أفصحت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية عن تنامي حجم الفساد والعبث الذي تمارسه الميليشيات الحوثية داخل أروقة ما تُسمى «هيئة الزكاة» التي استحدثتها الجماعة قبل سنوات أداةً لسرقة المزيد من أموال اليمنيين.
واتهمت المصادر قيادات في الجماعة تتولى مهام إدارة شؤون الهيئة غير الشرعية بالتورط بشكل مباشر وغير مباشر في ارتكاب سلسلة من المخالفات المالية وجرائم فساد كبرى.
ومن بين تلك الممارسات، على سبيل المثال، استحداث هيئة الميليشيات أخيراً مشاريع عدة لا علاقة لها بمعاناة الفقراء والمساكين (المستحقون للزكاة) الذين باتت تعج بهم جميع المدن والمناطق تحت السيطرة الحوثية.
وأشارت المصادر إلى لجوء الانقلابيين إلى استغلال أزمة الوقود، وتحويلها إلى ذريعة ومبرر لنهب المليارات من أموال الزكاة، تحت مسمى توفير حافلات نقل المواطنين بالمجان في بعض شوارع صنعاء العاصمة.
وأكد موظفون وطلاب مدارس وجامعات في صنعاء، أن «هيئة الزكاة» الحوثية خصصت بضع حافلات لا تكاد تتجاوز أصابع اليد، وأنها تضع مندوبين تابعين لها على باب كل حافلة، مهمتهم الانتقائية في تحديد واختيار مَن يصعد على متن تلك الحافلات، حيث يتم إخضاعهم لسماع خطب زعيم الميليشيات.
ووصف موظفون في الهيئة الحوثية المشروع بأنه «لا يتناسب إطلاقاً مع حجم المبالغ التي رصدت لتوفير 55 حافلة للنقل المجاني، ووصفوه بأنه مجرد وسيلة لقادة الميليشيات، ليتمكنوا من اختلاس الملايين كعادتهم، وتسخيرها خدمة لأغراضهم الشخصية، على حساب معاناة وآلام آلاف المحتاجين.
ورغم استمرار تجاهل «هيئة الزكاة» الحوثية المعنية بدعم الفقراء والمساكين وعدم سماعها صرخات وأنين وأوجاع السكان، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الميليشيات تستعد لإنفاق ملايين الريالات لإنشاء مبنى ضخم للهيئة.
وعبر المصدر عن استهجانه من إعلان الهيئة الحوثية كل مرة تدشين مشروعات وصف بعضها بالوهمية، وأخرى قال إنها لا تكاد ترقى حتى إلى مستوى مشاريع صغيرة، ولا توفر للفقراء أدنى شيء من سبل المعيشة، كالمأكل والمشرب والملبس والمأوى والدواء وغيرها.
واتهم المصدر الانقلابيين بمواصلة استغلالهم أموال الزكاة وتسخيرها لصالح إقامة أعراس جماعية ومشاريع أخرى تخص أتباعهم من الجرحى وأسر القتلى، وفي سبيل تدشين وإقامة مختلف الفعاليات الطائفية والتعبوية.
في السياق نفسه كشف المصدر عن إنفاق الحوثيين مؤخرا نحو 50 مليون ريال من أموال الزكاة (الدولار يساوي 600 ريال) على 26 فعالية بمناسبة الذكرى السنوية لمقتل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، إلى جانب الإنفاق على عشرات الأمسيات الفكرية والتعبوية على مستوى العاصمة وريفها وبقية المدن والمحافظات تحت سيطرتها، بهدف تحشيد مزيد من المقاتلين إلى الجبهات.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن سلسلة طويلة من جرائم السرقة والفساد الحوثي المنظم الذي ما يزال يمارس داخل الهيئة المستحدثة من قبل الجماعة. وقالت إن قادة في الميليشيات رفعوا شكاوى إلى مكتب زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي يتهمون فيها قادة آخرين بارتكاب جرائم فساد مهولة.
وتضمنت إحدى الشكاوى المرفوعة لزعيم الميليشيات - بحسب المصادر - جريمة صرف القيادي الحوثي المدعو شمسان أبو نشطان المعيَّن على رأس الهيئة مبالغ مالية ضخمة كمساعدات وهِبات لقيادات في الهيئة تكن الولاء والطاعة له.
في حين تطرقت شكوى أخرى – طبقاً للمصادر في الهيئة الحوثية - إلى قيام أبو نشطان بإصدار توجيهاته بشراء 12 سيارة حديثة ومنحها لمسؤولين مقربين منه داخل الهيئة ولقيادات حوثية بارزة من خارجها، بهدف إسناده ودعمه في البقاء بمنصبه.
وسبق أن اتهمت تقارير ومصادر محلية عدة قيادة الهيئة الحوثية بشرائها خلال العامين الماضيين نحو 200 سيارة، وتوزيعها على قيادات بارزة أغلبهم يتحدرون من صعدة (معقل الميليشيات).
وكانت مصادر يمنية اتهمت قبل أشهر قليلة الانقلابيين بأنهم أنفقوا من أموال الزكاة نحو 3 مليارات و200 مليون ريال، لإقامة ما أطلقت عليه «العرس الجماعي» لأكثر من 3 آلاف من مقاتليها الجرحى (نحو 5 ملايين دولار).
وسبق أن اعترفت الميليشيات بفترات سابقة بأنها تسخّر معظم ما تجمعه من التجار والمواطنين والمزارعين لصالح أسر قتلاها وجرحاها في عدة جبهات قتالية.
وأبدى القيادي الحوثي أبو نشطان اعترافاً سابقاً بأن الجماعة استغلَّت أموال الزكاة خلال ثلاثة أعوام، لتزويج أكثر من 9 آلاف شخص من عناصر الجماعة ومقاتليها، مشيراً إلى أن الميليشيات استطاعت أن تجمع في 2020 أكثر من 65 مليار ريال.
الحوثيون يبددون مليارات الزكاة على مشاريع تخدم أجندة الجماعة
الحوثيون يبددون مليارات الزكاة على مشاريع تخدم أجندة الجماعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة