليوم (الأربعاء)، إلى الشوارع لإحياء ذكرى الاعتصام الذي أدى إلى إطاحة الرئيس السابق عمر البشير قبل ثلاث سنوات، بعد دعوة المواطنين إلى حشد مظاهرات مناهضة للانقلاب العسكري الذي نفّذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان العام الماضي.
وتتزامن الدعوة إلى الاحتجاج في السادس من أبريل (نيسان) مع ذكرى الانتفاضة الشعبية عام 1985 التي أطاحت بالرئيس العسكري جعفر نميري.
وتأتي أيضاً تزامناً مع الذكرى السنوية الثالثة لبدء اعتصام السودانيين أمام مقر قيادة الجيش وسط العاصمة في 2019 للمطالبة بإنهاء حكم البشير.
وأُسقط البشير في 11 أبريل 2019 بعدما دام حكمه لثلاثة عقود.
ولم ينجح إسقاط البشير في إقناع المعتصمين بإنهاء اعتصامهم أمام مقر الجيش، بل أصرّوا على المكوث لحين تسليم السلطة للمدنيين. وفي يونيو (حزيران) 2019 قام رجال يرتدون الزي العسكري بفض الاعتصام، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 128 شخصاً، حسبما أكدت لجنة مستقلة لأطباء السودان.
وبعد تفريق المعتصمين، اتفق المدنيون والعسكريون على فترة انتقالية يديرونها معاً حتى تصل البلاد إلى حكم مدني كامل، إلا أن الانقلاب العسكري الذي نفّذه البرهان قلب تلك الخطط رأساً على عقب.
ومنذ نُفّذ الانقلاب العسكري وأطيح بالمدنيين من حكم البلاد الانتقالي، تعاني السودان من اضطرابات سياسية واقتصادية عميقة، ويخرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع لمناهضة الانقلاب.
وفي الأسابيع الأخيرة كثف النشطاء السياسيون دعواتهم، عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، لتنظيم احتجاجات (اليوم) مستخدمين عدداً من الوسوم مثل «#عاصفة 6 أبريل» و«#زلزال 6 أبريل».
وقال بدوي بشير، أحد المشاركين في المظاهرات بالخرطوم، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه يوم مهم... نتوقع خروج الكثيرين إلى الشوارع رغم الطقس الحار والصيام». وأضاف: «نريد فقط إسقاط الانقلاب».
وفي مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، قال جعفر حسن، المتحدث باسم ائتلاف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير: «نتطلع إلى أبريل ليكون شهر انتصارات السودانيين». وأضاف: «يجب أن يهزم السودانيون الانقلاب، وهو ليس من مصلحة أي أحد سواء كان مدنياً أو من القوات النظامية».
ومنذ وقوع الانقلاب يشدد العسكريون قبضتهم على البلاد خصوصاً في طريقة التعامل مع المتظاهرين، حيث سقط حتى الآن 93 قتيلاً وجُرح المئات خلال الاحتجاجات المناهضة للانقلاب فيما تُشَنّ حملة توقيفات واعتقالات تطال القيادات المدنية البارزة.
كذلك، قطعت الدول الغربية المانحة مساعداتها المالية للسودان حتى يتسلم المدنيون سلطة الحكم الانتقالي.
وفاقمت الأزمة الاقتصادية من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية بشكل كبير منذ الانقلاب.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي، الشهر الماضي، من أن عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد سيتضاعف إلى أكثر من 18 مليون بحلول سبتمبر (أيلول) 2022.
وتصاعدت معدلات الجريمة وعدم احترام القانون مع تصاعد وتيرة العنف في المناطق النائية بالسودان خصوصاً في إقليم دارفور في غرب البلاد، حسبما تقول الأمم المتحدة.
والخميس، وقعت اشتباكات بين قبائل عربية وغير عربية أدت إلى وقوع 45 قتيلاً على الأقل في جنوب دارفور.
والجمعة، هدد البرهان بطرد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس، بعدما حذّر من تدهور الأزمة في السودان خلال إفادة لمجلس الأمن الدولي. وأكد البرهان أن «الجيش مستمر في خدمة البلاد بما يحفظ أمنها واستقرارها»، مشيراً إلى أن «البلاد لن تُسلَّم إلا لسلطة أمينة منتخبة يرتضيها الشعب كافة».
وكان بيرتس قد حذّر من أن السودان يتجه «نحو الانهيار الاقتصادي والأمني» ما لم تتم العودة إلى المرحلة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بعد إسقاط البشير. وأكد أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكتلة «إيغاد» (منظمة تضم دول شرق أفريقيا) قررت توحيد جهودها من أجل إطلاق محادثات سياسية في السودان.
من جهته قال جعفر حسن، في مؤتمره الصحافي، إن الحل في «مركز موحَّد» يضم قوى الائتلاف والأحزاب المعارضة للانقلاب ولجان المقاومة. وأضاف «المَخرج من الأزمة السودانية ليس بتجربة ما جرّبناه... المرة الماضية جرّبنا الشراكة مع المكون العسكري وفشلت وانتهت بفضّ الشراكة وإعلان حالة الانقلاب الحالية». وتابع «يجب ألا نعود إلى هذه الحالة مرة أخرى».



السودان يواجه مخاطر أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود

سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

السودان يواجه مخاطر أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود

سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)

حذر مسؤولون أميركيون بأن السودان يواجه مجاعة يمكن أن تصبح أسوأ من أي مجاعة شهدها العالم منذ المجاعة في إثيوبيا قبل 40 عاماً، حيث لا تزال القوات المتحاربة تمنع تسليم المساعدات، لكن إمدادات الأسلحة إلى الجانبين مستمرة في التدفق.

