أوضاع الأسرى تهدد بانفجار كبير في الضفة الغربية

TT

أوضاع الأسرى تهدد بانفجار كبير في الضفة الغربية

على وقع الإجراءات النضالية المتأصلة للأسرى الفلسطينيين في جميع السجون الإسرائيلية، لليوم السادس على التوالي، حذرت أوساط سياسية وأمنية في تل أبيب من خطر انفجار كبير في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت هذه المصادر إن الفلسطينيين، الذي يبدون إحباطاً شديداً ولا يخرجون لساحات النضال الشعبي كما كانوا في زمن الانتفاضات، لا يستطيعون تجاهل قضية الأسرى. فهذه قضية تلقى تعاطفاً واسعاً وعميقاً ويمكنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع وربما تفجيره.
وحذرت هذه الأوساط من أن «حماس التي تحافظ على الهدوء في قطاع غزة، تسعى لاستغلال التراجع في شعبية السلطة الفلسطينية والتفسخ المتصاعد بسبب معركة الوراثة على مقعد الرئيس، لإحداث فوضى في الضفة الغربية. وأفضل محفز لذلك هو الوضع في السجون».
وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية، التي ما زالت تعيش عقدة فرار ستة أسرى فلسطينيين من سجن غلبواع في سبتمبر (أيلول) الماضي، قررت اتباع سياسة جديدة فيما يتعلق بظروف حبس الأسرى، لمنع عمليات فرار أخرى. وقررت عزل كل أسير يمكن أن يكون معنياً بالفرار، واتخاذ إجراءات رادعة لهم. فقررت عدم السماح بأن يتواجد في الزنزانة ذاتها أسرى يُعتقد أنهم قد يحاولون الفرار، وأن يتم نقل هؤلاء الأسرى من زنزانة إلى أخرى كل أربعة أشهر وليس مرة في نصف العام كما هو معمول به. وباتت تنفذ عمليات اقتحام للقوات الخاصة بوتائر عالية، كما جرى تقليل زيارات الأهل.
وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس، أن إدارة سجون الاحتلال دفعت بتعزيزات ضخمة من وحدات القمع خشية تمرد الأسرى عقب صلاة الجمعة، لأن الأسرى قرروا إغلاق الأقسام والامتناع عن الخروج للفحص اليومي وللساحات، في إطار معركتهم النضالية ضد سياسات إدارة سجون الاحتلال. وحذرت من انفجار شعبي لمساندة الأسرى في حال تفاقم صدامات.
وكانت الضفة الغربية قد شهدت، أمس، صدامات عديدة مع قوات الاحتلال بعد قمع المسيرات الأسبوعية السلمية. وأصيب عشرة مواطنين بالرصاص المطاطي والعشرات بحالات اختناق من الغاز. وواصل المستوطنون المتطرفون اعتداءاتهم على بلدات ومزارع فلسطينية.
وتظاهر عشرات النشطاء الإسرائيليين ضد الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين، عند حاجز زعترة العسكري المقام على أراضي المواطنين جنوب مدينة نابلس، ونددوا بممارسات المستوطنين، وطالبوا بوضع حد لاعتداءاتهم البلطجية، مؤكدين أنهم اختاروا التظاهر قرب زعترة كونها أكثر الأماكن التي تحولت إلى بؤرة استيطانية لممارسة العنف ضد الفلسطينيين.
وقالت الناشطة إيدي أرغوب من حركة «ننظر إلى عيون الاحتلال» إن «الناشطين يقومون أيضاً بالتظاهر على الجسور في مناطق عديدة من إسرائيل، لتذكير الكل الإسرائيلي أن الاحتلال قاتل، علماً بأن المتظاهرين يعانون من اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال أيضاً».
وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد بحثت في تبعات عملية اغتيالها ثلاثة شبان مسلحين في نابلس، لتقدير ما إذا كانت ستقود إلى انفجار شعبي. ورأى بعض الجنرالات أن الشبان الثلاثة يتبعون حركة «فتح»، وهذا تطور جديد يحتاج إلى إعادة تقييم. في البداية، اعتقدوا في إسرائيل أن هذه المسألة «هي حادث عابر لمرة واحدة» وكانوا يعتقدون أن الشبان الثلاثة نفذوا عمليات إطلاق رصاص على إسرائيليين بتكليف من حركة «الجهاد الإسلامي»، وليس من طرف «فتح» التي يقودها الرئيس محمود عباس (أبو مازن). لكن تصريحات أبو مازن خلال العزاء بالشهداء الثلاثة، فتحت عيونهم لتقييم آخر.
فقد انتشر تسجيل صوتي للرئيس عباس، مساء أول من أمس، يقول فيه: «لن نسمح بتكرار مثل هذه الجرائم، التي لا يمكن السكوت عليها... هذه مناسبة صعبة، هذه الأيام التي تمر بها مدينة نابلس باستشهاد الإخوة أدهم ومحمد وأشرف، ونعزي أنفسنا أولاً ونعزيكم جميعاً، ونعزي عائلات الشهداء والشعب الفلسطيني، وهذه جريمة قتل متعمدة قام بها الاحتلال ضد أبنائنا وشبابنا وأهلنا. سنرد الصاع صاعين، ولن نسمح بتكرار جريمة الاغتيال التي نفذها الاحتلال الصهيوني الغاشم في نابلس. لقد صبرنا 70 سنة ولكن نفد صبرنا».
ويخشى الإسرائيليون أن تكون هذه إشارة من عباس للرد على العملية، مؤكدين أن لديهم قائمة بأسماء عدد آخر لشبان من حركة «فتح» ينوون تنفيذ عمليات مسلحة والشاباك الإسرائيلي مصرّ على اعتقالهم أو تصفيتهم.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.