ارتفاع معدلات الجريمة والانتهاكات الانقلابية في إب اليمنية

TT

ارتفاع معدلات الجريمة والانتهاكات الانقلابية في إب اليمنية

في وقت لا تزال فيه محافظة إب اليمنية (193 كلم) تعاني من فوضى عارمة وانفلات أمني غير مسبوق زادت معه معدل الجرائم اليومية التي تقف خلفها عصابات على ارتباط وثيق بقيادات حوثية، أفادت تقارير محلية بأن المحافظة و22 مديرية تابعة لها شهدت ارتكاب الميليشيات لآلاف الانتهاكات والجرائم، شمل بعضها القتل والسرقة والسطو المسلح والاختطاف والتعذيب ونهب ومصادرة الممتلكات.
وذكرت التقارير أن منسوب الجرائم التي ارتكبت معظمها الميليشيات ارتفع في نفس المحافظة إلى أضعاف ما كان عليه في السابق، إذ سعت الميليشيات جاهدة منذ انقلابها إلى إحداث فوضى أمنية واجتماعية عارمة، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على حياة ومعيشة ملايين اليمنيين.
في هذا السياق أحصى تقرير حقوقي حديث وقوع أكثر من 3419 جريمة وانتهاكا ارتكبتها الميليشيات الحوثية في محافظة إب خلال العامين الماضيين.
وذكرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير لها، أن حالة حقوق الإنسان في إب شهدت خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2020، وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2021 انتهاكات حوثية واسعة تنوعت بين القتل والاعتداء والاختطاف، ونهب الممتلكات بصورة فردية وجماعية.
ووثقت الشبكة مقتل 213 مدنياً بينهم أطفال ونساء وكبار في السن على أيدي الميليشيات، وإصابة 189 بينهم 9 أطفال و8 نساء و8 مسنين، إلى جانب الاعتداء بالضرب على 121 آخرين، بينهم 26 طفلاً و21 امرأة و18 مسناً.
ورصد التقرير 13 جريمة اغتيال، و9 جرائم إعدام وتصفية لقيادات سياسية ووجاهات اجتماعية، و9 جرائم قتل تحت التعذيب لمختطفين. وأكد أن الجماعة الانقلابية اختطفت خلال ذات الفترة 482 مواطناً في إب بينهم أطفال ونساء.
وسجل التقرير 65 حالة تعذيب لمختطفين في سجون الجماعة، ونحو 532 حالة تضرر لحقت بالممتلكات العامة والخاصة جراء المداهمة الحوثية، منها 492 منشأة سكنية تعرضت للاقتحام والتفتيش والعبث بالمحتويات وترويع ساكنيها بمن فيهم النساء والأطفال، إلى جانب تفجير 12 منزلاً.
وتحدث التقرير عن نهب الجماعة لعدد 65 مزرعة وإتلافها 12 مزرعة أخرى كليا، فضلا عن نهب عدد 38 مركبة ووسيلة نقل.
ومع ارتفاع حدة جرائم الميليشيات في المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية، اتهم سكان في إب الجماعة الانقلابية بمواصلة تغاضيها وتجاهلها للوضع الأمني والمعيشي المتدهور الذي وصلت إليه محافظتهم والقاطنون فيها وفي بقية المدن تحت سيطرتها.
وشكا بعض السكان، لـ«الشرق الأوسط» من الانتشار المخيف للجريمة بمختلف أنواعها، ومن تعدد جرائم القتل والسلب والسرقات بمناطقهم بطريقة غير معهودة. وذكروا أن الميليشيات تواصل منذ انقلابها واجتياحها المحافظة تسخير كل جهدها في استكمال مخطط «حوثنة» ما تبقى من المناصب القيادية وما دونها بكافة مؤسسات الدولة في إب.
وأوضحوا أن المساعي الحوثية لا تزال متواصلة في تحويل المحافظة وجميع مؤسساتها إلى مراكز جباية ونهب أموال، وتعيين قادة الميليشيات القادمين من صنعاء وعمران وصعدة في مناصب لمكاتب أمنية وإيرادية.
وعلى صعيد الجرائم الجنائية التي تشهدها محافظة إب، كشف تقرير محلي حديث أنها شهدت خلال الشهرين الماضيين وقوع أكثر من 580 جريمة متنوعة أغلبها قُيدت لدى سلطات الميليشيات الأمنية في إب ضد مجهولين.
وأشار التقرير إلى أن حوالي 525 جريمة تم تسجيلها في المحافظة خلال الشهر الفائت، منها عدد 175 جريمة جسيمة.
ولم يرد في الإحصائية أي تفاصيل أخرى عن نوعية الجرائم المرتكبة في إب، كما لم تتضمن أيضا جرائم القتل الناتجة عن الانتهاكات الأمنية التي ترتكبها الجماعة بحق أبناء المحافظة، والتي حدثت وتحدث بشكل شبه يومي، من أبرزها جرائم القتل والاعتداءات والنهب والسطو على الأراضي والممتلكات الخاصة بالمواطنين.
ومنذ سيطرة الجماعة الحوثية على المحافظة زادت معدلات الجريمة بشكل يومي بالتزامن مع انتهاكات واسعة للحقوق والحريات وعمليات سطو ونهب لممتلكات المواطنين بعموم مديريات المحافظة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».