احتجاجات في نواكشوط ضد استهداف موريتانيين بمالي

دعوات إلى {القصاص} بعد أنباء عن تعرض رعايا لـ {قتل متعمد}

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات في نواكشوط ضد استهداف موريتانيين بمالي

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)

نظم عشرات الموريتانيين أمس احتجاجاً أمام القصر الرئاسي بالعاصمة نواكشوط ضد جيش دولة مالي بعد أنباء عن استهدافه عدداً من المواطنين الموريتانيين داخل الأراضي المالية، بشكل متكرر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية أمس.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب الجيش الموريتاني والسلطات بتحمل مسؤولياتهم تجاه ما اعتبروه «استهدافاً متكرراً» و«قتلاً متعمداً» لموريتانيين داخل الأراضي المالية، وذلك على خلفية فقدان مجموعة من الموريتانيين داخل التراب المالي منذ السبت الماضي، والذين ما زال مصيرهم مجهولاً.
ودعا المتظاهرون إلى «القصاص» من الجيش المالي و«وقف اعتداءاته»، وعبروا عن استيائهم من استمرار هذا النوع من الاستهداف بالقتل والذبح، ومن عدم اتخاذ إجراءات مناسبة رادعة لجيش مالي.
وكانت وزارة الداخلية الموريتاني قد أكدت في بيان فقدان الاتصال بمجموعة من الموريتانيين، وقالت إنها تتحرى مصيرهم بشكل دقيق، فيما أكد النائب البرلماني محمد محمود ولد حننا، من مدينة باسكنو الموريتانية، القريبة من الحدود مع مالي، مقتل 15 مفقوداً موريتانياً في البلاد.
وكانت الحكومة الموريتانية قد أكدت أول من أمس أنها تبذل كل ما في وسعها لمعرفة مصير عدد من مواطنيها، الذين فُقدوا وفقاً لها في المنطقة الحدودية مع مالي. وتحدث نائب موريتاني عن مقتل 15 شخصاً على الأقل من بين مجموعة موريتانيين، فقد أقاربهم الاتصال بهم على الجانب المالي من الحدود.
وفي هذه المنطقة النائية جنوب بلدة عدل بكرو، الواقعة شرق البلاد، يعيش العديد من الموريتانيين في الأراضي المالية، أو يمارسون أنشطتهم هناك، ولا سيما تربية الماشية. ولإزالة مخاوف عائلاتهم، أكدت وزارة الداخلية الموريتانية في بيان أنها «اتخذت كافة الإجراءات اللازمة، وعلى جناح السرعة، للتأكد من مصير المواطنين المفقودين، وتقصي المعلومات الدقيقة بشأنهم». أما محمد محمود ولد حننا، النائب عن مقاطعة باسنكو الحدودية مع مالي، فقد قال مساء الاثنين إن «عدد القتلى الذين تأكدت وفاتهم نحو 15 شخصاً».
ولم يتحدث ولد حننا عن ملابسات اختفائهم، في حين نشرت تسجيلات صوتية على مواقع التواصل الاجتماعي، منسوبة إلى شهود عيان، لم يتسن التحقق منها، تشير إلى تورط الجيش المالي.
كما لم يتسن الحصول على تعليق من السلطات المالية حول الموضوع.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي قُتل سبعة موريتانيين في مالي، قرب بلدة نارا الحدودية مع موريتانيا، وكان الضحايا مربِّي ماشية بحسب وسائل إعلام موريتانية. وعلى إثر ذلك أعلنت الحكومة المالية فتح تحقيق، وأكدت عدم تورط أي عنصر من الجيش المالي.
وتشهد مالي اضطرابات أمنية وسياسية منذ اندلاع تمرد انفصالي عام 2012، تلاه آخر لجماعات متشددة. وتسببت هجمات الجماعات المسلحة، التابعة لتنظيمي القاعدة وتنظيم داعش المتطرف، والعنف الأهلي وكذلك انتهاكات الجيش، في مقتل آلاف المدنيين والعسكريين. ولم تشهد موريتانيا أي هجمات على أراضيها منذ عام 2011.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.