إسرائيل تلجم النشاط الاقتصادي للصين

تجاوباً مع ضغوط أميركية ولمكافحة التجسس التكنولوجي

TT

إسرائيل تلجم النشاط الاقتصادي للصين

اتخذت الحكومة الإسرائيلية سلسلة إجراءات احتياطية لتقليص النشاط الاقتصادي للصين، وذلك ليس فقط تجاوباً مع الضغوط الأميركية، بل أيضاً لمكافحة ظواهر التجسس التكنولوجي الذي يستهدف أسراراً علمية وأمنية وغيرها.
وقالت مصادر أمنية مطلعة إن «هناك مؤشرات عامة حقيقية ولكن قليلة عن التجسس الصيني في إسرائيل، لكن من المرجح أن يرى مجتمع الاستخبارات في إسرائيل صورة أوسع وأعمق. كافتراض عملي، من الصحيح التكهن بأن جهود الصين في إسرائيل للنهوض بأهدافها الاقتصادية والتكنولوجية مماثلة لتلك التي تعمل بها في دول متقدمة أخرى، ويتم تنفيذها في أنماط عمل مماثلة، مع تعديلات محلية».
وأكدت هذه المصادر أن القرار الإسرائيلي، جاء عقب دراسة أميركية، نشرت في يوليو (تموز) الماضي، عن معهد الأبحاث الأميركي (CSIS) كشفت عن أنماط العمل وأساليب التجسس التي تتبعها الاستخبارات الصينية في الولايات المتحدة.
وتحدثت الدراسة عن نحو 160 حادثة تجسس وقعت في الأعوام 2000 - 2021 ونُشرت تفاصيلها على الملأ. وقالت إن هناك ارتفاعاً كبيراً في حوادث التجسس ضد أهداف أميركية، منذ تعيين شي جين بينغ في منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني عام 2013، حيث تم توثيق 84 حدثاً. وقد تم إطلاع إسرائيل على هذا النشاط، وطُلب منها اتخاذ إجراءات لتقليص نطاق التعاون مع الصين. في البداية، تلكأت حكومة بنيامين نتنياهو في الإجراءات، لكن حكومة نفتالي بنيت غذّت السير في اتجاه التقليص وفرضت قيوداً معينة على النشاط الصيني.
ويقول نير بن موشيه، المسؤول السابق عن الأمن في وزارة الدفاع، الذي أدار عمليات تأمين الأنشطة الأمنية للوزارة، بما في ذلك نظام التطوير والصناعات الأمنية، إن «الصين تنظر إلى إسرائيل كقوة تكنولوجية رائدة، تمتلك قدرات متقدمة في التكنولوجيا العالية، والإنترنت، والطب، والزراعة وغيرها، ويمكنها تقديم مساهمة تكنولوجية في كل مجال تقريباً من مجالات برامج التمكين في الصين. لذلك، من المحتمل جداً أن تكون جهود التجسس الصينية تجري في إسرائيل أيضاً، كما هو الحال في دول أخرى ذات قيمة بالنسبة لها. لذلك تعد إسرائيل مصدراً جذاباً للتكنولوجيا التي تحتاج إليها الصين، كما هو مذكور صراحة في الشراكة الشاملة للابتكار الموقعة بين البلدين في عام 2017».
ويضيف بن موشيه: «من المحتمل جداً أن تكون المؤسسة الأمنية والعسكرية مستهدفة من قبل جهود الاستخبارات الصينية، سواء في حد ذاتها أو في ضوء العلاقات العميقة مع نظيراتها في الولايات المتحدة، المنافس الرئيسي للصين. ومن المحتمل أن تشمل أهداف الجهود أنظمة أسلحة رئيسية في إسرائيل، تم تطويرها بالتعاون مع الولايات المتحدة أو من إنتاجها. ومن المرجح أن التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية المتطورة التي يتم تصديرها إلى الخارج، مستهدفة من قبل أنشطة الاستخبارات الصينية».
يذكر أن «إسرائيل الرسمية» امتنعت عن توجيه أصابع الاتهام إلى الصين أو قوى أخرى للتجسس على أراضيها. وغالباً ما تعتمد على منشورات من مصادر تجارية وأجنبية. وفي أغسطس (آب) الماضي، مثلاً، كشفت شركة السيبر الدولية FireEye، عن تعرض عشرات الكيانات الخاصة والحكومية في إسرائيل من مختلف القطاعات، لهجوم إلكتروني منسق من قبل مجموعة قراصنة، نشأت على الأرجح في الصين، لأغراض التجسس التكنولوجي والتجاري والصناعي. وأوضحت الشركة، في بيانها، أنه يجري التحقيق في الحادث بالتعاون مع السلطات الإسرائيلية، لكن مصادر إسرائيلية رسمية لم تعلق على الحادث ونتائجه.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».