انطلاق مشاورات جنيف: الائتلاف يلتقي دي ميستورا الأسبوع المقبل.. والفصائل العسكرية لوفد موحد

المالح: نهاية الأسد لن تكون إلا بالحلّ العسكري.. ودالاتي: قد لا نحتاج إلى مؤتمر

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا دي ميستورا لحظة وصوله أمس إلى قاعة الأمم المتحدة بجنيف حيث أطلق بدء جلسات المشاورات عبر مؤتمر صحافي (إ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا دي ميستورا لحظة وصوله أمس إلى قاعة الأمم المتحدة بجنيف حيث أطلق بدء جلسات المشاورات عبر مؤتمر صحافي (إ.ف.ب)
TT

انطلاق مشاورات جنيف: الائتلاف يلتقي دي ميستورا الأسبوع المقبل.. والفصائل العسكرية لوفد موحد

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا دي ميستورا لحظة وصوله أمس إلى قاعة الأمم المتحدة بجنيف حيث أطلق بدء جلسات المشاورات عبر مؤتمر صحافي (إ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا دي ميستورا لحظة وصوله أمس إلى قاعة الأمم المتحدة بجنيف حيث أطلق بدء جلسات المشاورات عبر مؤتمر صحافي (إ.ف.ب)

بدأ المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يوم أمس مشاورات منفصلة مع كل من ممثلي أطراف النزاع السوري في محاولة لاستئناف المفاوضات حول الأزمة في سوريا. وبينما تعقد الفصائل العسكرية اجتماعاتها أمس واليوم الأربعاء، في إسطنبول وأنطاكيا، لتأليف وفد للقاء دي ميستورا، أرجأ وفد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة موعد لقائه بالمبعوث الدولي بعدما كان يفترض أن يلتقيه اليوم الأربعاء، إلى الأسبوع المقبل.
وأوضح دي ميستورا للإعلام أمس: «نبدأ اليوم سلسلة نقاشات مباشرة مع كثير من الجهات الضالعة في النزاع السوري» لتقييم إمكانات بدء جولة جديدة من المفاوضات». وأضاف: «في أواخر يونيو (حزيران) (...) سنقيّم الوضع ونتخذ قرارا بخصوص المرحلة التالية».
وأشار إلى الطابع الطارئ للوضع، معتبرا أن النزاع السوري هو «المأساة البشرية الأفظع منذ الحرب العالمية الثانية من حيث أثرها الإقليمي»، كما أكد على «ضرورة عدم التخلي» عن «التصميم» على حل الأزمة.
من ناحيته قال رئيس الهيئة القانونية في الائتلاف هيثم المالح، الذي كان ضمن الوفد المفترض أن يجتمع بالمبعوث الدولي إلى جانب نائب رئيس الائتلاف هشام مروة وسمير النشار، إنّ رئيس الائتلاف خالد خوجة قرّر تأجيل اللقاء إلى ما بعد اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الأسبوع المقبل، وبينما أكد لـ«الشرق الأوسط» أنّه ليست هناك أية أسباب مهمّة وراء التأجيل، لفت إلى أن الائتلاف سيقدّم للمبعوث الدولي وثيقة المبادئ السياسية التي سبق له أن أعدّها، إضافة إلى مذكّرة تتضمن رؤية عامة للحل السياسي كان قد أعدّها الوفد المفاوض في مؤتمر جنيف.
ورأى المالح أنّ المشاورات ومؤتمر جنيف لن يؤديا إلى حل ككل المحاولات السابقة، معتبرا أنّ دي ميستورا يحاول تشتيت المعارضة وتعويم الرئيس السوري بشار الأسد، بعدما بات المجتمع الدولي يعطي الألوية لمحاربة تنظيم داعش ونسي كل الجرائم التي يقوم بها النظام الذي دمّر أكثر من 70 في المائة من سوريا وهجّر نصف الشعب، ويقاتل إلى جانبه 28 فصيلا مؤلفة من 60 ألف مقاتل من جنسيات مختلفة. ورأى أنّ «الزمن يسير لصالح الثوار»، معتبرا أنّ الوقائع تدلّ على أنّ الحل السياسي في سوريا لن يجدي نفعا، ونهاية الأسد لن تكون إلا عسكرية، مضيفا: «الأسد وعائلته والطائفة العلوية باتوا على قناعة أن النظام بدأ يتفكّك، وخير دليل على ذلك تحويل الأسد مبلغ 14 مليون دولار إلى بيللاروسيا»، وفق قوله.
