أوكرانيا واحدة من القضايا الحساسة بين موسكو وأنقرة التي تدعم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتعارض بشدة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014 باسم حماية الأقلية التتارية الناطقة باللغة التركية. وتصاعد التوتر مؤخراً بين تركيا وروسيا بعدما انتقدت موسكو أنقرة لإمدادها كييف بطائرات مسيرة مسلحة تستخدم ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. وحاول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن يظهر أنه يسمع «المخاوف المعقولة» التي أعربت عنها روسيا بشأن توسيع حدود الناتو منذ سقوط الاتحاد السوفياتي السابق. لكن المحللين يرون أن موسكو ليست مهتمة بالوساطة التركية، إذ يريد بوتين قبل كل شيء أن يعامل على قدم المساواة مع واشنطن.
ولهذا يقوم إردوغان بوساطة بين حليفه الأوكراني وروسيا لتجنب نزاع قد يلحق ضررا ببلده أيضاً، وذلك خلال زيارته التي بدأها لكييف أمس الخميس. ويشدد إردوغان الذي يتولى الحكم منذ نحو عشرين عاما لكنه يواجه صعوبات داخلية بسبب أزمة اقتصادية حادة، على عضوية بلاده في حلف (ناتو) وعلاقاتها الجيدة مع كييف الشريك التجاري لأنقرة، في مساعي وساطته التي يأمل في إشراك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيها. ويفترض أن يشارك إردوغان في كييف في منتدى اقتصادي يتوقع أن يعلن خلاله رئيسا الدولتين عن اتفاق للتجارة الحرة بينما بلغت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين ستة مليارات دولار في الأشهر الـ11 الأولى من 2021.
وأكد الرئيس التركي في نهاية الأسبوع الماضي أنه «بصفتنا عضوا في الناتو لا نريد حربا بين روسيا وأوكرانيا ستكون نذير شؤم للمنطقة»، داعيا إلى «حل سلمي» للأزمة. وجدد إردوغان الأسبوع الماضي عرض خدماته، مؤكدا أنه عبر «جمع الزعيمين في بلدنا يمكننا فتح الطريق لعودة السلام».
وحتى الآن، اكتفى بوتين بشكر نظيره التركي على دعوته لكنه أشار إلى أنه سيرد «عندما يسمح الوباء وجدول أعماله بذلك».
حذر الرئيس الروسي نظيره التركي في ديسمبر (كانون الأول) من «استفزازات» كييف التي يرى أنها تحاول تعطيل اتفاق السلام بين البلدين عبر تحركات عسكرية باستخدام طائرات مسيرة قتالية تركية. وهي الطائرات نفسها التي لعبت مؤخراً دورا حاسما لصالح حلفاء تركيا الأذربيجانيين في ناغورني قره باغ.
وبينما يتوافد الزوار الغربيون على كييف لدعم الرئيس الأوكراني، أكد زيلينسكي الأربعاء أنه لا يريد سوى «السلام» مشددا في الوقت نفسه على حقه في الدفاع عن النفس ضد مخاطر غزو روسي. وتخشى الحكومة الأوكرانية أيضاً من أن تؤثر الشائعات عن غزو وشيك على المستثمرين الذين يحتاج إليهم الاقتصاد الوطني بشدة.
من جهته، يحتاج إردوغان أيضاً إلى أن ينشط على الساحة الدبلوماسية لتجاوز الوضع السيئ الذي تواجهه حكومته قبل أقل من 18 شهرا من الاستحقاق الرئاسي المقبل في 2023.
وقال آرون شتاين مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أنقرة تسعى للحفاظ على علاقات وثيقة مع موسكو وكييف»، موضحا أنه «في الوضع الحالي، يسعى إردوغان إلى القيام بما تعرف حكومته فعله: عرض وساطة». ويأتي ذلك بينما تم تهميش تركيا في الحلف الأطلسي منذ حصولها على منظومة الصواريخ الروسية «إس - 400».
إردوغان يزور حليفته كييف لمحاولة وساطة من دون أن يغضب بوتين
إردوغان يزور حليفته كييف لمحاولة وساطة من دون أن يغضب بوتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة