رئيس لجنة الأمن البرلمانية: سرقة مشجب أسلحة لرئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء

وسط انهيار الوضع الأمني ببغداد.. إجراءات مشددة تسبق زيارة الإمام الكاظم

رافعة تابعة للشرطة العراقية تزيح بقايا سيارة انفجرت ببغداد قبل يومين (رويترز)
رافعة تابعة للشرطة العراقية تزيح بقايا سيارة انفجرت ببغداد قبل يومين (رويترز)
TT

رئيس لجنة الأمن البرلمانية: سرقة مشجب أسلحة لرئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء

رافعة تابعة للشرطة العراقية تزيح بقايا سيارة انفجرت ببغداد قبل يومين (رويترز)
رافعة تابعة للشرطة العراقية تزيح بقايا سيارة انفجرت ببغداد قبل يومين (رويترز)

فجأة سجل الوضع الأمني في العاصمة العراقية بغداد انهيارا غير مسبوق. سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخخة أوقعت في غضون أقل من أسبوعين عشرات القتلى والجرحى من بينهم صحافيون وناشطون مدنيون شاء لهم القدر أن يقتلوا ويجرحوا في اليوم العالمي لحرية التعبير يتقدمهم مدير معهد صحافة الحرب والسلام عمار الشابندر الذي قتل بتفجير الكرادة بينما لا يزال زميله عماد الشرع يتلقى العلاج في أحد مستشفيات بغداد. وبعد يومين من رحيل الشابندر بمفخخة على قارعة الطريق بالقرب من أحد المطاعم الشعبية وجد صحافي آخر (رعد الجبوري) مقدم البرامج في قناة «الرشيد» الفضائية مقتولا في منزله وسط بغداد. حتى اللحظة لم تفض التحقيقات إلى شيء بشأن ملابسات مقتل الجبوري.
ومن الصحافيين والناشطين إلى المواطنين المسالمين الآخرين لم يتوقف مسلسل القتل. عائلة بأكملها في منطقة الرضوانية جنوب غربي بغداد وجدت مقتولة داخل منزلها، وهي مكونة من الأب والأم وطفلين. بكل بساطة نقلت الجثث إلى دائرة الطب العدلي بانتظار إصدار شهادة الوفاة.
شاهد العيان من أهالي منطقة الدور الواقعة في الرضوانية الحاج جاسم الكرطاني أبلغ «الشرق الأوسط» أن «منزل هذه العائلة يقع على مقربة من النقطة الأمنية (السيطرة) الرئيسية في المنطقة الواقعة أصلا بالقرب من مستشفى حيث تعمل كاميرات المراقبة»، مشيرا إلى أنه «لا السيطرة ولا الكاميرات سألت أو كشفت عن هوية من يدخل ومن يخرج حتى عثر مصادفة على العائلة مقتولة بكاملها».
ومن القتل بواسطة المفخخات والمتهم الأول، بل والأخير فيها الآن، هم نازحو الأنبار، إلى القتل داخل المنازل بالكواتم إلى الجثث المجهولة الهوية التي باتت تعثر عليها الشرطة مرمية في أماكن النفايات وسط العاصمة أو أطرافها، وآخرها ثلاث جثث تم العثور عليها أمس في منطقة البكرية غرب بغداد. ووسط هذه الفوضى الأمنية يبقى للعبوات اللاصقة نصيب هي الأخرى. واستنادا إلى ما أعلنته وزارة الداخلية أمس من أن «ضابطًا في وزارة الدفاع برتبة عقيد قتل بتفجير عبوة لاصقة وضعت أسفل سيارته في حي الغزالية غرب بغداد».
البرلمان العراقي، وسط هذه الفوضى الأمنية، قرر أن يستضيف الأسبوع المقبل وزير الداخلية محمد سالم الغبان لمناقشته في الأسباب التي أدت إلى مثل هذا الانهيار الأمني. فطبقا لما أعلنه رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي عن آخر موجة في التردي الأمني وتتمثل هذه المرة في سرقة مشجب للسلاح من المنطقة الخضراء المحصنة، والأهم أن هذا المشجب يعود إلى رئاسة الوزراء.