ومع تركيز قدر كبير من اهتمام العالم على غزة، التي أصبحت مسرحاً لمجاعة أخرى من صنع الإنسان، أصبح السودان بالفعل يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهو ينزلق نحو كارثة إنسانية ذات أبعاد تاريخية؛ وبتغطية إعلامية واهتمام عالمي أقل كثيراً. ولم يتلق النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل البلاد سوى 16 في المائة من الأموال التي تحتاجها، وفق ما أشار إليه تقرير من صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقالت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، للصحافيين: «نحتاج إلى أن يستيقظ العالم على الكارثة التي تحدث أمام أعيننا».

وكانت غرينفيلد تتحدث بينما تواجه الفاشر؛ عاصمة منطقة شمال دارفور، شهرها الثاني تحت حصار «قوات الدعم السريع». ويبلغ عدد سكان مدينة الفاشر 1.8 مليون نسمة. ويحذر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة من تفاقم الصراع هناك، مما قد يؤدي إلى أعمال عنف عرقية واسعة النطاق، وفق تقرير من وكالة «رويترز» للأنباء.

وشبّ النزاع في السودان منذ أبريل (نيسان) 2023، بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، عندما اندلع صراع على السلطة بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية والحاكم الفعلي للبلاد، ومحمد حمدان دقلو، قائد «قوات الدعم السريع، و المعروف أيضاً باسم «حميدتي». وأدى النزاع الذي تصاعدت حدته إلى تقسيم البلاد. وأدت الحرب الأهلية إلى مقتل 14 ألف شخص وأجبرت 10 ملايين على الفرار من منازلهم.

وتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً صاغته المملكة المتحدة يوم الخميس، يطالب بإنهاء حصار الفاشر، لكن القتال تصاعد يوم الجمعة حيث زعمت القوات المسلحة السودانية أنها صدت هجوماً كبيراً من «قوات الدعم السريع» وألحقت بها «خسائر فادحة».

وقالت رئيسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، سامانثا باور، إن هناك مخاوف بشأن ما سيحدث للأشخاص الذين لجأوا إلى الفاشر إذا سقطت المدينة في أيدي «قوات الدعم السريع». وقد جرى تجنيد هذه القوة إلى حد كبير من ميليشيات «الجنجويد»، التي ارتكبت مذابح خلال القتال إلى جانب حكومة الخرطوم في الإبادة الجماعية في دارفور خلال الفترة من 2003 إلى 2005.

وأعلنت يوم الجمعة عن مساعدات إنسانية أميركية جديدة للسودان بقيمة 315 مليون دولار، لكنها قالت إن المساعدات لا تصل إلى السكان المنعزلين؛ إلا نادراً. وقد اتُهم الجانبان باستخدام السيطرة على الوصول إلى الغذاء سلاحاً.

وقالت باور: «ذهبت (قوات الدعم السريع) لمنطقة دارفور تاريخياً، وفي هذا الصراع... تلت ذلك فظائع جماعية. (قوات الدعم السريع) تنهب بشكل منهجي المستودعات الإنسانية، وتسرق المواد الغذائية والماشية، وتدمر مرافق تخزين الحبوب، والآبار، في المجتمعات السودانية الأكثر ضعفاً».

وأضافت رئيسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»: «القوات المسلحة السودانية تتناقض تماماً مع التزاماتها ومسؤولياتها تجاه الشعب السوداني من خلال إغلاق الوصول عبر الحدود من تشاد عند معبر (أدري)، وهو الطريق الرئيسية للمساعدة لدخول منطقة دارفور».

وقالت باور إن البرهان يمكنه فتح معبر «أدري» بـ«جرة قلم». وقد عرضت القوات المسلحة السودانية نقطة وصول أخرى من تشاد، وهي معبر «تينه»، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إنه «معوق بالفعل، وغير ملائم لاحتياجات السكان، وسيصبح غير قابل للعبور مع موسم الأمطار المقبل».

وقالت باور: «الرسالة الواضحة حقاً هنا؛ وهي أن العرقلة، وليس عدم كفاية مخزونات الغذاء، هي القوة الدافعة وراء مستويات المجاعة التاريخية والمميتة في السودان».

وأضافت أن البيانات الحالية تشير إلى أن الأزمة «قابلة للمقارنة؛ وربما أسوأ» من المجاعة التي حدثت في الصومال عام 2011 والتي أودت بحياة ربع مليون شخص.

وأضافت: «أود أن أضيف أن السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن السودان سوف يصبح المجاعة الأكثر دموية منذ إثيوبيا في أوائل الثمانينات».

وأودت المجاعة الإثيوبية بحياة مليون شخص بين عامي 1983 و1985؛ وفق تقديرات الأمم المتحدة. وقالت توماس غرينفيلد إنه في أسوأ السيناريوهات، «يمكن أن تصبح المجاعة في السودان أكثر فتكاً».

وقالت: «لقد رأينا توقعات الوفيات التي تقدر أن ما يزيد على 2.5 مليون شخص؛ أي نحو 15 في المائة من السكان في دارفور وكردفان (المناطق الأكثر تضرراً)، يمكن أن يموتوا بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل». وتابعت: «هذه أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب». وأضافت: «ومع ذلك؛ فإن الأمر يهدد بالتفاقم بطريقة ما».

وقال المسؤولون الأميركيون إنه في حين واجهت المساعدات الإنسانية عوائق مستمرة، فإن كلا طرفي الحرب يواصل تلقي الأسلحة.