إسقاطات من سيرة ذاتية ومقاربات لتجارب مُهَمَّشَة

إسقاطات من سيرة ذاتية ومقاربات لتجارب مُهَمَّشَة
TT

إسقاطات من سيرة ذاتية ومقاربات لتجارب مُهَمَّشَة

إسقاطات من سيرة ذاتية ومقاربات لتجارب مُهَمَّشَة

بعد نحو عقدين من إصدار أول عمل روائي له، يعود الكاتب والمترجم السعودي الدكتور أحمد الشويخات، برواية جديدة تحمل اسم: «الأمريكي الذي قرأ جلجامش»، من إصدارات «مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع» بالدمام. تقع الرواية في 440 صفحة وتتوزع على 10 فصول.
وهي تغوص في الميثالوجيا العراقية، مستلهمة الرواية عوالم «ملحمة جلجامش»، لتقدم من خلال ذلك تجارب شخوص من ثقافات مختلفة؛ سواء أكانوا من الولايات المتحدة أم العراق أم السعودية لإبراز المشتركات والقيم الإنسانية التي تجمع البشر وتوحدهم.
تدور أحداث الرواية بين سان فرنسيسكو في الولايات المتحدة، وشرق السعودية، والعراق، وأماكن أخرى، حيث يتنقل بطل الرواية «ديفيد بوكاشيو»، وهو أميركي من أصول إيطالية، حاملاً معه غرابة أطواره وغرامه منذ صباه باللغة العربية والعالم العربي وبملحمة العراق القديمة «جلجامش». فقد بدأ العمل في شركة النفط في السعودية، لتنتهي به أسفاره ليعمل وهو في الستين من عمره مترجماً مع الجيش الأميركي في العراق 2005. وبسبب تعلقه بالعراق وتعاطفه مع العراقيين يصبح موضع شك في محيطه.
وخلال الحروب الداخلية والخارجية في العراق، يجد نفسه عالقاً لا يتمكن من العودة إلى مدينته (سان فرنسيسكو)، لكن هذه المعاناة تتيح له التعمق أكثر في دراسة ملحمة «جلجامش» والتمعن في تفاصيلها، كما إن تجاربه في العراق، بما في ذلك تجربته في الترجمة، وحياته في أجواء متوترة، تعيد صياغة تفكيره ومواقفه.
الرواية، في أحد مستوياتها، مقاربة لتجارب إنسانية عابرة للحدود، مُهَمّشَة وأحياناً مَنسية، كما أنها تأملٌ في المكان وثرائه الثقافي المتنوع وفيما يوحد البشر ضمن تعدد الثقافات والهويات واختلافها. كما تقارب تأثيرات الفن والتاريخ في صياغة الوعي. حيث تمنح ملحمة جلجامش نصوصاً وشخصية للقارئ رؤى جديدة تؤثر في فهم الواقع وتدفع نحو فعل إنساني جديد، وهي، كما هو معروف، أول ملحمة معروفة في التاريخ يعود تاريخ كتابتها على ألواح الطين إلى نحو 2500 سنة قبل ميلاد المسيح.
ويمثل امتداد الرواية من حضارة وادي الرافدين نحو الجزيرة العربية، اتصالاً طبيعياً حيث أوشاج الصلة الحضارية كانت مترابطة باستمرار. أما زمان الرواية، فهو الآخر مضطرب وعاصف بالأحداث التي مرت بالعراق، مما يملأ أجواء الراوية بالتفاصيل والأحداث.
وثمة إسقاط بيّن وواضح، بين شخصيتي الرواية الرئيسيتين، وبين السيرة الذاتية لكاتب الرواية أحمد الشويخات، فـ«الأمريكي الذي قرأ جلجامش» تستعيد وقائع عاشها بطلها «ديفيد بوكاشيو»، مع رجب سمعان، وهو مواطن سعودي مُحب للفنون والترجمة كذلك، وقد التقيا قبل الذهاب إلى العراق في شركة «أرامكو» في الظهران بالسعودية، في صيف 1977، وتوطدت بينهما صداقة أساسها الميول المشتركة نحو الفنون. وبعد سنوات، ظن الجميع أن رجب سمعان مات غرقاً في الخليج، وخلال الرواية يكتشف ديفيد بوكاشيو أن صديقه القديم أكثر عمقاً وغرابة مما تصور.
وللمصادفة... فإن بطل الرواية الأول كان يعمل مترجماً، وبطلها الثاني سمعان كان محباً للترجمة!، وهو ما يتشارك معهما فيه كاتب النص.
ومن خلال السرد الذاتي، تحاول الشخصيات إعادة التموضع في عالم صعب ومعقد، كما تُظهر الرواية شغف بعض الشخصيات بالفنون بصفتها منجزاً إنسانياً غير نهائي قابلاً لإعادة القراءة والتأثير، رصيداً روحياً للتعامل مع العالم.
وكان المؤلف قد أصدر رواية «نبع الرمان»، عن «دار الكنوز» في بيروت عام 1999، وترجم إلى العربية كتاب «ملخص للأدب الإنجليزي» من تأليف ثورنلي وجينيث، (دار المريخ، الرياض، 1990)، وحرر باللغة الإنجليزية وأشرف على ترجمة كتاب «شعر من المملكة العربية السعودية»، وكتاب «قصص من المملكة العربية السعودية» الصادرين بالإنجليزية عن «نادي المنطقة الشرقية الأدبي» في 2019، وكتب مقدمتي الكتابين.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.