ليبيون يأملون بتجاوز «حكومة الاستقرار» لـ«عراقيل المحاصصة»

وسط ترقب لعرضها على مجلس النواب لنيل الثقة

رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يأملون بتجاوز «حكومة الاستقرار» لـ«عراقيل المحاصصة»

رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا (أ.ف.ب)

وسط تشكك البعض في خروج الحكومة المكلف بتشكيلها فتحي باشاغا، إلى النور، في ظل تقلب مواقف المجلس الأعلى للدولة، والتحديات التي قد تواجهها من بينها عراقيل المحاصصة، إلا أن نوابا برلمانيين يتوقعون نجاح باشاغا، في تقديم تشكيلة متوازنة ونيل ثقة النواب، وهو ما ذهب إليه عضو مجلس النواب الليبي، سليمان الفقيه، والذي اعتبر وجود أصوات معارضة للحكومة الجديدة سواء من بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة أو بالساحة السياسية، أمرا متوقعا ومقبولا به، ويعد شكلاً من أشكال الديمقراطية، لكن رأى أن محاولة إرضاء الجميع تعبر «غاية لا يتم إدراكها».
ودعا الفقيه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التفريق بين من يعارض لأهداف وطنية مقنعة، وبين من يسعى للتشويش على عمل الحكومة الجديدة ويعارض وجودها لمصالح شخصية ضيقة»، ورأى أن الصنف الأخير «يعارض لأنه لم يأخذ نصيبا كافيا من كعكتها، ويطرح دائما أسبابا واهية لتبرير مواقفه».
واستبعد الفقيه، أن يكون توزيع الحقائب السيادية بالحكومة الجديدة أحد أسباب الخلاف المبكر بين تحالف القوى الداعمة لها في شرق البلاد وغربها كما يطرح البعض. واستدرك: «مرحلة التقسيمات بين شرق البلاد وغربه، انتهت، بعدما توحد نواب الأمة تحت مظلة جامعة، ولم تفلح محاولات البعض مؤخراً شق صفهم من جديد»، وأردف: «النواب وحدهم طبقا للاتفاق السياسي والتعديل الدستوري الأخير أصحاب الحق الأصيل في منح الثقة لتلك الحكومة من عدمها».
ونوه إلى أن 147 نائبا حضروا جلسة تكليف باشاغا برئاسة الحكومة، وقد يرتفع العدد في جلسة منحها الثقة، وهؤلاء يمثلون أغلب مدن ومناطق البلاد بما تضمه من قوى سياسية وقبلية أو مجموعات مسلحة ومكونات ثقافية».
أما عضو مجلس النواب حسن الزرقاء، فقلل بدوره من المخاوف المثارة حول موقف المصرف المركزي من تمويل الحكومة الجديدة، وقال الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه فور منح الثقة لحكومة باشاغا ستسقط الصفة القانونية لأي قرارات تصدرها حكومة «الوحدة الوطنية»، وسيكون على محافظ المصرف المركزي، العمل والتنسيق معه، وإلا اعتبر مخالفا للقانون ويتم تغييره.ولفت إلى وجود توافق بين مجلسه والأعلى للدولة على تغيير المناصب السيادية «في أقرب وقت ممكن»، مقللاً من المخاوف بشأن استمرار تذبذب وتغير مواقف المجلس الأعلى للدولة تجاه الحكومة الجديدة، وعزا ذلك لوجود «صراع أجنحة داخل الأعلى للدولة».
وأوضح: «هناك جناح بالمجلس يرغب المشاركة بحكومة باشاغا ولكنه يعترض بشدة على إشراك مؤيدين للقيادة العامة للجيش الوطني معه في ذات التشكيلة الوزارية، وهو ذات الموقف الذي يتبناه عدد محدود من الكتائب والمجموعات المسلحة بالغرب الليبي». وأكمل «أتوقع أن التشكيلة الوزارية لن تعبر عن محاصصة جهوية أو سياسية بقدر ما ستكون محاصصة للكفاءات من كل المدن والأطياف بالدولة الليبية». أما المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، فاعتبر تحدي الدبيبة بأنه لن يسلم مهامه إلا لسلطة منتخبة، مجرد «مراوغة لكسب الوقت أملا في حدوث انفراجة غير متوقعة تعيد ميزان التأييد والدعم الداخلي والخارجي لصالحه، بعد أن تعزز موقف خصمه باشاغا بوصفه من قبل مسؤولين أمميين بكونه رئيس وزراء مكلفا.
ورغم تأكيده على استمرار التحشيد بالعاصمة، استبعد المهدوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إمكانية حدوث صراع مسلح بين التشكيلات المسلحة بالغرب الليبي، وخاصةً التي تنتمي لمدينة مصراتة، مسقط رأس باشاغا والدبيبة. وتابع: «أغلب قيادات التشكيلات المسلحة بالمدينة أعلنوا دعمهم لباشاغا باستثناء ما يعرف بزعيم ميلشيا «الصمود» صلاح بادي»، ورأى «أن تلك القيادات ومن يواليها من الجناح المتشدد بتيار الإسلام السياسي لن يكونوا قادرين على التحشيد ضد باشاغا، عبر احتكار الحديث باسم «ثورة فبراير» والخطاب الآيديولوجي لها، كون باشاغا أحد رموزها». واعتبر الناشط السياسي الليبي حسام القماطي، أن التحدي الحقيقي الذي يواجه باشاغا، هو كيفية الحصول على الثقة البرلمانية والإفلات في ذات الوقت من محاولة بعض النواب فرض أسماء بعينها لا تتمتع بالكفاءة لا في مواقع الوزراء فقط وإنما بالصف الثاني بالجهاز الإداري.
وحذر القماطي تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن «بعض الدول المتدخلة بالمشهد الليبي والتي ربما ترى أن باشاغا قد لا يكون الشخصية الأفضل لرعاية مصالحها في البلاد، من أنها قد تلجأ عبر الإغراء بالمال لتحريك عدد محدود من الميلشيات التي لا تلتزم بقرارات حواضنها المحلية، ليشعلوا الأوضاع وليعرقلوا عمل الحكومة».
وانتهى القماطي، إلى أن باشاغا «سيتعين عليه دائما العمل على الحفاظ على توازن القوى وإرضاء كافة حلفائه بالشرق والغرب كون أن انهيار تحالفهم قد يؤدي لحرب شاملة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».