وفد أفغاني يلتقي عناصر من طالبان خلال مؤتمر في قطر

جزء من مؤتمر إقليمي وخطوة كبيرة نحو بدء محادثات رسمية لإنهاء الحرب

قوات أفغانية على أطراف مطار قندوز أمس (رويترز)
قوات أفغانية على أطراف مطار قندوز أمس (رويترز)
TT

وفد أفغاني يلتقي عناصر من طالبان خلال مؤتمر في قطر

قوات أفغانية على أطراف مطار قندوز أمس (رويترز)
قوات أفغانية على أطراف مطار قندوز أمس (رويترز)

يلتقي وفد من الحكومة الأفغانية ممثلين عن حركة طالبان، في قطر أثناء المشاركة في مؤتمر حول السلام بينما يشتد موسم المعارك في أفغانستان، كما أفاد مسؤولون، أمس، وسيشارك 20 مسؤولا أفغانيا، اليوم وغدا، في المؤتمر الذي تنظمه حركة داعية للسلام. وتفيد المعلومات بأن الاجتماع تنظمه مؤسسة يطلق عليها اسم «مؤسسة باجواش»، وهي تتبع لرجل أعمال إيطالي.
كان من المقرر أن ينعقد الاجتماع بين طالبان والحكومة في تركيا غير أن الرئيس الأفغاني أشرف غني فضل أن ينعقد في قطر، ومن المقرر أن يشارك فيه نحو عشرين عضوا من الحكومة الأفغانية ومن الجماعات المسلحة الأخرى إلى جانب طالبان. وقد يمثل الاجتماع، وهو جزء من مؤتمر إقليمي، خطوة كبيرة نحو بدء محادثات رسمية لإنهاء الحرب، لكن لم يتضح اليوم إن كان زعيم طالبان الذي لم يشاهد علنا منذ سنوات قد وافق على الاجتماع.
وأبلغ قائد الجيش الباكستاني الرئيس الأفغاني أشرف غني، في فبراير (شباط)، أن شخصيات بارزة في طالبان لا تمانع في إجراء محادثات مع كابل، لكن حتى الآن لم تظهر مؤشرات على حدوث تقدم. وقال عطاء الله لودين، نائب رئيس المجلس الأعلى للسلام، إن الوفد المكون من 20 فردا سيحضر محادثات مقررة يومي الأحد والاثنين في قطر. وقال: «المناقشات المفتوحة تقوم على السلام في أفغانستان. سيكون هناك مندوبون من أفغانستان وباكستان وطالبان وبعض المنظمات الأخرى». ولم تحقق جهود سابقة أي تقدم لفتح قنوات اتصال بما في ذلك فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر في 2013 في إطار مبادرة ترعاها أميركا للترويج للمحادثات.
وأبدت طالبان في الآونة الأخيرة رغبة أكبر في القتال وليس المحادثات. وفي الأسبوع الماضي دخل مقاتلو الحركة مشارف عاصمة إقليم قندوز. وأكد المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، أن وفدا مؤلفا من ثمانية من أفراد طالبان سيحضر مؤتمرا في قطر بداية الأسبوع المقبل تنظمه منظمة باجواش الدولية التي تروج للحوار لحل النزاعات، والتي فازت بجائزة نوبل للسلام في عام 1995.
لكنه قال إن مشاركة الحركة: «لا تعني على الإطلاق محادثات سلام أو مفاوضات».
لكن مسؤولا كبيرا من طالبان في قطر، طلب عدم نشر اسمه، قال إنه «ستكون هناك اجتماعات وجها لوجه بين مسؤولين أفغان ومسؤولين من طالبان». وذكر أنه حضر اجتماعات على مستوى رفيع نوقش خلالها مع من سيجتمع وفد طالبان بشكل مباشر وبشكل غير مباشر من المسؤولين الأفغان وكذلك من باكستان ودول أخرى. ومضى يقول: «الأمر محاط بسرية تامة حتى الآن».
ولم يتسنَ على الفور الوصول لوزارة الخارجية الباكستانية للتعقيب.
وأكد مجاهد ومسؤول طالبان في قطر أن منظمة باجواش هي التي تنظم المؤتمر.
ولم يتم الرد على رسائل أرسلت إلى مكاتب باجواش في أوروبا والولايات المتحدة. ويقول موقع المنظمة إنها «عقدت اجتماعا في 2013 بشأن المصالحة الأفغانية في دبي وصفته بأنها مبادرة تهدف إلى مناقشة أفكار ومقترحات بشكل غير رسمي».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».