قبل أقل من شهر على إتمام الشغور في سدة رئاسة الجمهورية عامه الأول، يكثّف عدد من المسؤولين اللبنانيين جهودهم بقرع أبواب الدول الكبرى والمعنية للمساعدة في إتمام الانتخابات الرئاسية بعد تعذر تحقيق تفاهمات داخلية وبالتحديد توافق مسيحي - مسيحي يُخرج الاستحقاق من عنق الزجاجة.
وبينما كان المرشحون للرئاسة قبل عام ينكبون على إعداد خطط لتعبيد الطريق أمامهم إلى القصر الجمهوري في منطقة بعبدا شرقي بيروت، وهي خطط أثبتت إلى حد بعيد فشلها، يبدو هؤلاء راضخين اليوم لفكرة أن الطابة خرجت من الملعب الداخلي وباتت في المسرح الإقليمي - الدولي المتشعب، وها هم ينتظرون اليوم كيفية تطور الأمور ميدانيا في الساحات المتاخمة المشتعلة ليقيسوا على أساسها حظوظهم بالرئاسة.
ولا يزال المرشحان، وبشكل رسمي وعلني لمنصب رئيس جمهورية، اثنين فقط هما سمير جعجع رئيس حزب «القوات» الذي يدعمه فريق 14 آذار، وهنري حلو، النائب في كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. أما المرشح الذي آثر طوال الفترة الماضية عدم الخروج لإعلان ترشيحه رسميا، فهو رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، الذي يدعم ترشيحه فريق 8 آذار وعلى رأسه حزب الله.
وتضم لائحة المرشحين للرئاسة أيضا 3 أسماء أخرى، هي الوزير السابق جان عبيد، وقائد الجيش جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
ولعل اقتناع معظم هؤلاء المرشحين بطول أمد الأزمة الرئاسية، دفعهم للانصراف إلى اهتمامات داخلية أخرى، فإذا بعون يسخّر كل جهوده لخوض معركة التصدي للتمديد لقائد الجيش والدفع باتجاه تعيين صهره قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، قائدا للمؤسسة العسكرية، فيما يبدو أن جعجع استغنى عن مؤتمراته الصحافية التي اعتاد أن يعقدها بعيد كل جلسة انتخاب تفشل بمهمتها، لينصرف إلى حواره مع عون الذي لم يؤد وبعد أكثر من 4 أشهر على انطلاقه إلى أي نتائج عملية تُذكر طالما أن لقاء الزعيمين المسيحيين لم ينعقد بعد.
ويبدو أن هناك قرارا لدى أكثر من مسؤول محلي بالتحرك لطلب المساعدة الخارجية وبالتحديد لدى الدول الأكثر تأثيرا، لتسهيل عملية انتخاب الرئيس. فبعد أن جمع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي سفراء الدول الكبرى منتصف الشهر الحالي طالبا منهم السعي لدى الدوائر المعنية في دولهم لهذا الغرض، توجه إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث من المقرر أن يلتقي اليوم الثلاثاء الرئيس الفرنسي لحثّه على ممارسة المزيد من الجهود الدولية التي قد تسهم بانتخاب رئيس للبنان، علما بأنّه الرئيس المسيحي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل المساعي تتركز حاليا على محاولة وضع حد للشغور قبل أن يتم عامه الأول»، لافتة إلى «جهود أميركية في هذا الإطار تدعمها فرنسا تقوم على التواصل مع وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل (صهر عون)، لحثّه على إقناع عمّه بالتراجع عن تمسكه بالرئاسة لصالح رئيس توافقي مقبول من الأكثرية النيابية».
وبرز أخيرا الحراك الذي يقوم به زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، الذي زار واشنطن، ومن المقرر أن يصل إلى موسكو منتصف شهر مايو (أيار) المقبل. وفي هذا السياق، أشار نائب رئيس تيار «المستقبل» النائب السابق، أنطوان أندراوس إلى أن الحريري طلب المساعدة الأميركية بالتوصل لانتخاب رئيس من دون الخوض بالأسماء، لافتا إلى أن «الضغوط التي قد تمارسها روسيا على إيران في هذا المجال قد تكون أساسية للمساهمة بإسقاط الفيتو الإيراني عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني».
وقال أندراوس لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أنّه وفي حال نجح عون وجعجع بالتوافق على اسم الرئيس العتيد، فذلك يعيد الكرة إلى الملعب اللبناني، إلا أنه وللأسف فعون ليس المعطّل الأساسي بل مجرد أداة لدى حزب الله ومن خلفه إيران».
ولفت ما أعلنه، يوم أمس، النائب في تيار «المستقبل»، جمال الجراح، عن أن هناك «حراكا كبيرا لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، وهذا ما لمسناه من خلال زيارات الرئيس سعد الحريري إلى واشنطن وعدد من الدول العربية والغربية».
أما رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الممتعض من قرار معظم الكتل المسيحية عدم المشاركة في الجلسات التشريعية التي يدعو إليها في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، فوجّه سهامه، أمس، باتجاه البطريرك الراعي من دون أن يسميه، قائلا لزواره: «هناك من يجول في الخارج، كرؤساء طوائف، وآخرون يندبون على الرئاسة، فليسعَوا لدى طائفتهم وشارعِهم للتوفيق بين الأطراف لتحقيق هذا الهدف وانتخاب الرئيس، بدلا من وضع المسؤوليات عند رئيس الحكومة ورئيس المجلس والمجلس»، مشيرا إلى أن «المجلس النيابي لا يتحمل المسؤولية، فهم يتسببون بأمراض، ونحن نداويها».
دفع أميركي باتجاه حثّ عون على التراجع عن ترشحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية
المرشحون يعيدون ترتيب أوراقهم بانتظار ساعة الصفر
دفع أميركي باتجاه حثّ عون على التراجع عن ترشحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة