الجزائر تصر في «عيد النصر» على ضرورة اعتراف فرنسا بـ«جرائمها الاستعمارية»

ماكرون يؤكد حرصه على مواصلة المبادرات حول «ملف الذاكرة المؤلم»

الرئيس الفرنسي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في «الإليزيه» بمناسبة الاحتفال أمس بذكرى مرور 60 عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في «الإليزيه» بمناسبة الاحتفال أمس بذكرى مرور 60 عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تصر في «عيد النصر» على ضرورة اعتراف فرنسا بـ«جرائمها الاستعمارية»

الرئيس الفرنسي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في «الإليزيه» بمناسبة الاحتفال أمس بذكرى مرور 60 عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يلقي كلمة في القصر الرئاسي في «الإليزيه» بمناسبة الاحتفال أمس بذكرى مرور 60 عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان (أ.ف.ب)

بينما شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، على مواصلة المبادرات المتعلقة بذاكرة حرب الجزائر التي اتخذها منذ بداية ولايته، مؤكداً قناعته بأنه «سيأتي يوم تسلك فيه الجزائر هذا الطريق»، جددت قطاعات من المجتمع الجزائري، من بينها مجاهدو حرب التحرير، مطالبتها فرنسا بالاعتراف بالجريمة الاستعمارية، وتقديم اعتذار عنها، ودفع تعويضات.
وجرت أمس بفرنسا والجزائر مراسيم الاحتفال بذكرى مرور ستين عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان (19 مارس «آذار» 1962) التي مهدت لاستقلال الجزائر. وقال ماكرون بالمناسبة إنه «مقتنع بنهج اليد الممدودة للجزائر»؛ مذكّراً في هذا السياق بكل المبادرات التي اتُّخذت منذ سنة 2017 لـ«تهدئة» ذاكرة هذه الحرب المؤلمة، ومعترفاً بأنها أثارت «مشاعر استياء» في فرنسا، كما في الجزائر.
ودُعي نحو مائتي شخصية إلى قاعة الحفلات في القصر الرئاسي في «الإليزيه»، يمثلون الشهود على كل الوقائع المرتبطة بالحرب الجزائرية، من مجندين ومقاتلين واستقلاليين وحركيين، وعائدين إلى فرنسا.
وقال ماكرون للحاضرين: «سيقول لي كثيرون إنك تفعل كل هذا؛ لكنك لست جدياً؛ لأن الجزائر لا تتحرك. وفي كل مرة كان يواجه كل من سبقوني الأمر نفسه»؛ مضيفاً: «أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تسلك فيه الجزائر هذا الطريق».
ولم يحضر المراسم في القصر الرئاسي أي مسؤول جزائري، على الرغم من دعوة السفير الجزائري في باريس، محمد عنتر داود، بحسب «الإليزيه».
من جهته، أكد رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) بالجزائر، إبراهيم بوغالي، أمس، في خطاب بالمناسبة التي تسمى رسمياً «عيد النصر»، أن الشعب الجزائري «أدرك قيمة الوطن بعد معاناة من ويلات المستعمر الغاصب»؛ مبرزاً أن «لحمتنا الوطنية التي تظهر في كل مناسبة، ما هي إلا دليل على وعي الشعب الجزائري الحر الكريم، بما يحاك لنا من المتربصين بنا، والذين باؤوا وسيبوؤون بالخسران».
وأشاد بوغالي بـ«الوحدة بين الشعب الأبي وجيشه القوي؛ وحدة واحدة لا تنفصل ولا تنفصم، ما دامت بلادنا قد عزمت على المضي قدماً نحو التطور والازدهار، في كنف الرؤية الجديدة التي حددها برنامج السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، من خلال ما يتجسد يومياً، ويتحقـق من الوعود التي تعهد بها للشعب الجزائري».
ودعا بوغالي إلى «الوقوف في وجه كل من تسول له نفسه النيل من الوطن ومن تاريخه المجيد»، وإلى «الإخلاص له والدفاع عنه، وذلك في سبيل رقيه».
وأضاف بوغالي أن «هذا العيد يعبر عن الاعتزاز بتضحيات أمتنا الجزائرية، وإننا اليوم نجدد العهد للوطن، إخلاصاً ودفاعاً عنه». وتابع قائلاً: «ستون عاماً مرت على يوم خالد من أيام وطننا. ففي مثل هذا اليوم من عام 1962، كُلل جهاد أمتنا الجزائرية بالنصر المبين، واستعاد الشعب الجزائري حريته السليبة، وحرر أرضه الطيبة بدماء زكية طاهرة، وبنضالات رجال ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه»؛ مبرزاً أن 19 مارس «يوم مشهود في تاريخنا، يوم يحق لنا فيه أن نفتخر ونعتز فيه بمآثر آبائنا وأجدادنا، وأن نتذكر بطولات شهدائنا ومجاهدينا الميامين».
وأقامت «المنظمة الوطنية للمجاهدين» (مقربة من الحكومة)، أمس، بمقرها، حفلاً تميز بإلقاء محاضرات تاريخية حول حرب التحرير. وشدد أعضاؤها على «مسألة الاعتذار»، وهو ما ترفضه فرنسا بشكل قاطع.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون، قد أكد أول من أمس، في خطاب، أن «جرائم الاستعمار لن تسقط بالتقادم، ولن يطالها النسيان»، ودعا باريس إلى «معالجة مسؤولة ومنصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ، في أجواء المصارحة والثقة». وتطالب الجزائر بـ«اعتراف شامل بجرائم الاستعمار، بدل المبادرات المجزأة»، بينما تشهد العلاقات بين البلدين تهدئة بعد عامين من التوتر.
ويهدف إحياء هذه الذكرى إلى تحقيق «مصالحة»، وإرساء «تهدئة» على غرار المناسبات السابقة التي تم تنظيمها، منذ بداية ولاية ماكرون حول حرب الجزائر. وذكَّر «الإليزيه» بأن ماكرون سعى من خلال سلسلة من المبادرات إلى إرساء مصالحة بين فرنسا والجزائر، وكذلك بين «الذاكرات المجزأة في فرنسا».
وبتوصيات من المؤرخ الفرنسي الشهير، بنجامان ستورا، اعترف ماكرون بمسؤولية الجيش الفرنسي عن موت عالم الرياضيات الشيوعي موريس أودان، والمحامي القومي علي بومنجل، خلال معركة الجزائر العاصمة في 1957.
وأقيم في بلدة أمبواز الفرنسية (وسط) نصب في ذكرى عبد القادر، البطل الوطني الجزائري في رفض الوجود الاستعماري الفرنسي، وأعيدت جماجم مقاتلي المقاومة الجزائرية في القرن التاسع عشر إلى الجزائر؛ لكن الجزائر التي تطالب فرنسا باعتذار رسمي عن الاستعمار لم تتابع هذا العمل المتعلق بالذاكرة؛ إلا أن «الإليزيه» قال: «إنها يد ممدودة وستظل ممدودة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.