العاهل الأردني يبحث مع وزير الدفاع الإسرائيلي «التحديات الأمنية الإقليمية»

في إطار إيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين

جانب من لقاء الملك عبد الله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في عمّان أمس (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الملك عبد الله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في عمّان أمس (أ.ف.ب)
TT

العاهل الأردني يبحث مع وزير الدفاع الإسرائيلي «التحديات الأمنية الإقليمية»

جانب من لقاء الملك عبد الله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في عمّان أمس (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الملك عبد الله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في عمّان أمس (أ.ف.ب)

استقبل العاهل الأردني الملك عبد الثاني، في عمّان أمس، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، للتداول في «التحديات الأمنية الإقليمية». وأكد الديوان الملكي الأردني أن اللقاء جاء «في إطار الجهود التي يقودها الملك، من أجل إيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وإزالة المعيقات، واحترام الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها، واتخاذ الإجراءات التي تضمن حرية المصلين؛ خصوصاً في شهر رمضان».
ومن جانبه قال مكتب غانتس إنه استعرض أمام الملك «الخطوات التي تعتزم إسرائيل اتخاذها، من أجل الحفاظ على حرية العبادة في القدس ويهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة)».
وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فقد أعرب الملك عبد الله عن قلقه من التدهور الأمني في الساحة الإسرائيلية- الفلسطينية، وأكد أن ذلك لا ينجم فقط عن العمليات العدائية التي ينفذها بضعة أفراد ينتمون إلى «داعش» من المواطنين العرب في إسرائيل، أو إلى تنظيمات متطرفة أخرى في القدس والضفة الغربية؛ بل أيضاً من الهجمات العدائية التي ينفذها المستوطنون المتطرفون، وجنود الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين عموماً، وفي القدس الشرقية المحتلة بشكل خاص، ومن انسداد آفاق التسوية السياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأضاف البيان الأردني أن الملك أكد «أهمية تكثيف الجهود لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، والذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية»، لافتاً إلى ضرورة وقف كل الإجراءات التي تقوض فرص تحقيق السلام. كما دعا إسرائيل إلى وقف «كل الإجراءات الأحادية؛ خصوصاً في القدس والمسجد الأقصى، والتي تعوق فرص تحقيق السلام الشامل الدائم في المنطقة».
وبحسب بيان الديوان الملكي، فقد شدد الملك عبد الله على أن الحفاظ على التهدئة الشاملة «يتطلب احترام حق المسلمين في تأدية شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى المبارك، وسائر جنبات الحرم القدسي الشريف، وإزالة أي عقبات تمنعهم من أداء الصلوات، ومنع الاستفزازات التي تؤدي إلى التصعيد»؛ مشيراً إلى أن الملك كان قد بحث هذه الجهود والاتصالات والقضايا المطروحة فيها، خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أول من أمس في رام الله، وذلك في إطار «عملية التنسيق والتواصل المستمرة» بين الجانبين.
من جهته، شدد غانتس على «أهمية التنسيق الأمني مع الفلسطينيين والأردنيين خلال هذه الأيام»، وأيضاً على أهمية «الحفاظ على الاستقرار والهدوء، وضرورة محاربة الإرهاب بشكل عام، وعلى وجه الخصوص تنظيم (داعش) الذي يقف وراء الهجمات الإرهابية الأخيرة في إسرائيل». في السياق ذاته، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بارليف، قام بزيارة سرية إلى الأردن الأسبوع الماضي، عرض خلالها على المسؤولين الأردنيين التسهيلات التي ستمنحها الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين خلال شهر رمضان. وقد تمت هذه الزيارة قبل وقوع عمليتي بئر السبع والخضيرة، والتقى مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وعرض التسهيلات التي ستقدم للفلسطينيين عشية شهر رمضان، وذلك بهدف منع التصعيد الميداني في القدس والضفة الغربية المحتلتين.
ووفقاً للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، فإن الجانب الأردني طلب سلسلة من التسهيلات الإضافية؛ خصوصاً السماح بزيارة أعداد كبيرة من الفلسطينيين من الضفة والقدس إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. وقد طلب الصفدي من بارليف زيادة وتعزيز قوة دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، بغية توسيع وبسط سيطرتها بشكل أكبر في المسجد الأقصى. وقد تجاوب الوزير الإسرائيلي، وأبلغ الجانب الأردني بموافقته على نشاطات دائرة الأوقاف خلال رمضان، وزيادة عدد موظفي الأوقاف، وإدخال سجاد جديد للمصليات داخل الحرم القدسي الشريف ومساجد في القدس القديمة.
تجدر الإشارة إلى أن أوساطاً إسرائيلية سياسية وإعلامية تروج لاحتمال «تدهور الأوضاع الأمنية» مع الفلسطينيين خلال شهر رمضان الكريم؛ خصوصاً في مدينة القدس المحتلة. وحذرت من هذا التدهور بشكل خاص عشية الأعياد اليهودية التي تتزامن مع مناسبات فلسطينية، مثل رمضان ويوم النكبة، وأن يقدم المتطرفون من الطرفين على إشعال الأوضاع.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.