الترشيحات للانتخابات تنقسم بين «أتباع إيران» و«حلفاء أميركا»

«حزب الله» في مواجهة «القوات» و«الاشتراكي» و«الكتائب»

TT

الترشيحات للانتخابات تنقسم بين «أتباع إيران» و«حلفاء أميركا»

يخوض المرشحون للانتخابات النيابية في لبنان معركتهم تحت شعارين متقابلين: أحدهما تمثله أحزاب «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» التي يؤكد ممثلون عنها أن المعركة الانتخابية بمواجهة التمدد الإيراني، في مقابل «حزب الله» الذي يتهم الولايات المتحدة بالتدخل في الانتخابات، ويعتبرها «معركة مواجهة مع شخصيات مقربة من واشنطن في لبنان».
وبدا الشعاران أمس أكثر وضوحاً في تصريحات أدلى بها ممثلو الأحزاب التي تتنافس على الأكثرية النيابية، إذ أكد عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور أن تسليم لبنان لإيران، لن يتحقق، فيما قال عضو كتلة «حزب الله» النيابية حسن عز الدين: «إننا ننظر إلى هذه الانتخابات بمسؤولية وجدية أكبر، لأنها معركة في مواجهة الأميركيين وأدواتهم في هذا البلد».
وقال أبو فاعور إن «كارثة لبنان الكبرى كانت في اتفاق مار مخايل الذي يعني بحقيقته تسليم لبنان إلى إيران، مقابل إرضاء جشع التيار الوطني الحر الرئاسي والسلطوي، والذي تم تحقيقه بانتخاب الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية»، في إشارة إلى اتفاق مار مخايل بين «التيار» و«حزب الله» في عام 2006. وأضاف أبو فاعور: «رئاسة عون في هزيعها الأخير وتسليم لبنان لإيران لن يكون».
وفي السياق، قال النائب عن «القوات اللبنانية» أنطوان حبشي إنه في هذه الانتخابات «إما سنغير وجهة لبنان بالكامل أو سنحافظ عليه لكل أهله وشعبه». وشدد حبشي، ضمن إطار سلسلة اللقاءات مع مرشحي الحزب للانتخابات النيابية 2022. على أن «السلاح أو القوة أو أعداد المقاتلين لا يخيف أحداً، لأنه لو استطاعت هذه الأمور أن تعطي الحل لكان لبنان اليوم لا يعاني من حال التخبط ولكان صاحب القدرة والقوة حلها بالقوة»، مؤكداً أن «القوة لا تحل شيئاً». ورأى أن مسرح المعركة «هو صندوق الانتخابات والمعركة ليست على نائب إنما على لبنان، إما أن نحافظ على إرثه التاريخي أو نراه يقع. المعركة ليست على جبهة واضحة إنما في كل الميادين».
ورأى حبشي أن «هذه الانتخابات ليست عادية إنما ستقرر مصير لبنان، وكل شخص مسؤول»، مشيراً إلى أنه «كما يضحكون اليوم على موضوع الحياد، غداً سيذهبون في اتجاهه»، موضحاً أن «الانتخابات ليست حلاً سحرياً إنما بإمكانها أن توقف التدهور كي نجد الوسائل الممكنة للنهوض».
في المقابل، يكرر «حزب الله» أن المعركة الانتخابية تُخاض مع حلفاء الولايات المتحدة في لبنان. وقال النائب عنه حسن عز الدين إن «الانتخابات النيابية هي فرصة مهمة وضرورية لممارسة الشعب اللبناني إرادته وخياراته التي تحدد المرحلة المقبلة، والتي ستكون حساسة ودقيقة، كما أنها ستكون مؤثرة في المسار السياسي والاقتصادي الذي يعاني منه لبنان»، مضيفاً: «كلما كان تمثيل الخط الوطني وحلفائه أكبر داخل المجلس النيابي الجديد، ستكون هناك قدرة على الحفاظ على هوية لبنان المقاوم، والحفاظ على الإنجازات التي تحققت على مدى العقود الماضية، فضلاً عن حفظ ثرواته وسيادته وأهله». وأضاف عز الدين: «إننا ننظر إلى هذه الانتخابات بمسؤولية وجدية أكبر، لأنها معركة في مواجهة الأميركيين وأدواتهم في هذا البلد».
في هذا الوقت، تتواصل الترشيحات للانتخابات في أكثر من دائرة. وفيما يعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الترشيحات غداً الاثنين، ويطلق «القوات» ماكينته الانتخابية غداً الاثنين أيضاً، يواصل «التيار الوطني الحر» حسم مرشحيه للانتخابات. وذكرت وكالة الأنباء المركزية أمس أن رئيس التيار «الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل اجتمع بالوزير السابق إلياس بو صعب للمرّة الثانية خلال يومين للبحث في ترشيح الأخير عن المقعد الأرثوذكسي في المتن الشمالي. وبنتيجة الاجتماع، قرّر بو صعب الترشّح في الانتخابات على أن يقدّم رسمياً أوراقه إلى وزارة الداخلية والبلديات مطلع الأسبوع المقبل.
وسيعلن باسيل رسمياً عن ترشيح بو صعب اليوم الأحد من ضمن الأسماء الحزبيّة المرشحة للانتخابات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.