الزاملي وفي بيان له قال إنه «تم سرقة مشجب للسلاح في المنطقة الخضراء باشتراك بعض الضباط وأفراد المشجب»، مشيرًا إلى أن «العملية منظمة ومستمرة ولم تتم اليوم». وأبدى استغرابه من «حدوث هكذا خرق في المنطقة الخضراء وإخراج السلاح خارجها في وقت يتم فيه تفتيش الجميع من نواب ومسؤولين».
الزاملي حمّل وزارة الداخلية مسؤولية التقصير الأمني والخروق الأخيرة التي حصلت في العاصمة بغداد، عازيًا ذلك إلى «التهاون» وانشغال قيادة عمليات بغداد بمطاردة الجماعات المسلحة في الكرمة. وأضاف أن «التهاون والأداء الركيك لوزارة الداخلية والاستخبارات، بالإضافة إلى انشغال قيادة عمليات بغداد بمطاردة الإرهابيين في ناحية الكرمة، وراء التفجيرات والخروق الأمنية الأخيرة في بغداد بعد استقرار وتحسن الوضع الأمني في العاصمة خلال الأشهر الستة الماضية».
وفي هذا السياق أكد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حامد المطلك لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الأمني يتأثر بالوضع السياسي وكثيرا ما يكون انعكاسا له، سلبا وإيجابا، بالإضافة إلى التشنجات والتجاذبات السياسية وتبادل الاتهامات أو إلقاء التهم على عواهنها بحق هذه الجهة أو تلك من شأنه أن يترك آثاره السلبية على ما يجري». وأضاف أن «الوضع الأمني الحالي يدعو بلا شك إلى الريبة والحذر، وهو ما يتطلب وقفة جادة حتى نعرف الحقيقة؛ لأن الاستمرار في كيل الاتهامات دون دليل وعدم تشخيص المشكلة لن يوفر بيئة سليمة للقضاء على الإرهاب الذي يتغذى على الخلافات والمشكلات».
وردا على سؤال عما إذا كان ما يجري الآن هو تطوير لأدوات الإرهاب أم تصفية حسابات، قال المطلك إن «كل التحليلات باتت واردة في ظل الفوضى الحالية وعدم التوصل إلى الجناة الحقيقيين وإلى الطريقة والأسلوب اللذين تجري بهما مثل هذه العمليات التي شكلت حالة إرباك للمؤسسة الأمنية وحالة تحد صعب للمؤسسة السياسية».
من جهته أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية هوشيار عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تحديات كبيرة تواجه المنظومة الأمنية والحكومة من أجل وضع حد للتدهور الأمني»، مشيرا إلى أن «هناك أسبابا عدة أدت إلى زيادة التفجيرات، منها الفساد في المنظومة الدفاعية في الحكومات السابقة، وفشلها في تحقيق الأمن طيلة الفترة الماضية»، مؤكدا «أن هناك تعاونا كبيرا بين الحكومة والبرلمان لإعادة الوضع الأمني للاستقرار، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت». وأوضح أن «التفجيرات المتزايدة تحاول النيل من قرارات العبادي الأخيرة برفع الحظر الليلي وبعض الحواجز الكونكريتية ونزع السلاح عن بعض المدن».
إلى ذلك وبدءا من يوم غد سوف تنفذ الأجهزة المسؤولة خطة أمنية في مدينة بغداد بالتزامن مع زيارة الإمام الكاظم. وفي الوقت الذي سوف يفرض فيه حظر التجوال بالكامل على مدينة الكاظمية شمال غربي بغداد فإن أوصال العاصمة بغداد سوف يتم تقطيعها بسلسلة من الحواجز وقطع الطرق والجسور المؤدية إلى الكاظمية حيث تتخوف الجهات المسؤولة من استغلال تنظيم داعش لهذه الزيارة لتنفيذ عمليات تفجير. يذكر أنه في عام 2005 وخلال حكومة إبراهيم الجعفري آنذاك وقعت أكبر مجزرة على جسر الأئمة الرابط بين مدينتي الأعظمية والكاظمية، حيث تدافع آلاف الزوار على الجسر على أثر إشاعة بوجود حزام ناسف بينهم حيث ألقى المئات منهم أنفسهم من فوق الجسر إلى نهر دجلة، وهو ما أدى إلى موت نحو 1300 زائر غرقا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».