تشديد أممي على الهدوء ودعم التوافق في ليبيا

قبل جلسة البرلمان في طبرق لتمرير حكومة باشاغا

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة مشاركاً في احتفال بتخريج دفعة أمنية جديدة في العاصمة طرابلس (الحكومة الليبية)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة مشاركاً في احتفال بتخريج دفعة أمنية جديدة في العاصمة طرابلس (الحكومة الليبية)
TT

تشديد أممي على الهدوء ودعم التوافق في ليبيا

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة مشاركاً في احتفال بتخريج دفعة أمنية جديدة في العاصمة طرابلس (الحكومة الليبية)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة مشاركاً في احتفال بتخريج دفعة أمنية جديدة في العاصمة طرابلس (الحكومة الليبية)

تتجه أنظار الليبيين اليوم، إلى مقر مجلس النواب بمدينة طبرق بأقصى شرقي البلاد، حيث ستعقد جلسة منح الثقة لحكومة الاستقرار الجديدة برئاسة فتحي باشاغا بديلاً لحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وبعد مرور عام على تولي الدبيبة السلطة منذ شهر مارس (آذار) الماضي، سيتعين على أعضاء مجلس النواب التصويت لتمرير حكومة غريمه باشاغا وسط أجواء من التوتر السياسي والعسكري في البلاد.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن اجتماع الدبيبة رفقة 5 أعضاء من النواب الداعمين للحكومة بمقره في العاصمة طرابلس، لمناقشة جلسة مجلس النواب اليوم، لمنح الثقة للحكومة الجديدة، مشيرة إلى إعلان النواب الخمسة دعمهم لبقاء الدبيبة على رأس الحكومة حتى إجراء الانتخابات المقبلة.
وبدا أمس، أن حكومة الوحدة تتعرض لابتزاز من بعض المحسوبين عليها، حيث طالبها أمس، منتسبو بعض الكتائب التابعة لوزارة الدفاع ورئاسة الأركان بالمنطقة الغربية، بصرف رواتبهم المتوقفة منذ 2014.
ودعوا الدبيبة باعتباره وزير الدفاع للتدخل العاجل والفوري ومخاطبة الجهات المختصة بصرف مستحقاتهم.
في المقابل، أعلن «اتحاد المكونات السياسية والاجتماعية بمدينة الزاوية» تأييده لجهود مجلس النواب بإعداد خريطة طريق تنهي الانقسام الذي تسبب فيه الدبيبة، وإقرار حكومة جديدة برئاسة باشاغا.
واتهم في بيان له أمس، حكومة الوحدة بإفشال الانتخابات والاستحواذ على الحكم وتحويل ليبيا لمملكة خاصة بعائلة الدبيبة.
بدوره، أكد الدبيبة أمس، في حفل أقامته وزارة الداخلية لتخريج دفعة من عناصر جهاز مكافحة المخدرات بمعهد تدريب الشرطة في العاصمة طرابلس، أن حكومته «عازمة على تخريج دفعة تلو الأخرى لتفكيك هذه العصابات الإجرامية حفاظاً على مقدرات البلاد»، مؤكداً دعم الحكومة لوزارة الداخلية ومراكز مكافحة المخدرات وغيرها من الأجهزة الأمنية لمحاربة هذه الظواهر الهدامة في المجتمع وقطع الطريق على كل تجار المخدرات حتى يعم الأمن والاستقرار جميع ربوع الوطن.
وكان الدبيبة قد أكد مساء أول من أمس، خلال حضوره دورة إعداد القادة التي نظمها فوج مصراتة للكشافة دعمه للحركة الكشفية في كامل ربوع البلاد.
ونفت حكومة الوحدة مساء أول من أمس، ما أشيع عن قيامها بإيفاد أكثر من 500 شخص للعمل بسفارتها في الخارج، وقالت في بيان مقتضب إنها تتعرض لحملات مضللة، نافية صحة المتداول عبر صفحات التواصل الاجتماعي بشأن صدور قرار بالخصوص.
من جهتها، قادت المستشارة الأممية الخاصة لدى ليبيا ستيفانى ويليامز، وفداً من بعثة الأمم المتحدة لزيارة مفاجئة أمس، إلى مدينة صبراتة، حيث ناقشت مع عميد وأعضاء مجلسها البلدي وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، وضرورة إجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
وكانت ويليامز استغلت اجتماعها مساء أول من أمس، رفقة رئيس بعثة الأمم المتحدة بالإنابة، ريزدون زيننغا، مع مجموعة من الشخصيات السياسية الليبية في طرابلس للتشديد على ضرورة «الحفاظ على الهدوء ودعم التوافق السياسي وإعلاء مصلحة جميع الليبيين».
وقالت ويليامز إن الوفد عرض مقترحات لمعالجة الوضع السياسي الحالي والعودة إلى مسار إجراء الانتخابات وتعزيز دور المرأة والمكونات الأخرى وإدماجهم في العملية السياسية.
وأعلن متحدث باسم قبائل الطوارق غلق الطريق المؤدية لحقل الشرارة النفطي في جنوب ليبيا، الذي يعد الأكبر في البلاد احتجاجاً على عدم منحهم الرقم الوطني.
وحذر حسين كويوي الناطق باسم مجلس شيوخ القبائل من تحول الاحتجاج إلى ما وصفه بـ«عصيان عسكري».
وتبلغ طاقة حقل الشرارة 300 ألف برميل من النفط الخام يومياً، علماً بأنه تعرض في السابق لعمليات إغلاق متكررة، ما تسبب في خسائر بملايين الدولارات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.