قوننة «التعتيم الإلكتروني على الداخل السوري»

مجلس الشعب يشدد على صياغة «النيل من هيبة الدولة والموظف العام»

من مظاهرات السويداء التي عتم عليها النظام (السويداء24)
من مظاهرات السويداء التي عتم عليها النظام (السويداء24)
TT

قوننة «التعتيم الإلكتروني على الداخل السوري»

من مظاهرات السويداء التي عتم عليها النظام (السويداء24)
من مظاهرات السويداء التي عتم عليها النظام (السويداء24)

بعد جدل استمر لنحو الشهرين، حول مادتي «النيل من هيبة الدولة» و«النيل من هيبة الموظف»، في مشروع تعديل قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، أعلنت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس الشعب السوري، إقرارها «تعديل» المادتين، عبر إعادة صياغتهما «لجعلهما أكثر دقة».
وبحسب تصريح مقررة اللجنة غادة إبراهيم للإعلام المحلي، فإن اللجنة المشتركة الخاصة لمناقشة مشروع تعديل قانون «مكافحة الجريمة المعلوماتية»، أمس (الأحد)، فإن «الإساءة إلى الدولة أشد من الإساءة إلى الأشخاص، ويجب الفصل بين الجريمتين وعقوباتهما، إذ إن العقوبة في حال كانت الإساءة لموظف الدولة بصفته الوظيفية، أشد من الإساءة له بصفته الشخصية». كما رأت إبراهيم أن مشروع القانون، يهدف إلى «ضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي»، ولا يهدد حرية الصحافة والإعلام ولا يتعارض مع أي قانون آخر.
وسبق لوزارة الاتصالات في دمشق، أن اقترحت على مجلس الشعب، نقاش مشروع تعديل قانون «مكافحة الجريمة المعلوماتية» رقم 17 لعام 2012، نهاية العام الماضي، وتضمن مشروع التعديل تشديد العقوبات على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية، التي باتت المتنفس الوحيد للسوريين لإعلان معارضتهم وانتقاداتهم للأداء الحكومي والفساد داخل النظام. ويتألف مشروع القانون من 47 مادة، تهدف إلى تقييد النشر عبر الإنترنت، حيث تصل عقوبات بعض الجرائم إلى سبع سنوات حبس، وغرامات تصل إلى عشرة ملايين ليرة سورية (نحو 2830 دولاراً).
وأثار مشروع تعديل القانون، لغطاً بين السوريين، لمحاولته سد أي ثغرة تتسرب منها معلومات عن الواقع في الداخل السوري، والأوضاع المعيشية القاهرة التي يعاني منها الجميع، في ظل فساد حكومي مستشرٍ وقبضة أمنية خانقة.
ويأتي الإعلان عن إقرار تعديل مشروع تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، في وقت تشهد فيه البلاد، احتقاناً كبيراً، على خلفية قرار الحكومة برفع الدعم عن شرائح واسعة من السوريين، وخروج مظاهرات احتجاجية في محافظة السويداء ومناطق أخرى متفرقة يجري التعتيم عليها، مع ملاحقة أي صحافي أو موقع يتحدث عنها.
وشهدت منطقة الساحل الأسبوع الماضي، ملاحقة أمنية للصحافي كنان وقاف، لانتقاده رئيس الجمهورية وقرار رفع الدعم وإشارته لخروج مظاهرات احتجاجية. وقد قام الصحافي وقاف ببث فيديو يوصي بالعناية بأطفاله في حال تم القبض عليه، ليختفي بعدها، في ظل أنباء غير مؤكدة عن اعتقاله بعد وقف التداول بقصته في مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم وجود قانون إعلام يخضع له النشر الإلكتروني، أصدرت دمشق قانون يقيد النشر الإلكتروني عام 2012، اتبعته نهاية عام 2021، بمشروع تعديلات يشدد العقوبات على جرائم النشر التي ستطال أي منتقد للنظام والموظفين عبر الشبكة. وأشد العقوبات تتعلق بـ«النيل من هيبة الدولة» أو من «هيبة الموظف العام». كما يلزم مشروع القانون الجديد وضع جميع المعلومات الموجودة لدى أي مقدم خدمة، أو مستخدم للمواقع، تحت تصرف السلطات.
وحدد القانون جرائم مقدمي الخدمات على الشبكة، بينها إفشاء المحتوى الرقمي أو بيانات الحركة، وعقوبتها الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، وغرامة تبدأ من ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين ليرة. ويعاقب بالسجن المؤقت خمس سنوات مع غرامة سبعة ملايين ليرة سورية، إذ تعلق الإفشاء بمعلومات تخص هة عامة. كما يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة من مليوني ليرة إلى خمسة ملايين ليرة، مقدم خدمات الاستضافة أو التطبيقات على الشبكة، الذي يمتنع عن حذف محتوى رقمي «غير مشروع أو تعديله أو تصحيحه».
ويعاقَب بالسجن المؤقت من ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من مليونين إلى أربعة ملايين ليرة سورية، كل من قام في إحدى وسائل تقانة المعلومات، «بنشر أخبار كاذبة على الشبكة من شأنها النيل من هيبة الدولة، أو المساس بالوحدة الوطنية وإثارة الرأي العام». والسجن من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 500 ألف إلى مليون ليرة، كل من ينال من شرف موظف عام، أو «كرامته» في معرض ممارسته لوظيفته.
يشار إلى أنه اعتُقل كثير من الصحافيين داخل سوريا، منذ عام 2019 بتهم النيل من هيبة الدولة، كما تم وقف نشاط كثير من المواقع الإخبارية الموالية للنظام لتحولها بعد انحسار العمليات الحربية إلى انتقاد الحكومة، كما تتم ملاحقة المتعاونين مع المواقع المعارضة في الداخل بتهم «نشر أنباء كاذبة توهن عزم الأمة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.