كسر هجوم حوثي في مأرب... والحكومة تدعو لمواقف دولية أكثر حزماً

TT

كسر هجوم حوثي في مأرب... والحكومة تدعو لمواقف دولية أكثر حزماً

جددت الحكومة اليمنية دعوتها المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف أكثر حزماً في مواجهة تصاعد إرهاب الميليشيات الحوثية في الداخل اليمني، وباتجاه دول الجوار، بحسب ما جاء في تصريحات رسمية لوزير الإعلام معمر الإرياني.
التصريحات اليمنية جاءت في وقت أفاد فيه الجيش بأنه تمكن من كسر هجوم حوثي في الجبهة الجنوبية من محافظة مأرب؛ حيث دفعت الميليشيات بالمئات من عناصرها خلال الأيام الماضية، ضمن مساعيها المستميتة للسيطرة على المحافظة النفطية.
وبحسب ما ذكره المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، تمكن الجيش من إحباط محاولات هجومية للميليشيات الحوثية الإيرانية، وأدت المواجهات إلى مصرع وإصابة العشرات من عناصر الميليشيات، وتدمير آليات قتالية تابعة لها في الجبهة الجنوبية لمحافظة مأرب.
من جهته، ذكر الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر نت)، أن الميليشيات الحوثية تكبدت خسائر جديدة في العتاد والأرواح بنيران الجيش والمقاومة في الجبهة نفسها، وأكد أن القوات خاضت معارك عنيفة عقب محاولات تسلل فاشلة نفذتها الميليشيات في جبهة الأعيرف، وأن المعارك تزامنت مع قصف مدفعي مركز لقوات الجيش، استهدف تجمعات وتحركات للميليشيا كبدها خسائر في الأرواح والعتاد.
جاء ذلك في وقت تحاول فيه الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن السعي إلى إبرام هدنة مؤقتة خلال شهر رمضان، غير أن المؤشرات على الأرض وتصريحات قادة الجماعة ترجح عدم انصياع الميليشيات إلى مساعي التهدئة.
وعلى وقع التصعيد الحوثي، انتقد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، ما وصفه بـ«تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته القانونية حيال انقلاب ميليشيا الحوثي وتدخلات إيران في شؤون دولة عضو بالأمم المتحدة، وتخاذله تجاه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق اليمنيين منذ انقلابها، واستهدافها الأعيان المدنية والمدنيين في دول الجوار»، وقال في تصريحات رسمية: «إن ذلك ساهم في تنامي أنشطة الميليشيات الإرهابية».
وأوضح الإرياني أن الميليشيات الحوثية الإرهابية «اعتبرت حالة الصمت والتخاذل الدولي بمثابة ضوء أخضر للاستمرار في ارتكاب الجرائم والانتهاكات غير المسبوقة بحق المدنيين، وتصعيد عدوانها في مختلف المحافظات، واستهداف دول الجوار، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وتقويض كافة الجهود التي تبذل للتهدئة وإيجاد حل سياسي للأزمة».
وحذر الوزير اليمني مما وصفه بـ«العواقب الوخيمة لاستمرار تجاهل المجتمع الدولي لممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، على الاقتصاد العالمي والأمن والسلم الإقليمي والدولي‏».
وقال: «حذرنا مراراً وتكراراً من الخطر الذي يمثله استمرار سيطرة ميليشيا الحوثي على أجزاء من الخريطة اليمنية، ووظيفتها كأداة للنظام و(الحرس الثوري) الإيراني، لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، واستهداف أمن الطاقة والإمدادات النفطية العالمية، وخطوط الملاحة الدولية‏».
وأكد الإرياني أن سلسلة الهجمات الإرهابية التي نفذتها ميليشيا الحوثي على البنية التحتية لمنشآت إنتاج وتكرير الطاقة في المملكة العربية السعودية، بإيعاز وتسليح وتخطيط إيراني واضح ومعلن، يعيد التذكير بهذا الخطر.
وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة «بتجاوز مربع الإدانة، وإصدار موقف واضح إزاء الممارسات الإيرانية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين والقرارات الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن 2624، داعياً إلى محاكمة قيادات الجماعة، وتعزيز قدرات الحكومة لاستعادة الدولة وتثبيت الأمن والاستقرار».
على صعيد الانتهاكات الحوثية، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، أن الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً دمرت 27541 منشأة مدنية في 14 محافظة خلال الفترة من 30 يونيو (حزيران) 2018 وحتى 30 ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وبينت الشبكة الحقوقية في تقرير وزعته أمس (الثلاثاء) أن المنشآت السكنية كانت الأكثر تضرراً؛ حيث سجلت 20996 حالة اعتداء بحق منازل المدنيين، تنوعت بين تدمير كلي وجزئي واقتحام وتفتيش واحتلال وتمترس ونهب وعبث بالمحتوى.
وطال التدمير الحوثي -بحسب التقرير- ممتلكات عامة وخاصة، وشمل مرافق تعليمية وصحية وخدمية ومقرات حكومية، ومشروعات ومنشآت حيوية، ومعالم أثرية وسياحية، ودور عبادة، والطرق والجسور، ومنازل ومجمعات سكنية، ومقرات الأحزاب والهيئات والمنظمات المحلية والدولية، والمصانع والشركات الاستثمارية والمحلات التجارية، والمزارع وآبار المياه.
وأكد التقرير أن غالبية القصف الحوثي والهجمات العشوائية بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، استهدفت أحياء سكنية مكتظة بالسكان، وأسواقاً شعبية، ومحلات تجارية؛ مشيراً إلى أن الأعيان المدنية في محافظتي تعز ومأرب كانت الأكثر تضرراً جراء هذه الاعتداءات.
ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف، فيما يتعلق بجرائم استهداف الأعيان المدنية، وتقديم مرتكبيها للعدالة، وتشكيل لجنة حصر لحجم الأضرار والخسائر التي لحقت الأعيان المدنية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.