كذلك، قال عضو مجلس القيادة العسكرية العليا في الجيش الحر، رامي الدالاتي، إنّ ممثلي نحو 14 فصيلا عسكريا، أهمها، (جيش الإسلام وأحرار الشام وصقور الشام وجيش المجاهدين) يعقدون اجتماعات يومي الثلاثاء والأربعاء (أمس واليوم) في تركيا لتأليف وفد للقاء دي ميستورا، معتبرا أنّه «إذا استمرت الوقائع على الأرض لصالح المعارضة كما هي الآن فقد لا نحتاج إلى مؤتمر جنيف». ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الفصائل العسكرية مصرّة على لقاء دي ميستورا وتقديم موقفها موحّدة، رغم أنها لا تعتبره وسيطا نزيها»، موضحا: «دي ميستورا قدّم دعوات شخصية لنحو 100 شخصية في الفصائل العسكرية، وكان يصرّ على اللقاءات المنفردة ليعود ويقول لاحقا أنّ المعارضة منفصلة ومشتتة، لكننا سبق أن أكدنا له إصرارنا على التعبير عن موقفنا الموحد، وقد أبدى مرونة في هذا الأمر».
وشدّد دالاتي على أنّ مطالب الفصائل العسكرية وشروطها للمشاركة في مؤتمر جنيف ستؤكّد على رفض بقاء الأسد في مستقبل سوريا وحلّ الأجهزة الأمنية»، مضيفا: «مصير الأسد الأهم بالنسبة إلينا، بينما يبدو واضحا أنّه الأقل أهمية بالنسبة إلى المجتمع الدولي ودي ميستورا».
وبدأ المبعوث الدولي إلى سوريا محادثات واسعة في جنيف مع عدد من الأطراف الإقليمية والمحلية في النزاع السوري بينها إيران، في محاولة لإحياء المحادثات المتوقفة الهادفة إلى وقف النزاع في سوريا.
وبينما من المتوقع أن يلتقي أطرافا سياسية وعسكرية ونساء وضحايا ورجال دين وممثلين عن المجتمع المدني والشتات السوري، رفض الكشف عن هويات الجماعات العسكرية أو غيرها من الجماعات التي ستشارك في النقاشات. وإلى جانب الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، دعيت دول المنطقة التي تمارس نفوذا على أطراف النزاع، كإيران التي كانت قد استبعدت عن مؤتمرين دوليين حول سوريا نظمتهما الأمم المتحدة في 2012 و2014، وكذلك دعيت السعودية وتركيا. وأكد دي ميستورا أن المجموعات التي تعتبرها الأمم المتحدة «إرهابية»، مثل جبهة النصرة أو تنظيم داعش، لم تتم دعوتها إلى مؤتمر جنيف. وهدف المحادثات معرفة ما إذا كانت الأطراف المتحاربة «مستعدة للانتقال من مرحلة المشاورات إلى المفاوضات»، استنادا إلى إعلان جنيف الصادر في 30 يونيو 2012.
وإعلان جنيف وثيقة وقعتها القوى الكبرى كخطة للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في ختام أول مؤتمر دولي حول النزاع السوري أطلق عليه «جنيف – 1»، من دون أن تجد طريقها إلى التطبيق.
وأكد دي ميستورا أن المبعوثين السابقين لسوريا - الأمين العام السابق لأمم المتحدة كوفي أنان والدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي اللذين ساعدا في التوصل إلى اتفاقي السلام «جنيف1» و«جنيف2»، «لم يرتكبا أية أخطاء». وقال إن فشلهما يعود إلى ما وصفه بـ«التحركات السريعة على الأرض، وقال إن الرجلين نصحاه بـ«لقاء أكبر عدد ممكن من الناس».
وأضاف: «لقد دخل النزاع عامه الخامس، ومرت ثلاثة أعوام منذ إقرار إعلان جنيف ولم تكن هناك متابعة له أو أي تحرك»، مؤكدا أن «علينا مضاعفة جهودنا للبحث عن عملية سياسية. وهذا رأي يشترك فيه المجتمع الدولي الأوسع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.