هل يُعتبر بوتين «مجرم حرب»؟ ومن يقرر ذلك؟

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
TT

هل يُعتبر بوتين «مجرم حرب»؟ ومن يقرر ذلك؟

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وصف الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «مجرم حرب» يوم الأربعاء، بسبب الهجوم الذي ينفذه في أوكرانيا، حيث تم قصف المستشفيات وأقسام الولادة.
لكن إعلان شخص ما مجرم حرب ليس بهذه البساطة، حيث إن هناك تعريفات وعمليات معينة لتحديد من هو «مجرم الحرب»، وكيفية معاقبته، وفقاً لتقرير لصحيفة «غارديان».
https://twitter.com/POTUS/status/1504182615011643403?s=20&t=NwaU7ryJj67DidK-htNsyA
* من هو «مجرم الحرب»؟

ينطبق المصطلح على أي شخص ينتهك مجموعة من القواعد التي اعتمدها قادة العالم والمعروفة باسم قانون النزاعات المسلحة. القواعد تحكم سلوك الدول في أوقات الحرب.
تم تعديل هذه القواعد وتوسيعها خلال القرن الماضي، مستمدة من اتفاقيات جنيف في أعقاب الحرب العالمية الثانية والبروتوكولات التي أضيفت لاحقاً.
تهدف القواعد إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال، والذين لم يعودوا قادرين على القتال، بمن في ذلك المدنيون، مثل الأطباء والممرضين والجنود الجرحى وأسرى الحرب. تحدد المعاهدات والبروتوكولات مَن يمكن استهدافه وبأي أسلحة. بعض المواد محظورة، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية أو العوامل البيولوجية.

* ما الجرائم المحددة التي تجعل شخصاً ما مجرم حرب؟

تشمل «الانتهاكات الجسيمة» للاتفاقيات التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب القتل العمد والتدمير الواسع النطاق والاستيلاء على الممتلكات غير المبررة بضرورة عسكرية. وتشمل جرائم الحرب الأخرى الاستهداف المتعمد للمدنيين، واستخدام القوة غير المتناسبة، واستعمال الدروع البشرية، وأخذ الرهائن.
كما تقاضي المحكمة الجنائية الدولية الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سياق «هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي سكان مدنيين»، وتشمل القتل والإبادة والنقل القسري والتعذيب والاغتصاب والاستغلال.
الطريقة الأكثر ترجيحاً التي يمكن أن يوصف بها بوتين على أنه مجرم حرب هي من خلال العقيدة القانونية المعترَف بها على نطاق واسع حول مسؤولية القيادة. إذا أمر القادة أو علموا أو كانوا في وضع يسمح لهم بمعرفة الجرائم ولم يفعلوا شيئاً لمنعها، فيمكن تحميلهم المسؤولية القانونية.

* ما سبل العدالة؟

بشكل عام، هناك أربعة مسارات للتحقيق في جرائم الحرب وتحديدها، رغم أن لكل منها حدوداً. وإحدى الطرق هي عبر المحكمة الجنائية الدولية.
الخيار الثاني هو إذا حولت الأمم المتحدة عملها في لجنة التحقيق إلى محكمة مختلطة لجرائم الحرب الدولية لمحاكمة بوتين.
والثالث هو إنشاء محكمة لمحاكمة بوتين من قبل مجموعة من الدول والجماعات المهتمة أو المعنية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وتعتبر المحاكم العسكرية في نورمبرغ ضد القادة النازيين مثالاً على ذلك.
أيضاً، لدى بعض الدول قوانينها الخاصة لملاحقة جرائم الحرب. ألمانيا، على سبيل المثال، تحقق بالفعل مع بوتين. لا يوجد لدى الولايات المتحدة مثل هذا القانون، لكن وزارة العدل لديها قسم يركز على بعض الأفعال بما في ذلك الإبادة الجماعية، والتعذيب، وتجنيد الأطفال.

* أين يمكن أن يحاكم بوتين؟

الأمر ليس واضحاً. لا تعترف روسيا باختصاص المحكمة الجنائية الدولية ولن ترسل أي مشتبَه بهم إلى مقر المحكمة في لاهاي بهولندا. كما أن الولايات المتحدة لا تعترف بسلطة المحكمة. يمكن محاكمة بوتين في بلد تختاره الأمم المتحدة أو مجموعة من الدول المعنية.


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا خبراء أوكرانيون يتفقدون الأضرار في موقع الهجوم الصاروخي الذي ضرب وسط خاركيف شمال شرقي أوكرانيا في 25 نوفمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (إ.ب.أ) play-circle 01:26

روسيا تعلن إسقاط 8 «صواريخ باليستية» أطلقتها أوكرانيا

قالت موسكو إن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 صواريخ باليستية أطلقتها أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى زودها بها الغرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المرشح لمنصب الرئيس كالين جورجيسكو يتحدّث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوالٍ لروسيا يتصدّر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيّد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حقّقها رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.